Author

تقييد ألعاب الفيديو .. خطوة مبررة ومطلوبة

|

* أستاذ هندسة الاتصالات المشارك

بنهاية الشهر الماضي، أعلنت الصين تقييد استخدام ألعاب الفيديو على الإنترنت للأطفال ممن هم دون سن الـ 18 طوال أيام الأسبوع، باستثناء عطلة نهاية الأسبوع بواقع ساعة واحدة فقط لمدة ثلاثة أيام. ووفق وسائل إعلام رسمية صينية، فإن السبب الرئيس خلف تقييد أوقات اللعب هو الحد من إدمان الألعاب الإلكترونية لدى تلك الشريحة. وقد سبق تلك الخطوة خطوة مماثلة عام 2019، عندما قامت الصين أيضا بتقنين أوقات السماح بمزاولة ألعاب الفيديو بواقع ساعة ونصف يوميا، وثلاث ساعات في نهاية الأسبوع. لكن يبدو أن ذلك التحرك لم يكن كافيا لتعديل سلوك الاستخدام لدى الأطفال، ما اضطرها لزيادة ساعات المنع.
وقد يكون هذا التحرك مبررا لدى الصين بسبب ازدياد عدد الساعات المهدرة على ألعاب الفيديو لدى شريحة الشباب في الصين. ففي إحصائية منشورة على موقع منتدى الاقتصاد العالمي تشير إلى قضاء الشباب الصيني ما يزيد على 12 ساعة أسبوعيا على ألعاب الفيديو، ممثلة بذلك المعدل الأعلى عالميا. وينظر إلى إدمان ألعاب الفيديو على أنه من قبيل "الأفيون" الروحي أو المعنوي حسب وصف بعض الصحف الصينية. وتأتي هذه الخطوة للمحافظة على الصحة العقلية والبدنية للأطفال ومساعدتهم على توفير الظروف الملائمة للتحصيل الدراسي.
إلا أن هذا التحرك أثر بشكل سلبي في انخفاض أسهم شركات الألعاب والتقنية الصينية أو الأجنبية المستثمرة في شركات صينية، لنسب وصلت لأكثر من 6 في المائة. لكن المثير للتساؤل هو أن هذا التحرك يأتي متزامنا مع فرض الصين قيودا على كبرى شركات التقنية الصينية مثل علي بابا وتين سنت، معللة السبب في ذلك وفق وسائل إعلام حكومية صينية، إلى "النمو الوحشي" لتلك الشركات. وقد يكون السبب وراء ذلك هو الحد من تضخم تلك الشركات التقنية وعرقلة طرح أسهمها في الأسواق الأمريكية التي ستمر بعديد من العراقيل قبل الطرح في الأسواق العالمية بعد الأنظمة الجديدة التي أقرتها الحكومة الصينية. وقد يكون من الأسباب أيضا ما يتعلق بالأمن القومي، خصوصا لدى الشركات التقنية التي تمتلك جبالا من البيانات والمعلومات التقنية، في ظل هواجس مشاركة بياناتها الحساسة خارج الحدود الصينية.
وبغض النظر عن مبررات الحكومة الصينية وراء هذا التقييد في ممارسة ألعاب الفيديو، تظل "الحكمة ضالة المؤمن، أينما وجدها، أخذ بها". فاستخدام أطفالنا لألعاب الفيديو وقضاء الساعات الطوال حبيسي غرفهم على تلك الألعاب أمر يستدعي الانتباه لهذا الطارئ في المجتمع. ومن الدائرة المحيطة به، معظم الأطفال اعتادوا تمضية أوقات عديدة على تلك الألعاب، وقد شاهدت تأثيرها السلبي في تحصيلهم الدراسي والمعرفي، وأوقات نومهم أو حتى ممارستهم الرياضات البدنية. ولتلك الممارسات تبعات على الصحة النفسية والسلوكية للأطفال، خاصة عندما تكون تلك الألعاب المشاهدة مشجعة على العنف والجريمة أو السلوكيات المنحرفة. أخيرا، لا يختلف اثنان أن لكل بلد خصوصيته ومصالحه الخاصة التي يقوم على رعايتها وصيانتها، واختيار الأنظمة والتشريعات التي تحقق له ذلك.
إنشرها