Author

العلاقات الفاشلة

|
من قواعد الحياة التي أؤمن بها أن من حق كل شخص احترام خصوصيته وعدم انتهاكها تحت أعذار الخوف عليه أو محاولة مساعدته، لذلك لا تتهور وتقدم المشورة ولو من باب "الجدعنة"، حتى لا تكون في نظر ذلك الشخص متطفلا وفضوليا "وحاشرا نفسك" في خصوصياته.
قبل أكثر من ثلاثة أعوام وصلت إليّ رسالة من إحداهن تطلب مشورتي في مشكلة مؤلمة تعرضت لها، وهي خيانة زوجها لها مع صديقتها المقربة، وحين ناقشتها في التفاصيل أيقنت أنها هي سبب المشكلة، فثقتها المفرطة بالصديقة، وبوحها لها بأدق أسرارها الزوجية، ووجودها المستمر شبه اليومي معها في المنزل، هي ما جعل تلك العلاقة تتأصل بين زوجها وصديقتها، ثم حدثت المشكلة. نصحتها بقطع علاقتها فورا مع صديقتها وإبعادها عن حياتها، وأن تمنح زوجها فرصة ثانية، خاصة مع وجود أبناء بينهما، كما أنها ليست موظفة. تواصلت معي بعدها بفترة لتخبرني أن المياه عادت إلى مجاريها مرة أخرى بينها وزوجها، وأنها قطعت علاقتها بصديقتها للأبد. الأسبوع الماضي، وصلت إليّ رسالة على جوالي من هذه الزوجة نفسها، وهي تطلب بإلحاح أن أرد على اتصالاتها، حين كلمتني لم أفهم منها شيئا، نظرا إلى بكائها المتواصل، وبعد أن هدأت قليلا فهمت منها أن السيناريو الأول تكرر، لكن بشكل مختلف هذه المرة، فبعد مرور فترة بذلت صديقتها محاولات مستميتة لعودة صداقتهما وظلت لعامين كاملين ترجوها بإلحاح، ونظرا إلى طيبة نيات تلك الزوجة وافقت ظنا منها أن صديقتها تابت وندمت على ما كان، لتصدم فيما بعد أن تلك الصديقة كان لديها مخطط شيطاني لإجبار الزوج على الزواج منها، وهذا ما حدث ولم تكتف بذلك، بل حرضته على طلاق الزوجة.
كل المشورة التي قدمتها لها تلك اللحظة أن تتوقف عن النظر إلى الماضي وتحاول المضي قدما، فالبيوت التي تهدمها الزلازل لن تبنيها الرياح، والطائرة حين تفوت مسافرا فلن تعود من أجله ولو كان ممسكا بتذكرته، بعض المشكلات - مع الأسف - يكون قد فات الأوان لتقديم الحلول لها بشكل لطيف.
علاقاتك الفاشلة التي تستنزفك نفسيا وماديا وصحيا اقطعها فورا وامض قدما، من تمنحه فرصتين ويخذلك فلن يخلص لك في الثالثة، علاقاتك الفاشلة إن لم تتخلص منها فستقضي عليك، أو ستصنع منك شخصا سيئا كارها للحياة. كثيرون ممن حولنا ندرك أنهم يعيشون علاقات فاشلة، لكن لا حق لنا في التدخل ما لم يطلب منا ذلك احتراما لخصوصياتهم.
وخزة:
يقول جيم غاريسون "نحن لا نخسر الأصدقاء، بل نتعلم من هو الصديق الحقيقي".

اخر مقالات الكاتب

إنشرها