السعودية تصدر سندات خضراء قريبا .. وتعيين بنوك لهيكلة التمويل المستدام
السعودية تصدر سندات خضراء قريبا .. وتعيين بنوك لهيكلة التمويل المستدام
قال لـ"الاقتصادية" هاني المديني الرئيس التنفيذي للمركز الوطني لإدارة الدين، إن السعودية ستعلن قريبا إصدارات جديدة من السندات الخضراء، لتكون إحدى قنوات التمويل الرئيسة.
وأوضح المديني على هامش مؤتمر القطاع المالي، أمس، أنه تم تعيين بنوك لعملية هيكلة إطار التمويل المستدام التي أعلن عنها قبل نحو ثلاثة أسابيع، وستبدأ بالسندات الخضراء، مشيرا إلى أنه سيتم إعلان التفاصيل في حينه.
وأوضح المديني خلال جلسة "منظومة الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات بالمملكة" في المؤتمر، أن السعودية تستهدف في توجهها الاستراتيجي أن يكون التمويل المستدام قناة أساسية من قنوات التمويل للحكومة خلال الفترة المقبلة.
وأشار الرئيس التنفيذي للمركز الوطني لإدارة الدين إلى أن حجم التمويل المتوقع سيكون بكل تأكيد بناء على أوضاع السوق وخطط الاقتراض للأعوام المقبلة.
وأضاف "سيتم إتمام خطة الاقتراض البالغة قيمتها 124 مليار ريال في عام 2021"، مبينا أن التمويل تجاوز 100 مليار ريال منذ بداية العام حتى سبتمبر الجاري، على أن يتم استكمال باقي عمليات التمويل خلال الربع الرابع.
وأفاد المديني بأن الطرح المستهدف سيكون بالريال، إلى جانب إمكانية الدخول في سوق الصكوك بالدولار.
ونظم شركاء برنامج تطوير القطاع المالي (وزارة المالية، والبنك المركزي السعودي، وهيئة السوق المالية) أمس، الفعالية المركزة الأولى من سلسلة "حوارات مؤتمر القطاع المالي"، بحضور عدد من الخبراء على المستويين المحلي والدولي، وذلك ضمن الفعاليات التمهيدية لمؤتمر القطاع المالي الثاني.
وقال الدكتور فهد المبارك، محافظ البنك المركزي السعودي، إن هناك جهودا عديدة بذلت حتى الآن لتحسين الاستدامة العالمية، وتحديات أخرى تتطلب بذل المزيد من الجهود ليس فقط في الجهات الحكومية بل حتى في القطاع الخاص، لتحقيق أهداف الاستدامة"، مؤكدا أنه سيتم تقديم عديد من الحزم لتشجيع القطاع الخاص وتسريع عمل الحوكمة.
وبين الدكتور المبارك أن التغير يحدث في جميع مجالات الاقتصاد في العالم والاستقرار المالي والربحي، لافتا إلى أن تلك العوامل لها علاقة مباشرة بالتغير المناخي، حيث إن المنظمات المالية تبحث عن إيجاد هياكل مناسبة لمراقبة وإدارة المخاطر المتعلقة بالتغير المناخي.
وأكد أن حكومة المملكة حريصة جدا على دفع عجلة التغيرات، لتكون هناك تشريعات واستثمارات مناسبة على مستوى القطاع الخاص لتسهيل عملية التنمية الاقتصادية.
وأوضح أن المملكة تشارك ضمن الجهود الدولية لمواجهة تحديات التغير المناخي، وقادت في العام الماضي مجموعة العشرين التي تبنت الاقتصاد الكربوني من قبل أعضاء المجموعة وقادة الدول المشاركة، وذلك يدل على أهمية التغير المناخي وتحدياته.
وأشار إلى سعي الدول المشاركة في مجموعة العشرين إلى تقليل وإزاحة انبعاث الغازات، متناولا إطلاق المملكة مبادرة السعودية الخضراء التي تتضمن جدول أعمال لمواجهة المخاطر المتعلقة بانبعاث الغازات وللقضاء على 130 ألف طن من انبعاثات الكربون عن طريق استخدام التقنية النظيفة.
عقب ذلك، بدأت جلسة حوارية بعنوان "منظومة الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات بالمملكة"، شارك فيها محمد بن عبدالله القويز رئيس مجلس هيئة السوق المالية، والمهندس فهد العجلان رئيس مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية.
