Author

بيت الورد

|

منذ نحو ثمانية أعوام، يبعث أحد الزملاء باقة ورد أسبوعيا إلى زوجته دون انقطاع.
كان يشتريها ويقدمها شخصيا لها طوال شهور عدة، حتى انتقل إلى مهمة عمل خارج مدينته، فاتفق مع المحل على توصيلها نيابة عنه في اليوم ذاته، والتوقيت كل أسبوع.
عاد من مهمته واستمر عامل التوصيل في إيصالها.
وشهدت تجربته تحولا إيجابيا جذريا، بعد أن تطورت التطبيقات التقنية المتخصصة.
إذ أتاحت له مزيدا من الأفكار والخيارات.
بات زميلي ينوع في الأصناف والألوان وطريقة التغليف والإهداء.
ويجدول التوصيل قبل ستة أشهر. وكل أسبوع يختار لونا وصنفا مختلفا.
أمست الباقة أكثر إثارة ودهشة، يستمتع زميلي بالورد عندما يتذوق ابتسامة زوجته، وهي تعانق رائحته.
تغشاه سعادة تتجاوز تلك التي غزت شريكته. ويشعر أنه هو الذي تلقاها.
يغمره عبير الزهور، وتسكنه بهجة يغرفها من ملامح زوجته.
في أحيان كثيرة، يكون للمبادرات البسيطة أثر عميق.
المهم ألا نتوقف، وألا نقلع عنها مهما واجهتنا من منغصات أو تعليقات.
تهكم شقيق زميلي عليه عندما أخبره عن تلك المبادرة الصغيرة.
يتذكر زميلي قائلا: "كان يقول لي وفر مالك ووقتك لما هو أكثر أثرا".
بعد شهور عدة من سخريته، بات شقيقه ينافسه في اختيار الباقات، بعد أن جرب أثرها وتأثيرها.
قد يبدو موضوع الورد تقليديا بحتا. ولكنه مؤثر وعميق.
من المؤسف أننا حصرناه في مناسبات الأفراح، أو لعيادة المرضى.
بينما سحر الورد في أنه هو المناسبة. فهو الذي يصنع الحدث.
يقول زميلي: إن منزله بات مكتظا بالورود وحافلا بالعطور.
فحتى طفليه الصغيرين يتنافسان على الظفر بباقات الورد، ليضعاها ويعتنيا بها ويرعياها.
أثق أن هذين الطفلين سيكبران، ويكبر معهما حبهما للورد. سيرافقهما في رحلتهما الطويلة بعبقه وألوانه.
يفخر زميلي بأن أمه أصبحت تطلق على منزله لقب "بيت الورد".
جميل جدا أن تجعل بيتك بيتا من ورد. ذلك أفضل ألف مرة من أن نجعله بيتا من أسمنت.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها