أزمات اقتصادية ومالية تعصف بلبنان «2 من 2»

تظهر البيانات التي أسفر عنها المسح أن 61 في المائة من الشركات العاملة في الاقتصاد الرسمي التي شملها المسح قد خفضت عدد العمال الدائمين لديها بنسبة 43 في المائة في المتوسط. كما تجدر الإشارة إلى أن نسبة أقل من الشركات الصغيرة قلصت عدد موظفيها مقارنة بالشركات المتوسطة والأكبر. وقد يكون السبب في هذا هو اختلاف طبيعة العلاقة بين المديرين والعمال، أو حقيقة أن الشركات الصغيرة ربما لديها مرونة أقل في تقليص الإنتاج. ومن المتوقع أن تكون الآثار أشد وأسوأ على الشركات العاملة في الاقتصاد غير الرسمي والشركات الرسمية متناهية الصغر التي لم يشملها المسح.
علاوة على ذلك، من المرجح أن تؤدي الأزمات المتعددة إلى ضياع التحسن الذي تم تسجيله في مجال التمكين الاقتصادي للمرأة، إذ يزيد صافي فقدان الوظائف بين النساء في المتوسط خمس نقاط مئوية عن مثيله بين الرجال.
وهذا في سياق تمثل فيه النساء نسبة تقل عن ثلث العدد الإجمالي للعاملين بدوام كامل في الشركات التي شملها المسح. وقد تؤثر الأزمات في إمكانية حصول النساء على فرص اقتصادية بطرق مختلفة. وعلى سبيل المثال، فقد جعل إغلاق المدارس بسبب الجائحة من الصعب على النساء التوفيق بين مسؤولياتهن الخاصة بالعمل والرعاية. كما تأثرت ريادة أعمال النساء أيضا في عام 2020، حيث اضطرت مؤسسات أعمال كثيرة مملوكة لنساء أن تغلق أبوابها بسبب الجائحة.
ولجأت شركات قليلة نسبيا إلى تدابير أخرى لتعديل أوضاع العمال مثل خفض الرواتب أو المزايا أو ساعات العمل. فقد خفضت 13 في المائة من الشركات الرواتب بنحو 45 في المائة فيما زادت 29 في المائة من الشركات رواتب موظفيها بنحو 40 في المائة. ويمكن تفسير هذا برغبة أرباب العمل في التعويض عن الانخفاض السريع في قيمة العملة المحلية، ومن ثم نقصان قيمة الرواتب. وكانت هذه الزيادات الاسمية سلبية بالقيمة الحقيقية في ضوء تجاوز معدل التضخم 100 في المائة خلال هذه الفترة. وبسبب هبوط العملة اللبنانية بشكل حاد، هوى الحد الأدنى للأجور البالغ 675 ألف ليرة لبنانية (ما يعادل 450 دولارا وفق سعر الصرف الرسمي) من حيث القيمة إلى ما يعادل 34 دولارا حسب سعر صرف السوق السوداء والبالغ 20 ألف ليرة للدولار في (أغسطس) آب 2021.
لكن ماذا بعد؟ رغم الأوضاع المروعة في لبنان، فإن نتائج المسح تشير إلى أن بعض الشركات - وليس كثير منها - قد شهدت تحسنا في الأداء إلى حد ما وأوجدت وظائف جديدة. إن لبنان من أكثر الدول استيرادا في العالم من حيث صافي الواردات، ومع أزمة العملة اضطر الناس إلى التحول إلى استخدام منتجات مصنوعة محليا. وقد أتاح هذا للشركات - العاملة بشكل أساسي في قطاع الأغذية والصناعات الغذائية - توسيع إنتاجها أو تنويعه كبديل عن الصادرات، وإلى زيادة فرص التوظيف.
وسيتابع فريق البنك الدولي بحوثه بإجراء مسحين آخرين لتتبع كيف استمرت الشركات في التكيف مع هذه الأوضاع. وقد أتيحت الجولة التالية من النتائج في (أكتوبر) تشرين الأول 2021، ومن المتوقع أن تكون الجولة الثالثة بنهاية عام 2021. وسنقوم أيضا بتحليل الشواهد والأدلة لنرى كيف يكون الوضع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي