Author

تحويل قاعدة المستثمرين بين القطاعات

|

اقتصادي في السياسات الاقتصادية وإدارة استراتيجيات الأعمال والشراكات الاستراتيجية.

قاعدة المستثمرين في قطاعَي العقار والبناء، الأعلى بين القطاعات غير النفطية، ويشكل متوسط مشاركتهما في الناتج المحلي مجتمعين 238.5 مليار ريال للفترة من 2011 إلى 2020، وبلغ حجم مشاركة الصناعات التحويلية النفطية وغير النفطية في الناتج المحلي 286 مليار ريال كمتوسط للفترة السابقة نفسها، وتأتي القطاعات الاستخراجية للنفط والغاز بطبيعة الحال أولا؛ لأن تلك القطاعات لا تزال تقودها الدولة وليس المستثمرين.
تعزى وفرة الأموال في قطاعي العقار والبناء إلى أن الأموال التي يولدها النفط مرتفعة يصعب على اقتصادنا وأسواقنا الداخلية امتصاص تلك السيولة الضخمة ولا سيما أن سياسة الإنفاق الحكومي تعد أساس نمو الاقتصاد لدينا، وفي الوقت نفسه لا تزال تتسرب فوائض أرباح الشركات المتعاقدة مع الحكومة إلى هذين القطاعين دون غيرهما عبر فوائض أموال ملاك تلك الشركات، ثم إن جذر معظم تلك الفوائض، كما ذكرنا سابقا، الإنفاق الحكومي وليس قطاعا خاصا مصدرا عبر التجارة الخارجية؛ ما أدى إلى نشوء سوق مضاربات واحتكار بين ملاك الفوائض المالية أسهمت في تضخيم الثروات وبالتالي أضعفت جاذبية بعض القطاعات الأخرى.
تركزت قاعدة المستثمرين في العقار والبناء تاريخيا لأسباب هيكلية ولا ننكر أهمية ذلك في فترات ماضية، إلا أننا حاليا نحتاج إلى إعادة تصميم اقتصادنا لزيادة الكفاءة والفعالية الاقتصادية إلى أقصى حد تسمح به قدرات المواطنين وتحقيق أكبر قدر ممكن من الوظائف المستدامة للجيل الحالي والأجيال المقبلة عن طريق تنويع قواعد المستثمرين في القطاعات، وأود الإشارة إلى أن تشتت قواعد المستثمرين أوجد تحديات في التخصيص مثل ندرة المستثمرين المحليين المؤهلين، غير أن صندوق الاستثمارات العامة عالج بعضها عبر الشركات الاستراتيجية المملوكة له.
إن الأسس التي ستساعدنا على تحويل قاعدة المستثمرين من قطاعات ذات توظيف منخفض للمواطنين إلى قطاعات إنتاجية وأكثر توظيفا، دعم ريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة من خلال وضع مستهدفات على الهيئات المشرفة على الاقتصادات حيث تقيس عدد الأسر الجديدة التي تتشكل كعائلات جديدة تمارس التجارة وتعزيز نمو عدد المستثمرين، كما يلعب التمويل من المصارف والتحفيز المالي من الدولة وسياسات البنك المركزي أدوارا جوهرية في تحويل قاعدة المستثمرين بين القطاعات بطرق آمنة وسريعة، كما أن وضع سياسات ائتمان وطنية عامة تحدد سقف وحدود نسب التمويل من الكتلة النقدية المتوافرة في المصارف بين القطاعات المختلفة أسلوب فعال لتروية جميع مفاصل الاقتصاد.
وفي الختام: قطاعا التقنية والخدمات اللوجستية من القطاعات الواعدة في تكوين قاعدة مستثمرين جديدة، ورغم ذلك حان الوقت لإعادة تصميم اقتصادنا عبر تحويل المستثمرين بين القطاعات، وفي الوقت نفسه بناء مستثمرين جدد على غرار نجاحاتنا السابقة في بناء قاعدة مستثمرين بشكل مميز في سوق المال عبر سوق السندات والصكوك والسوق الأولية من خلال الاكتتابات وحقوق الأولوية والسوق الثانوية عبر الاستثمار في سوق الأسهم.
إنشرها