وتوقع محمد القويز، أنه سيتم إدراج نحو 30 شركة في السوق السعودية، لافتا إلى أن المملكة قطعت شوطا كبيرا في رسم الخطط والسياسات لتطوير القطاع المالي.
وأوضح القويز أن هيئة سوق المال بشكل عام هي عبارة عن سوق تقاطعية فيها الكثير من المجالات التي يمكن أن تقدم عديدا من الصكوك والاستثمارات والذين لديهم مجال في دخول سوق المال وريادة الأعمال، مبينا أن الاستدامة جزء مهم وتم قطع شوط كبير فيها.
وقال: "المملكة قطعت جزءا كبيرا من وتيرة التقدم فيما يتعلق برسم الخطط والسياسات والمقترحات الخاصة بتطوير القطاع المالي"، مؤكدا وضوح مسيرة المملكة باتجاه الحوكمة في مجالات مختلفة ومنها التعاون المشترك بين القطاعين الخاص والعام، حاثا المستثمرين وأصحاب قطاع الأعمال على التعاون في تنمية القطاع الاقتصادي.
وبين رئيس مجلس هيئة السوق المالية أن السوق السعودية لديها العشرات من الشركات والكيانات الخاصة الموجودة مسبقا، وطبقت الاستدامة فيما يتعلق بتقرير إفادتها بشكل دوري، وذلك بطريقة اختيارية وانتخابية، مبينا أن على الشركات أن تدرك أين تكمن طاقتها الاستثمارية.
وبخصوص الحوكمة، أشار القويز إلى أن الحوكمة كمجال يمكن أن يكون واضحا بوضع معايير خاصة في الشركات والكيانات الخاصة، وأن الحكومة تعمل على تطبيق الحوكمة في مجالات مختلفة من بينها التعاون بين القطاعين الخاص والحكومي، مؤكدا أهمية دور المنظمين عند وضع القرارات والتطبيق ومرافقتها بالإشراف والمتابعة المستمرة.
وبين أن الشركات المحلية قد تكون فاعلة في مجال التطوير والتعاملات المالية، مبينا أن هناك عديدا من هذه الشركات موجودة في السوق وطبقت نظام الاستدامة في إفصاحاتها بشكل دوري.
من جانبه، أكد محمد الجدعان وزير المالية أن الجهود التي تبذلها المملكة نحو الاستدامة تأتي على رأس أولويات سياسات وأجندة رؤية المملكة 2030 خلال الأعوام الماضية، مبينا أن المملكة لم تتعامل مع موضوع الاستدامة بشكل مباشر فحسب، بل أيضا بشكل غير مباشر عبر الأسواق المالية، ونؤمن بأن القطاع المالي يعد أحد الممكنات الرئيسة، لتعزيز جهود المملكة لتحقيق أهدافنا نحو الاستدامة.
وقال في الكلمة الختامية للفعالية المركزة الأولى من سلسلة "حوارات مؤتمر القطاع المالي"، ألقاها نيابة عنه عبدالعزيز الرشيد مساعد وزير المالية للسياسات المالية الكلية والعلاقات الدولية: "أتحدث لكم بصفتي رئيس برنامج تطوير القطاع المالي - أحد برامج تحقيق رؤية 2030 - وأسعد بالقول إننا راجعنا استراتيجيتنا والتزاماتنا، لتتضمن الاستدامة كهدف رئيس أثناء تطويرنا الكلي لنظامنا المالي، كما أطلقنا مبادرة "الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات وانعكاساتها في النظام المالي العالمي، والاستدامة المالية في المملكة، بهدف تزويد قطاعنا المالي بالأدوات الضرورية لتعزيز وتدعيم قدرات المملكة في مجال استدامة التمويل والاستثمار".
وبين أن "هذه المبادرة تعد جزءا بسيطا من مبادرات برنامج تطوير القطاع المالي، والتزاماتنا تجاه الاستدامة المالية في نمو كبير، ونجاح هذا المؤتمر يعد بمنزلة خطوة أساسية في رحلة التحول نحو الاستدامة المالية، وكما قرأتم أو سمعتم جميعا، بدأت عدة أنشطة مالية مستدامة بالظهور إعلاميا في المملكة وخارجها".
