تأصيل العطاء بمفاهيم إنسانية

حققت المنصة الوطنية للعمل الخيري "إحسان" أهدافها وغاياتها الأساسية، وذلك خلال فترة قصيرة من إنشائها وأصبحت جهة موثوقة للعمل الإنساني الخيري، وتفاعل معها جميع شرائح المجتمع السعودي، وهي ماضية ومستمرة قدما في تقديم مزيد من الإنجازات المستندة إلى مجموعة من الأدوات والعوامل والطموحات، وفي مقدمتها بالطبع، مكانة العمل الخيري عموما عند القيادة، وتطوير هذا العمل بما يخدم الأهداف كلها، ويوفر العوائد المأمولة منه. العمل الخيري في المملكة العربية السعودية هو بحد ذاته ثقافة شعبية تعمل القيادة على دعمه وتوسيعه من فترة لأخرى، وفق الاحتياجات اللازمة.
"إحسان" التي لم يمض على تأسيسها سوى نحو عامين تقريبا، وتعمل تحت مظلة هيئة البيانات والذكاء الاصطناعي "سدايا"، وعدد من الجهات الحكومية الأخرى، هي في حد ذاتها مشروع محوري ضمن مشاريع رؤية المملكة 2030، التي شملت كل الميادين الكفيلة بنقل السعودية إلى مراحل متقدمة، بما في ذلك مؤسسات العمل الخيري التي تمنح عطاءاتها للمجتمع.
ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وضع العمل الخيري العام، بما في ذلك المساعدات التي تقدمها السعودية للشعوب المستحقة الأخرى، في الأطر الكفيلة بتحقيق أعلى معايير الجودة للمستفيدين من الحراك الخيري عموما، وهو في الواقع يمضي إلى الأمام في هذا المجال بدعم كبير من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، الذي دائما ما يؤكد أن ما يميز هذه البلاد هو حرص قادتها على الخير والتشجيع عليه. ما نراه من مؤسسات خيرية في مختلف المجالات، ليس إلا جانبا واحدا من الجوانب المشرقة لبلادنا، فيما تعد السعودية العمل الخيري بكل أشكاله هدفا للقيادة والشعب السعودي الذي أثبت على مر العهود رسوخ أعمال الخير، والعطاء فيه.
التبرع الذي قدمه الأمير محمد بن سلمان، لمنصة "إحسان" بقيمة عشرة ملايين ريال، يأتي امتدادا لتبرعه السابق الذي قدمه في شهر رمضان المبارك الماضي، وهذا التبرع الأخير أوصل حجم المبالغ على هذه المنصة الفاعلة على الساحة المحلية إلى مليار ريال، الأمر الذي أظهر بوضوح، الاستراتيجية العملية التي اتبعتها القيادة في هذا الميدان الحيوي، حيث إن هذه المنهجية تقوم أساسا على مواصلة تطوير القطاع غير الربحي، ليحقق كل المخططات الموضوعة في هذا المجال.
تبرع ولي العهد، وإيصال إجمالي حجم الأموال التي دخلت "إحسان" للمليار ريال، له رمزية واضحة، فهو يأتي أيضا امتدادا لدعمه لكل مجالات العطاء التي تصب في النهاية في مصلحة المحتاجين الفعليين، إلى جانب قوة دفع معنوية للمنصة من هذا التبرع.
الاستراتيجية التي خطط لها الأمير محمد بن سلمان، في مجال القطاع غير الربحي، حولت منصة "إحسان" لأن تكون أول منصة خيرية تتلقى هذا الكم من التبرعات، فالمجموع الكلي في حد ذاته يعد مؤشرا على نجاح هذه الاستراتيجية ومحفزا لمن يرغب في عمل الخير، عبر منظومة العمل المؤسسي. "إحسان" تمثل أيضا رمزية مهمة لتكاتف القيادة المتجهة للخير مع مختلف شرائح المجتمع السعودي، وهذا يعكس في الواقع حقيقة تلك القيم الإنسانية في السعودية كلها. هذه القيم هي القاعدة التي تبني عليها السعودية حراكها الخيري، وذاك الذي يرتبط بالمساعدات وأعمال الخير في كل أنحاء العالم دعما للإنسانية وبعيدا عن أي اعتبارات أخرى.
منصة "إحسان" التي يحق الفخر بها، كما يحق لها أيضا أن تقدمها نموذجا حيويا خيريا لهذه المؤسسة على مستوى العالم، خصوصا أنها دعمت المكانة المرموقة للسعودية عالميا في القطاع الخيري، وتقدمت على كثير من الدول حتى ضمن "مجموعة العشرين" في هذا الميدان، كما أنها تعزز الشفافية، والمسؤولية المجتمعية، التي تعد في الحراك التنموي السعودي عنصرا أساسيا في عملية التنمية كلها. تحرك العمل الخيري محليا ينبع وفق استراتيجية مستدامة، تقوم على مفاهيم إنسانية وعملية ومجتمعية نبيلة، وتضع البلاد في المقدمة على هذه الساحة إقليميا ودوليا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي