استخدام الفحم للطاقة ضرورة حتمية «2 من 2»

إذ يجب علينا أيضا معالجة الملوثات التي تنطلق من المحطات الكهربائية القائمة التي تعمل بطاقة الفحم الحجري. وتتطلب هذه المهمة إرادة سياسية وموارد مالية كبيرة تتجاوز إغلاق محطات الفحم، وإعادة تجهيزها بتقنيات احتجاز الكربون أو استخدام أنواع من الوقود أخرى خفيفة ولا يوجد نهج واحد يصلح لجميع الحالات، لأن الكثير يتوقف على القوانين المحلية، وتعاقدات معينة، وخيارات التمويل المتاحة. وإحداث تحول كامل لمنطقة منتجة للفحم عملية طويلة قد تستغرق عقودا. ويلزم اتخاذ خطوات لدعم وإعادة تدريب العمال وعائلاتهم الذين تعتمد أرزاقهم على أنشطة التعدين والشحن وإحراق الفحم. وستحتاج المجتمعات المحلية ومنشآت الأعمال أيضا إلى المساعدة لتغطية تكاليف تنظيف التلوث ومعالجة الآثار البيئية الناشئة عن إخراج محطات الفحم من الخدمة. وتظهر مبادرات في الآونة الأخيرة في تشيلي وبولندا كيف أن مؤسسات التمويل الإنمائي يمكنها العمل مع الجهات الرئيسة صاحبة المصلحة للتخلص تدريجيا من محطات توليد الكهرباء التي تعمل بالفحم وفي الوقت نفسه معالجة الآثار الاجتماعية والصحية السلبية.
ويجب أن يأتي إلغاء أنظمة الدعم الضارة على رأس أولوياتنا: فعلى الرغم من آثار التلوث الخطيرة للفحم، فإنه يتلقى دعما مكثفا. وفي 2020، تلقت صناعة الفحم دعما قيمته 18 مليار دولار، وهي أموال يمكن إنفاقها على نحو أفضل على تقنيات أخرى، وتحسينات لشبكة الكهرباء، ومساعدة صناعة الفحم على إعادة تدريب العاملين بها للقيام بمهن جديدة.
ويمكن الإسراع بعملية التحول بعيدا عن الفحم بتهيئة أسواق شفافة وتنافسية لإنتاج الكهرباء، ولا يمكن التخلص تدريجيا من محطات توليد الكهرباء التي تعمل بالفحم المسببة للتلوث ما لم تتوافر مصادر أخرى لتوليد الكهرباء مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الكهرومائية والطاقة النووية - وتكون على استعداد لشغل هذا الفراغ. وفي المسار الذي تضمنته خريطة الطريق التي أصدرتها في الآونة الأخيرة وكالة الطاقة الدولية للوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول 2050، يقفز إجمالي الاستثمارات المطلوبة في مجال الطاقة في العالم من أقل من تريليوني دولار حاليا إلى خمسة تريليونات دولار بحلول 2030.
وستكون استثمارات القطاع الخاص حيوية في تمويل مصادر الطاقة الأنظف التي تحل محل الفحم، لكن يجب على واضعي السياسات أخذ زمام المبادرة في تعبئة وتحفيز هذه الزيادة الهائلة للاستثمارات. ويمكن أن يساعد ابتكار أدوات مالية ترتبط بالاستدامة وتدعم التحول في مجال الطاقة على فتح سبل جديدة من خلال أسواق رأس المال بالبناء على الطلب الكبير للمستثمرين على الاستثمارات المرتبطة بالمناخ.
"إن معالجة مشكلة الفحم ليست بالأمر الذي ستفعله الأسواق إذا تركت لتتدبر أمورها بنفسها. فهي تتطلب قروضا ضخمة مع امتيازات وتيسيرات كبيرة مثل أسعار فائدة دون مستويات السوق أو فترات سماح أطول وذلك لمساعدة المناطق المتضررة على تمويل أنشطة تعافيها وانتعاشها".
ومجموعة البنك الدولي في وضع فريد يمكنها من القيام بدور رائد، وإدراك المساهمة الكبيرة التي تقدمها الدول الأفقر للجهود العالمية مع تحولها بعيدا عن مناجم الفحم ومحطات الكهرباء التي تعمل بالفحم.
وبالإرادة السياسية والتخطيط السليم وتضافر جهود المجتمع الدولي لتمويل هذا المسعى الحيوي يمكن تحقيق تحول عادل ومساعدة العمال والمجتمعات المحلية ومنشآت الأعمال على تحولها نحو مستقبل أقل تلوثا وأكثر نظافة. ولكن هذه العملية تستغرق وقتا طويلا، ومن ثم يجب علينا التحرك الآن.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي