Author

ارتفاع أسعار المنازل وتحديات السوق العقارية

|
متخصص في المعاملات المالية، مستشار في المالية الإسلامية ـ الجامعة السعودية الإلكترونية
السوق العقارية في المملكة تطورت بشكل ملحوظ خلال الفترة الماضية، بإحداث مجموعة من المتغيرات التي تهدف إلى تسهيل عملية تملك المساكن للمواطنين، ووضع التشريعات التي تعزز من زيادة عرض قطع الأراضي السكنية، حيث تم فرض رسوم على الأراضي غير المستغلة من خلال مراحل تهدف إلى جعل ملاكها يبادرون بصورة أكبر إلى عرض مزيد منها أو تطويرها وبيعها لتحقيق التوازن بين العرض والطلب في السوق العقارية، إلا أنه من الملاحظ خلال الفترة الماضية أن السوق العقارية أصبحت تشهد ارتفاعات يرى كثير من المراقبين أنها مبالغ فيها باعتبارها زادت بنسب عالية مقارنة بعام 2020.
ووفقا لبيانات تقرير دولي حديث عن أسواق العقارات، "تشهد العاصمة الرياض، ومحافظة جدة المطلة على البحر الأحمر، ارتفاعا في قيمة الشقق 17 و12 في المائة على التوالي خلال الـ12 شهرا الماضية، والمتابع للسوق العقارية يجد أن كل مكونات العقار أصبحت الأسعار فيها اليوم مرتفعة على الرغم من وفرة المعروض ووجود مشاريع جديدة ومتنوعة في السوق العقارية".
ارتفاع أسعار العقار في هذه المرحلة يعد تحديا كبيرا للسوق باعتبار أن عناصر هذه الارتفاعات ليست واحدة، حيث إن الارتفاعات تعزى إلى مجموعة من الأسباب، منها ارتفاع تكلفة البناء والقوى العاملة في هذا القطاع، كما أن المواد التي تدخل في مراحل البناء تشهد هي أيضا اليوم ارتفاعا ملحوظا، ويأتي ذلك مع الارتفاع الكبير في أسعار الأراضي، الذي بدوره قد يجعل المطورين العقاريين يترددون في الاستثمار في هذه المرحلة باعتبار أن فرص تحقيق عوائد مجدية تتقلص بسبب هذه العوامل، ما سيؤدي إلى انخفاض محتمل في المعروض من الوحدات السكنية، ويضاف إلى هذا وذاك المعايير الجديدة للبناء، التي تتطلب تكلفة إضافية تتعلق بالتأمين والمستشار الهندسي وارتفاع تكلفة التنفيذ باعتبارها تتطلب مقاولا أكثر احترافية وقدرة على تنفيذ هذه المعايير، وهي في الواقع حاجة، إلا أنها تزامنت مع المتغيرات التي تشهدها السوق حاليا.
في ظل وجود هذه المتغيرات، هناك رغبة أكبر من قبل الشباب الذين لا يملكون مساكن حاليا في البحث عن فرص للتملك، من خلال زيادة الخيارات لتقليل التكلفة عليهم مقابل تملك المسكن بأسعار مناسبة توفر احتياجاتهم وغير مبالغ فيها أو تفوق قدرتهم الشرائية، وهنا يمكن النظر إلى مجموعة من الحلول، حيث نجد إن صندوق الاستثمارات العامة استهل مشاريعه النوعية في قطاع الإسكان من خلال ذراعه الاستثمارية "روشن" في المخطط الجديد "سدرة"، ومثل هذه المشاريع ينبغي أن تكون نموذجا للمطورين العقاريين ويتم استغلال المساحات بصورة أكثر مثالية بما يخفف من تكلفة الوحدات العقارية ويحقق حياة متكاملة للساكنين، ومثل هذه المشاريع النوعية ستكون الاختيار الأمثل للأسر باعتبارها توفر حياة متكاملة لها، خصوصا الأطفال، وهي أكثر أمانا لهم من الخيارات المتاحة حاليا.
من الخيارات التي يمكن العمل عليها، البيوت المستخدمة، التي يباع بعضها حاليا بقيمة الأرض، وهذه المنازل يمكن ترميمها بطريقة تناسب احتياجات الأسرة، وإيجاد حلول لها لتتلاءم مع معايير البناء الحديث، كما أن هذه الأحياء تتمتع ببنية تحتية جيدة تتوافر فيها الخدمات بشكل أفضل من بعض الأحياء التي أصبحت خيارا اليوم لكثير من المواطنين، واستغلال هذه الأحياء والمساكن يوفر كثيرا في تكلفة البناء على المواطن، بما في ذلك تكلفة المواد وإيصال الخدمات لتلك الوحدات السكنية.
التضخم اليوم في الأسعار أصبح مشكلة عالمية تعانيها حتى الدول المتقدمة اقتصاديا بعد أزمة كوفيد - 19، وبالتالي فإن ارتفاع تكلفة تملك المساكن في ظل ارتفاع تكلفة السلع الأخرى قد يجعل تملك المسكن في هذه المرحلة فيه شيء من الصعوبة، وهنا من الأهمية العمل على مجموعة من الحلول، ولعل منها أيضا خيارات الترشيد في تكلفة البناء.
فالخلاصة، إن التحديات التي تواجه السوق العقارية وفرص تملك المواطنين، متعددة ومتنوعة، ومن هنا تأتي أهمية العمل على حلول مناسبة تعزز من فرص تملك المساكن بتكلفة مناسبة، ومن تلك الخيارات التحول إلى المشاريع النوعية، مثل مشاريع شركة روشن الحالية، وذلك من خلال تكتلات للمطورين العقاريين، كما أنه من المهم التركيز بشكل أكبر على الدراسات الخاصة بالمنازل منخفضة التكلفة.
إنشرها