Author

سوق أشباه الموصلات .. نفط جديد «1 من 2»

|

اقتصادي في السياسات الاقتصادية وإدارة استراتيجيات الأعمال والشراكات الاستراتيجية.

الاقتصاد الجديد في طريق الاعتماد على تطبيقات الثورة الصناعية الرابعة، وتسميتها بالرابعة يعود إلى الألمان عام 2011، وتاريخيا إلى ترتيبها في موجات تطور الصناعة.
تزايد اعتماد العالم على الثورة الصناعية الجديدة، أصبح أكثر وضوحا بعد انكشاف العالم على نقص أشباه الموصلات، وتبين أنها من الصناعات الخفية والمؤثرة، ونقصها دفع بحكومات إلى التحرك على غرار تحركات السياسيين في ملفات النفط، لذا فإن السمات المشتركة بين النفط وأشباه الموصلات، تجعلنا نتوقع أهميتها المستقبلية، وربما تكون النفط الجديد في ظل تنامي وتيرة الابتكارات والتقنية المتولدة من تطبيقات الثورة الصناعية الرابعة، المدعومة من الحكومات، في مجال الروبوتات والذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والسيارات ذاتية القيادة، إضافة إلى أن المواد الخام المستخدمة في عمليات تصنيعها ظهرت أهميتها الاقتصادية في الركود الوبائي، الذي أصاب العالم في 2020.
بحسب بعض التقارير، فإن معدل نمو سوق أشباه الموصلات خلال العقدين الماضيين، بلغ 13 في المائة، ويعزى ذلك إلى أن العالم يتطور، ويحاول أن يكون أكثر ذكاء وإنتاجية عبر التقنية التي تعتمد على أشباه الموصلات.
كثير من الدول الناشئة الآسيوية تعتمد على الدوائر المتكاملة في مصانعها لتجميع وصناعة أجهزة إلكترونية، وهذا جعل أشباه الموصلات من المدخلات الأساسية في كثير من الصناعات على غرار النفط، الذي يؤدي الدور نفسه في العمليات الإنتاجية كمدخل صناعي ورئيس، بمعنى آخر: أصبحت الدوائر المتكاملة والمصنوعة من أشباه الموصلات في اقتصادات بعض الدول الناشئة الآسيوية، أداة تعزيز نمو اقتصادي، بدليل أن نقص أشباه الموصلات في 2020، أحدث زعزعة واسعة النطاق في عدد من القطاعات وما تبعها من تراجع في معدلي النمو والوظائف، حتى بعد عودة النمو الجزئي في بعض الدول الآسيوية.
تعد دول مجموعة "أوبك" أسياد العالم في النفط، وأمريكا وهولندا أسياد تكنولوجيا معدات صناعة وأجهزة تشكيل أشباه الموصلات، أما الدول الأكثر تصنيعا لأشباه الموصلات، فتايوان، كوريا الجنوبية، اليابان، ألمانيا، والصين.
ومن زاوية أخرى وهيكلية في نظام الاقتصاد العالمي، فسعر النفط والفائدة على الدولار يعدان مسطرة التضخم عالميا، لهذا لا أستبعد أن نرى أشباه الموصلات هي العنصر الجديد المؤثر في الأداء الاقتصادي، ولا سيما إذا ما تقدم العالم في استهلاك تطبيقات الثورة الصناعية الرابعة بكثافة على المستويين المدني والعسكري وأيضا الفضاء، خصوصا إذا ما قيدت تكنولوجيا تقنيات ومعدات إنتاج أشباه الموصلات على الدول الناشئة، وإذا ما صعدت الآلات واحتلت الوظائف نيابة عن الناس وتحول العالم إلى التعدين الرقمي والعملات غير المركزية بشكل رسمي من حكومات العالم، عندها تتأكد لنا صحة فرضيتنا، أن أشباه الموصلات ستكون متحكما جديدا في نمو الاقتصاد العالمي بجوار النفط، وما تبقى من منافع سعر الفائدة كسياسة نقدية تقليدية.
إنشرها