التطوع بالخبرة .. مبادرة نوعية

‏عرف مجتمعنا التطوع بالخبرة منذ وقت ليس بالقصير، فمن يجيد العناية بالنخيل كان يتطوع ويساعد جيرانه في مواسم العناية بالنخلة، ومن يملك خبرة في بناء المنازل بالطين ويسمى آنذاك (ستاد البناء) يقدم هذه الخبرة مجانا لجيرانه عند إنشاء مساكنهم.. ومن يجيد تدريس القرآن الكريم يدرس الطلاب مجانا. وتطورت أساليب تقديم الخبرة أو الفزعة في مجتمعنا؛ لتصل إلى خبرات منوعة في الإدارة والتدريس وتطوير الذات وإعطاء المشورة لمن يستعدون لدخول مراحل دراسية أو أعمال جديدة.. ويقوم بذلك من لديهم خبرات في هذه المجالات. لذا اقترحت سابقا أن تستعين جامعاتنا بالمتقاعدين من الموظفين ورجال الأعمال لمساعدة الطلاب على اختيار التخصصات المناسبة لسوق العمل في الوقت الحاضر وفق مهارات الطلاب وقدراتهم. وأطلق وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية المهندس أحمد الراجحي، الأسبوع الماضي، مبادرة موجهة للقيادات والخبراء تحت شعار (تطوع بخبرتك). ولا شك أن هذه المبادرة تعد نوعية بكل المقاييس؛ كونها تعمل على تفعيل دور المتطوعين لتقديم الحلول المتخصصة للتحديات التي تواجه مختلف فئات المجتمع.. مع تعزيز أنواع التطوع الاحترافي لدعم المنظمات غير الربحية والجمعيات الأهلية ورواد الأعمال من الشباب والفتيات على أساس الاستفادة من خبرات من يتطوع بإعطائهم خلاصة خبرته للتغلب على التحديات التي تعترض طريقهم لتحقيق أهدافهم. وأكد الوزير الراجحي، أن هذه المبادرة تأتي تتويجا لمسيرة الجهود التطوعية داعيا الخبراء والمتخصصين إلى استكمال جهودهم لأثر يمتد وعمل يتواصل. وكان وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية أول المتطوعين في مبادرة (تطوع بخبرتك)، كما شارك عديد من الأمراء والوزراء والمسؤولين والمختصين بتقديم خبراتهم على مدى يومين كاملين. وعلى الرغم من أهمية هذه المبادرة، فإنها لم تجد الاهتمام الإعلامي المناسب؛ كونها قد أطلقت في وقت تزدحم فيه الأحداث من سياسية ورياضية، ولو أطلقت في وقت لم يتزامن مع هذه الأحداث لوجدت حضورا أكبر وتغطية إعلامية أفضل، والمقترح أن تطلق المبادرة في أكثر من منطقة على امتداد مدن ومحافظات بلادنا الغنية بأصحاب الخبرات المتنوعة.
وأخيرا: يعد العمل التطوعي من أهم محاور "رؤية 2030" ضمن برنامج التحول الوطني الذي يستهدف استقطاب مليون متطوع ومتطوعة خلال سنوات الرؤية، ولذا دشنت منصة العمل التطوعي التي تهدف إلى ربط الراغبين بالتطوع مع الجهات التي لديها فرص تطوعية في المنظمات الحكومية وغير الربحية.. والأهم بناء ثقافة العمل التطوعي عن طريق إطلاق المبادرات وعقد المؤتمرات والندوات وتشجيع البحوث والدراسات ذات العلاقة وتعزيز المسؤولية الاجتماعية لدى أفراد المجتمع الذي عرف بحب العمل التطوعي منذ عصر الآباء والأجداد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي