Author

عاقبة المكر السيئ

|
هناك سنن كونية قدرية لا تتبدل ولا تتغير وقواعد قرآنية لا تحول ولا تزول، ومن ذلك ما ذكره الله سبحانه وتعالى عن عاقبة المكر السيئ في قوله، "ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله... الآية"، فالمكر السيئ هو إخفاء الأذى والسعي إلى إيصاله إلى من مكر به بكل سبيل فكان سيئا مكروها، وكانت عاقبة أهله أن يحيط بهم جزاء مكرهم ويرتد عليهم سوءا. إن مثل هذه الخصلة البغيضة تدعو إلى سوء المنقلب، ومثل هذه المعاملة الماكرة تفضي إلى انعدام ثقة الناس ببعضهم. الله سبحانه بنى نظام هذا الكون على حسن التعامل بين البشر، لأن الإنسان مدني بطبعه فإذا لم يأمن الأفراد بعضهم بعضا، تمكن كل فريق من الناس بالآخرين وبادروا إلى الإضرار والهلاك ليفوز كل منهم بكيد غيره قبل أن يقع هو في كيده، فيقود ذلك إلى الفساد الكبير على مستوى العالم والله لا يحب الفساد. أمثلة المكر السيئ أكثر من أن تحصى قديما وحديثا والعاقل من اتعظ بحوادث التاريخ. أراد فرعون أن يمكر بموسى عليه السلام فماذا كانت النتيجة؟ وأراد إخوة يوسف عليه السلام أن يمكروا به فماذا كانت العاقبة؟ إن الحوادث قد أثبتت بما لا يدع مجالا للشك أنه على الباغي تدور الدوائر لأن الجزاء من جنس العمل، "واقرأ وقائع التاريخ فكلها عبر - تريك كيف يعود المكر على من مكر"، ومن الأمثال الدارجة المحذرة من مغبة المكر السيئ قولهم "من حفر حفرة لأخيه وقع فيها" وقولهم "من حفر لأخيه جبا – وقع فيه منكبا". إن العاقل الحصيف ليتمنى الخير للآخرين ويسعى جاهدا إلى أن يحققه لهم ناهيك عن أن من يسعى إلى المكر بهم فهذا ليس من الدين ولا من المروءة في شيء. إن ما ورد في الآية الكريمة لهو كنز من الفوائد التربوية والعلمية، منها أن عاقبة المكر السيئ ستعود على الماكر، وأن من أراد سوءا أو شرا بفرد أو بأسرة أو بمجتمع فسيرتد عليه مكره، وفيها تسلية لمن مكر به ألا يقلق لأن الناموس الإلهي قد حسم الوضع لمصلحة من مكر به.. فهل من متعظ؟
إنشرها