«خلك مرتاح»
من المفاهيم المجتمعية المغلوطة التي مع الأسف تعد سائدة في معظم المجتمعات العربية هي أن الإنسان حين يتجاوز الـ60 أو الـ70 من عمره، فعلى من حوله أن يقوموا بخدمته حتى بأبسط المشاوير اليومية، كشراء احتياجات البقالة ومرافقته في مراجعاته الروتينية وتوصيله بالسيارة إلى المسجد أو لأصدقائه، وربما بالغ البعض في التشديد على "خلك مرتاح" حتى في أبسط الوظائف المنزلية، فيظنون أنه من عدم الرحمة والبر أن يقوم كبير السن بسقي الحديقة المنزلية أو حديقة الرصيف وإصلاح الأعطال البسيطة المفاجئة التي قد تحدث، وربما خجل البعض إن رأى أحدهم والده وهو يذهب بملابسه للمغسلة أو يعبئ سيارته بالوقود... أما المرأة حين تتعدى الـ60 فغالبا ستتكرر هذه الكلمة كثيرا على مسامعها حتى تؤمن أن كل حركة تقوم بها ستشكل خطرا على حياتها، "خليك مرتاحة" ستسمعها من بناتها حين ترغب في صنع الأكل وتنظيف المنزل وغسيل الملابس، وستسمعها من زوجات أبنائها وبنات أخواتها وأحفادها حين تهم بالوقوف للسلام عليهم، وستسمعها حين تذهب مع قريباتها إلى الأسواق والمطاعم "خليك مرتاحة" نحن نحضر لك ما تريدين. هذا المفهوم الخاطئ "خلك مرتاح"، يسهم في درجة كبيرة في ترسيخ فكرة أن كل شخص تجاوز الـ60 والـ70 هو شخص عبرت فوقه كل حيوية الحياة ونشاطها ولم يعد يتبقى أمامه سوى الاستلقاء طوال الوقت في سريره أو على كرسيه، وانتظار لحظة النهاية والتدثر برداء الكسل والخمول ومطالعة التلفاز 24 ساعة.
في 2019 حصلت جوليا هوكينز التي تبلغ 103 أعوام الملقبة بالإعصار على بطولة الكبار الوطنية في أمريكا لتجاوزها 100 متر ركضا في 46 ثانية فقط، وقالت إن حرصها على المشي بشكل يومي ونمط حياتها المفعم بالنشاط وعلاقاتها الاجتماعية الجيدة أسهمت في احتفاظها بلياقتها بالنسبة إلى شخص تجاوز 100 عام، وفي دراسة أجرتها جامعة في أستراليا خلصت نتائجها إلى أن الأجداد الذي يرعون أحفادهم في ظل غياب الأهل بوظائفهم ويتسم روتين حياتهم بالحركة والقيام بالأعمال المنزلية، عاشوا بسعادة وصحة أكثر من 50 في المائة من هؤلاء الذين كانوا يستلقون على "الكنبة" ويكتفون بمشاهدة التلفاز فقط.
لا تقتلوا كبار السن بإيهامهم أن النشاط والرياضة والحركة المستمرة تشكل خطرا عليهم، بل ساعدوهم ليمارسوا رياضة المشي والجري والحفاظ على لياقتهم، شجعوهم على إحياء علاقاتهم الاجتماعية والسفر والاستمتاع بالحياة.
وخزة:
مفاهيم العالم الحديث تغيرت فحسب تصنيف منظمة الصحة العالمية فإن 25 - 65 شباب، و66 - 79 متوسطو العمر!