وأضاف: "شهدنا جميعا الإصرار والالتزام من عدة مؤسسات حكومية لإطلاق "السندات الخضراء"، كما شهدنا جميعا قيام عدة شركات مدرجة في أسواق تداول السعودية بوضع مفهوم "الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات وانعكاساتها في النظام المالي العالمي" على رأس أولويات استراتيجياتها، وكمثال على ذلك من القطاع الخاص، أصدرت شركة الكهرباء السعودية شرائح ثنائية عالمية من الصكوك الخضراء بقيمة 1.3 مليار دولار، التي تم الاشتراك فيها بأربعة أضعاف المتوقع، وثمنت بـ 10 و15 نقطة داخل منحنى العائد الخاص بشركة الكهرباء لخمسة وعشرة أعوام للشرائح بشكل متتال".
واستطرد: "قبل عام واحد عملت المملكة لأول مرة ماليا نحو مفهوم "الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات وانعكاساتها في النظام المالي العالمي" في يوليو عام 2020، من خلال صفقة تجاوزت قيمتها 250 مليون دولار، لشراء حافلات المواصلات العامة، كما وظفت أكثر الشركات الاستشارية خبرة ومعرفة لبناء مخطط "الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات وانعكاساتها على النظام المالي العالمي".
وذلك إضافة إلى قيام صندوق الاستثمارات العامة بتوظيف خمسة مستشارين لاستراتيجيتها في زيادة رأس المال على المدى المتوسط، ويجري العمل على إطلاق مؤشر "الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات وانعكاساتها على النظام المالي العالمي" في أسواقنا المالية المحلية بواسطة تداول السعودية، والعديد من الأنشطة في مجال الاستدامة المالية في المملكة".
ورحب بالمشاركة في برنامج تطوير القطاع المالي، بالمحاذاة مع الشركاء المهمين للبرنامج، وهم وزارة المالية، والبنك المركزي السعودي، وهيئة السوق المالية، لنكون الصف الأول في العمل على تطوير النظام المالي المستدام في المملكة.
وأفاد الجدعان بأن بناء مخطط النظام المالي المستدام للمملكة يعد خطوة استراتيجية في مسيرة رؤية المملكة 2030 نحو الاستدامة والالتزام بمفهوم "الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات وانعكاساتها على النظام المالي العالمي.
وأفاد بأن إعلان الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع مبادرتي "السعودية الخضراء" و"الشرق الأوسط الأخضر" يظهر بوضوح خريطة الطريق لحماية البيئة، وسيتم الإعلان عن مزيد من التفاصيل لاحقا.
وبين الجدعان أن الطاقة المتجددة تقع في قلب متطلبات الطاقة للمشاريع الضخمة، إضافة إلى الفاعلية والدقة التي تقودها تطبيقات التكنولوجيا المتقدمة، التي ستعمل على جذب التمويل المستدام، وتعد شركة تطوير البحر الأحمر مثالا واضحا، إذ ستقوم بتأمين قرض بنحو 14.120 مليار ريال، وأول "ريال بواسطة التسهيلات الائتمانية للتمويل الأخضر".
وقال وزير المالية: " قمنا بتطبيق حلول مالية مستدامة ومبتكرة لتصميم البيئة بشكل لا يستدعي - كمثال - دفع الأموال للشركات، لتجديد الإضاءة أو وحدات التكييف في المدارس والمستشفيات والمباني الحكومية، بل تتم مشاركة نسبة مئوية من توفير الطاقة، كما أننا نرى عائدا في النفقات الرأسمالية في فترة لا تتجاوز 20 شهرا، بعد تطبيقنا أحدث التكنولوجيات في مجال تحلية المياه، وذلك بسبب تحسن فاعلية الطاقة، وندرك تماما أن الرحلة لا تزال طويلة، وأن هناك عديدا من الأمور التي يجب العمل بها، ولذلك تتعهد الحكومة بمضاعفة جهودها، لتحقيق وعودها وأعمالها التي أعلنت عنها".
وأضاف: "نحن ملتزمون اليوم كليا للعمل مع الحكومات والمنشآت التجارية حول العالم، لتزويد أنفسنا وأجيالنا القادمة، والعالم بأسره باقتصاد أكثر استدامة، ويقوم على مفهوم "الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات وانعكاساتها في النظام المالي العالمي"، والتمويل المستدام، والمملكة مصرة على الريادة والقيادة قولا وفعلا.