Author

مدينة خلاقة .. ابتكارية وإبداعية

|

رسمت رؤية المملكة 2030 النشاط والتفاعل غير الربحي المعزز للأعمال الخيرية ضمن استراتيجيتها وأولوياتها، ووفرت له الأفكار والمبادرات والأدوات، كما ساعدت على نشر ما يمكن اعتباره ثقافة الأعمال غير الربحية، الأمر الذي أوجد في الواقع قطاعا نادرا بل فريدا من نوعه على الساحة العالمية. وهذا النوع من الحراك له عوائده غير المحدودة، نظرا لارتباطه الوثيق بالقنوات التي ترفد المحتاجين هنا وهناك، وتعزز الفهم العام في هذا الميدان، فضلا عن أن مثل هذه العوائد تضيف مزيدا من قوة الدفع في ساحة لها روابطها الاقتصادية والاجتماعية المباشرة. ووضعت الحكومة السعودية هذا الأمر على رأس أولوياتها، ووفرت له كل الإمكانات اللازمة ليس فقط لتنفيذ مبادرات محددة، خلال فترات زمنية معلومة، بل لتمكين العمل الخيري والاستثمارات الخيرية إن جاز القول على الساحة المحلية، فضلا عن تلك التي تقوم بها المملكة منذ عقود على الساحات الخارجية.
من هذا المفهوم، جاء إعلان الأمير محمد بن سلمان ولي العهد إطلاق مشروع مدينة الأمير محمد بن سلمان غير الربحية. هذه المدينة ستكون ببساطة الأولى في العالم من حيث اختصاصها وطبيعتها، وستكون نموذجا جديدا لتطوير القطاع غير الربحي عالميا. أي أن لها بعدها الدولي المباشر، وتدخل في الأساس ضمن جهود السعودية في طرح المبادرات، كجهة عالمية اتخذت زمام المبادرة بحكم وجودها في محافل دولية أساسية، وعلى رأسها مجموعة العشرين. ومثل هذه المبادرات لا تحاكي مشروعا بعينه أو برنامجا خاصا، بل تستهدف تطوير وتقوية هذا القطاع، ورفده الدائم بالابتكارات المطلوبة.
أول مدينة غير ربحية في العالم، تسعى إلى تحقيق مستهدفات "مسك الخيرية"، في دعم الابتكار وريادة الأعمال وتأهيل قيادات المستقبل، إلى جانب كونها حاضنة لعديد من المجاميع الشبابية والتطوعية، والمؤسسات غير الربحية المحلية والعالمية. إنها مدينة متكاملة في ميدان يتطلب التطوير الدائم، بما يتناسب مع الاستحقاقات والتحولات. والساحات ضمن المدينة غير الربحية متعددة، وتوفر التعليم والتأهيل، بما في ذلك تبني مفهوم التوأم الرقمي على عديد من الأكاديميات والكليات ومدارس "مسك"، إلى جانب مركز للمؤتمرات ومتحف علمي ومراكز إبداع وغير ذلك، ما يسهم في تحقيق قفزات نوعية سريعة، للمساهمة المباشرة في تحقيق المستهدفات المطلوبة. ومن أهم الجوانب بالفعل لهذه المدينة المبتكرة، أنها تمكن الشباب السعودي في مجالات مرتبطة مباشرة بالعمل الخيري عبر التأهيل ودعم الابتكار. بمعنى آخر صناعة قيادات المستقبل. وهذا أحد مستهدفات الرؤية الخاص ببناء الكوادر السعودية في كل ميدان تنموي واستراتيجي يرتبط مباشرة بمسيرة التحول التاريخية التي تمر بها البلاد.
ولأن الاستثمار في قدرات جيل الشاب الابتكارية أحد عوامل نجاح مشاريع الأعمال الريادية، والاقتصاد بوجه عام، جاءت مدينة الأمير محمد بن سلمان لتعزز من مهارات الجيل، وتؤهلهم إلى امتلاك مقومات الإبداع التكنولوجي.
وساحة أخرى جديدة لتعزيز ما أصبح حاليا الشغل الشاغل للعالم، وهو الحفاظ على المناخ، لذلك اهتمام المدينة لم يتوقف عند مجال دون آخر، إذ جاء الحفاظ على البيئة في صلب أهدافها، من خلال تخصيص جزء كبير منها كمساحة خضراء. أي أنها تدخل أيضا ضمن الاستراتيجية السعودية المحلية والعالمية الخاصة بالحفاظ على البيئة عموما. ستضيف المدينة غير الربحية للعالم قيمة أخرى جديدة، تليق بدور السعودية على مختلف الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وينتظر أن تصبح مثالا يحتذى من حيث فكرتها الأساسية التي جلبها الحراك الابتكاري الذي يسود البلاد منذ أعوام.

إنشرها