مهمة اقتصادية صعبة لحكومة لبنان .. أزمات سيولة ونقص وقود وكهرباء

مهمة اقتصادية صعبة لحكومة لبنان .. أزمات سيولة ونقص وقود وكهرباء
في الشارع اللبناني المرهق من تداعيات الانهيار لا يعلّق كثر آمالاً على ولادة الحكومة.

أبصرت حكومة نجيب ميقاتي الرئيس المكلف النور أمس، بعد عام من الفراغ نتج عن انقسامات سياسية حادة وأسهم في تعميق أزمة اقتصادية غير مسبوقة متواصلة في لبنان منذ عامين.
وتنتظر مهمات صعبة حكومة ميقاتي التي لن تكون قادرة على تأمين حلول سحرية تضع حدا لمعاناة اللبنانيين اليومية، جراء تداعيات انهيار اقتصادي صنفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ عام 1850.
وتلا محمود مكية أمين عام مجلس الوزراء مرسوم تشكيل الحكومة التي ضمت 24 وزيرا لم يخوضوا في معظمهم غمار السياسة من قبل، لكن عددا منهم معروفون بنجاحاتهم في مجالات اقتصادية وطبية وثقافية وإعلامية.
وعلى الرغم من أن معظمهم لا ينتمون إلى أي تيار سياسي علنا، لكن سمتهم أحزاب وقادة سياسيون بارزون، ما يجعلهم محسوبين على هؤلاء، وفق محللين وسياسيين.
وجاءت ولادة الحكومة بعد 13 شهرا من استقالة حكومة حسان دياب، إثر انفجار مرفأ بيروت المروع في 4 آب (أغسطس) 2020، الذي أدى إلى مقتل أكثر من مائتي شخص وإصابة أكثر من 6500 بجروح، ودمر أحياء من العاصمة، مفاقما معاناة اللبنانيين الذين بات 78 في المائة منهم يعيشون تحت خط الفقر.
وبين الوزراء اختصاصيون على غرار فراس أبيض وزير الصحة، الذي قاد عبر مستشفى رفيق الحريري الجامعي، جهود التصدي لوباء كوفيد - 19، وناصر ياسين الأستاذ الجامعي، مدير مرصد الأزمة في الجامعة الأمريكية.
كما تضم سفيرين سابقين هما عبدالله أبو حبيب "وزيرا للخارجية" ونجلاء رياشي "وزيرة للتنمية الإدارية"، المرأة الوحيدة في الحكومة، إضافة إلى الإعلامي المعروف جورج قرداحي.
وستعقد الحكومة الجديدة أولى جلساتها قبل ظهر الإثنين المقبل.
وأدلى ميقاتي "65 عاما"، رجل الأعمال المتحدر من مدينة طرابلس "شمال"، الذي كلف بتشكيل الحكومة في 26 تموز (يوليو)، بكلمة من القصر الجمهوري تحدث فيها عن أزمات الأدوية والكهرباء وغياب أفق المستقبل، وبدا متأثرا ودامعا، ودعا الجميع إلى التعاون، مؤكدا أن الحكومة لا تريد الغرق في التسييس.
وفي أول تعليق على تشكيل الحكومة، عد الرئيس ميشال عون، وفق ما نقل حساب الرئاسة على "تويتر"، أن "الحكومة أفضل ما يمكن التوصل إليه، وهي قادرة على العمل، همومنا تكمن في أولوية حل مشكلات الناس الحالية وعلينا مسؤوليات كبيرة".
في الشارع المرهق من تداعيات الانهيار، لا يعلق كثيرون آمالا على ولادة الحكومة، إذ يقول روني "18 عاما"، "لست متفائلا في الحكومة ولا في البلد، إذا أتتني فرصة، سأسافر".
وأضاف "أتى كثيرون قبله "ميقاتي" ولم يفعلوا شيئا، كلهم فاسدون قطعت الأمل من البلد".
ويقع على عاتق الحكومة الجديدة التوصل سريعا إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، كخطوة أولى لإخراج لبنان من أزمته التي تتسم بنقص السيولة وأزمات حادة في الوقود والكهرباء تنعكس على كل جوانب الحياة.
كما عليها الإعداد للانتخابات البرلمانية المحددة في أيار (مايو) التي يحرص المجتمع الدولي على إتمامها في مواعيدها.
ورحب جوزيب بوريل وزير خارجية الاتحاد الأوروبي، الذي كان قد لوح بعقوبات على السياسيين المسؤولين عن المراوحة الحكومية، بتشكيل الحكومة بوصفها "المفتاح لمعالجة الأزمات الاقتصادية والمالية والاجتماعية الحالية، وتنفيذ إصلاحات طال انتظارها والتحضير لانتخابات عام 2022".
ومنذ أكثر من عام، ربط المجتمع الدولي تقديمه أي دعم مالي بتشكيل حكومة من اختصاصيين تنكب على إجراء إصلاحات جذرية. واكتفى في الانتظار بتقديم مساعدات إنسانية عاجلة، من دون المرور على المؤسسات الرسمية.
ويرى سامي نادر الباحث والأستاذ الجامعي، أن أمام الحكومة عمليا "عنوانا واحدا تتوجه إليه وهو صندوق النقد الدولي، لأن لا طريق آخر للخروج من الأزمات".
ويضيف "إذا كان المنطق الذي ساد عملية تشكيل الحكومة لناحية المحاصصة سيطغى على أداء الحكومة، فهذا الأمر لا يبشر بالخير إطلاقا"، عادا أن "استمرار منطق المحاصصة والصراع على كل إصلاح وكل قرار يعني أننا سنبقى في المكان ذاته الذي كنا فيه مع حكومة تصريف الأعمال".
وأضاف "الطباخون ذاتهم، الطبقة السياسية، هم الذين شكلوا الحكومة والخوف الحقيقي هو ألا يتمكن النظام التشغيلي للحكومة الجديدة من إنتاج شيء جديد".

الأكثر قراءة