حبل الكذب قصير

يقول برناردشو "الأيام أفضل جهاز لكشف الكذب".
بعض الذين يجيدون صناعة الكذب يعتقدون أنهم في مأمن من اكتشاف أكاذيبهم للآخرين، لكن الأيام تثبت لنا دوما أنها لهم بالمرصاد مهما كانوا بارعين في حبك الأكاذيب. من لا تخيفه الحقائق ويثق بنفسه جيدا فليس بحاجة لأن يفكر بكذبة يخفي فيها أمر ما حتى ولو كانت تلك الكذبة من النوع التي يطلق عليها "كذبة بيضاء". الكذب بمجمله قائم على تزييف الحقائق والخداع ونسج أحداث غير صحيحة للوصول إلى نتيجة ما. صديقة لي أخبرتني أن زميلتها في العمل أخذت إجازة وأخبرت جميع زميلاتها أنها ستسافر إلى سويسرا للسياحة مع زوجها، وكانت كل يوم تبعث صورا رائعة عن سويسرا وذات مساء خرجت صديقتي لكوفي هي وأبناؤها، وشاهدت تلك الزميلة نفسها التي ادعت أنها في سويسرا في الكوفي، والمثير للسخرية أنها كانت ترسل رسائل للقروب في الوقت نفسه وهي تشرح لهم سحر الريف السويسري. تذكرت أشهر الكذبات التي انتشرت في مجتمعنا قبل أعوام مثل كذبة الزئبق الأحمر التي ادعى مطلقها عن وجوده في مكائن الخياطة "سنجر"، حتى وصل سعر الواحدة منها إلى 80 ألف ريال، ما دفع بالكثيرين لشرائها لتظهر لاحقا الحقيقة أن الأمر كان مجرد كذبة، والكذبة الأخرى الشهيرة هي ظهور طفلة صغيرة اسمها سارة إبراهيم ادعت أنها مصابة بالسرطان، وانتشرت صورها في تويتر وتعاطف معها المجتمع بجميع أطيافه، بل إن الكثيرين قاموا بحلاقة رؤوسهم تضامنا مع شعرها الذي تساقط من العلاج الكيماوي، كما أن البعض قام بمساعدتها ماديا ليكتشف المجتمع فيما بعد أن الصورة تعود إلى طفلة أمريكية مصابة بالسرطان، وأن سارة لا وجود لها في الحقيقة، وأن شخصا كاذبا كان يقوم بإدارة الحساب لاستغلال تعاطف الناس والتكسب منهم.
اليوم تعود موجة الكذب بقوة من خلال بعض الأشخاص الذين يبحثون عن الشهرة في وسائل التواصل الاجتماعي فيستغلون مشاعر المتابعين بالتأثير فيهم بأكاذيب مضللة، بهدف زيادة "الفلورز" وبالتالي ارتفاع المشاهدات الذي سيؤدي إلى ارتفاع قيمة إعلاناتهم، ما يجهله هؤلاء أن التاريخ لم يسجل من قبل كذبة انطلت للأبد على الناس، هناك مثل مصري جميل يقول "امشي عدل يحتار عدوك فيك"، أي لا تصنع نقاط ضعفك بنفسك فيدخل من خلالها عدوك فيدمرك بها.
وخزة:
حتى تلك الكذبات البيضاء التي زرعها أهالينا في عقولنا لإخافتنا حين كنا صغارا كحمارة القايلة والشيفة والسعلوة كبرنا وعرفنا أن كانت مجرد أكاذيب.. كل الأكاذيب ستنكشف يوما!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي