السوق النفطية تتمتع بمكامن قوة رغم تقلبات الأسعار .. المنتجون الأمريكيون يكثفون أنشطتهم

السوق النفطية تتمتع بمكامن قوة رغم تقلبات الأسعار .. المنتجون الأمريكيون يكثفون أنشطتهم

واصلت أسعار النفط تراجعاتها السعرية بسبب استمرار تنامي الإصابات بمتغير دلتا من فيروس كورونا، ما أدى إلى زيادة المخاوف من انكماش الطلب العالمي على الخام والوقود وذلك في ظل حالة من الهشاشة وعدم اليقين تهيمن على جهود تعافي الاقتصاد العالمي.
ويتأهب وزراء الطاقة في مجموعة "أوبك +" لاجتماع شهري جديد مطلع أيلول (سبتمبر) المقبل وسط توقعات قوية في السوق بإمكانية تراجع المجموعة عن تعزيز المعروض النفطي بالزيادات الشهرية التي بدأت في آب (أغسطس) الجاري وقدرها 400 ألف برميل يوميا وذلك انتظارا للسيطرة على الوباء وتسجيل تقدم في بيانات نمو الطلب العالمي.
وقال لـ"الاقتصادية"، محللون نفطيون إن انتشار إصابات متغير "دلتا" على المستوى الدولي أدت إلى إضعاف توقعات الطلب على النفط خلال آب (أغسطس) الجاري ولا سيما في الصين وهي ثاني أكبر مستهلك للطاقة في العالم التي سجلت مبيعات صناعية ومبيعات تجزئة أضعف من المتوقع.
وأوضحوا أن هناك إشارات إلى أن منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة يكثفون أنشطتهم في المرحلة الراهنة على الرغم من عدم استقرار السوق، لافتين إلى ارتفاع إجمالي عدد الحفارات التي تبحث عن النفط في جميع أنحاء الولايات المتحدة بمقدار عشرة في الأسبوع الماضي إلى 397 وهو ما يعد تسجيلا لأكبر قفزة أسبوعية منذ نيسان (أبريل) الماضي.
وأكد سيفين شيميل مدير شركة "في جي إندستري" الألمانية، أن أسعار النفط الخام سجلت ثاني انخفاض هذا الأسبوع في ظل معنويات ضعيفة تسود السوق خاصة في ضوء أن حركة التنقل في الصين تحديدا انخفضت بشكل حاد حيث فرضت السلطات إرشادات صارمة للحد من ارتفاع معدلات الإصابة بمتغير دلتا.
وأضاف أن الوضع في الولايات المتحدة وهي أكبر منتج ومستهلك للنفط الخام لازال متوترا جراء تجدد الإصابات بالفيروس والتي سجلت في المتوسط في منتصف الشهر الجاري أكثر من سبعة أضعاف المتوسط في بداية تموز (يوليو) الماضي.
من جانبه، قال روبين نوبل مدير شركة "أوكسيرا" الدولية للاستشارات، إن وضع السوق النفطية العالمية لايزال يتمتع بالكثير من مكامن القوة على الرغم من الضغوط الواسعة الناجمة عن تجدد إصابات كورونا عالميا، مشيرا إلى توقع بنوك الاستثمار في "وول ستريت" عودة مكاسب أسعار النفط الخام حيث لا تزال آفاق النمو العالمي قوية.
وذكر أن استمرار انتشار اللقاحات يوفر دعما قويا للسوق خاصة مع بقاء موسم السفر والسياحة والطيران متماسكا أمام ضغوط تجدد الإصابات، لافتا إلى توقعات لمؤسسة "مورجان ستانلي" بأن تبقى أسعار خام برنت متماسكة في نطاق متوسط إلى مرتفع عند 70 دولارا أمريكيا حتى نهاية العام الجاري مع توقعات قوية بتحقيق مكاسب أوسع في العام المقبل 2022.
من ناحيته، أكد ماركوس كروج كبير محللي شركة "أيه كنترول" لأبحاث النفط والغاز الدولية أن تراجعات أسعار النفط الخام تواصلت لليوم الثالث على التوالي في ظل إحباط نسبي جراء البيانات الاقتصادية الصينية الضعيفة والمترتبة على انتشار متغير دلتا من فيروس كورونا الذي أضر بالتأكيد بآفاق الطلب العالمي.
ولفت إلى تسجيل تباطؤ ملحوظ في الإنتاج الصناعي الصيني حيث اتسعت أزمة الوباء في عدة دول رئيسية في منظومة استهلاك النفط العالمي مثل تايلاند وفيتنام والفلبين مما زاد من الضغط على أسعار النفط خاصة مع إعادة فرض القيود في هذه الدول على حركة التنقل وإجمالا يمكن القول إن أسعار النفط الخام شهدت منذ منتصف يوليو الماضي حالة من التعثر الملحوظ.
بدورها، أوضحت نينا أنيجبوجو المحللة الروسية ومختص التحكيم الاقتصادي الدولي أن "أوبك +" تستمر في جهود متابعة وتقييم تطورات السوق وقد يكون الاجتماع الوزاري المقبل على الأرجح الفرصة الأكبر لمراجعة خطط زيادة الإنتاج وتقييم قرارات التراجع عن قيود العرض التي تم فرضها في الأيام الأولى للوباء وذلك في ضوء اهتزاز الأسواق في الشهر الجاري بضغوط من أزمة الوباء.
وأشارت إلى وجود حالة من اضطراب التوقعات على المدى القصير في ضوء معاناة كبار المستهلكين وعلى رأسهم الولايات المتحدة والصين حيث تراجعت عمليات تكرير النفط في الصين إلى أدنى مستوى في 14 شهرا وقد انخفضت معالجة النفط الخام اليومية إلى أقل من 14 مليون برميل يوميا في الشهر الماضي وذلك للمرة الأولى وإلى أقل مستوى منذ أيار (مايو) 2020، وذلك بحسب بيانات رسمية صينية ودولية.
وفيما يخص الأسعار، تراجع النفط أمس، متخليا عن مكاسب مبكرة إذ رجحت كفة المخاوف من تباطؤ الطلب على الخام في ظل تنامي الإصابات بسلالة دلتا أمام توقعات بألا يعزز كبار منتجي النفط الإمدادات قريبا.
وبحسب "رويترز"، نزل خام برنت 51 سنتا ما يعادل 0.7 في المائة إلى 69 دولارا للبرميل خلال تعاملات أمس بعدما بلغ 69.77 دولار في وقت سابق من الجلسة.
وفقد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 52 سنتا ما يعادل 0.8 في المائة إلى 66.77 دولار للبرميل بعدما سجل 67.66 دولار في وقت سابق.
من المقرر أن تمدد اليابان حالة الطوارئ في العاصمة طوكيو ومناطق أخرى حتى 12 أيلول (سبتمبر) والتوسع في القيود إلى سبع مناطق أخرى بينما توقعت السلطات في أستراليا أمس زيادة كبيرة في الإصابات في سيدني رغم الإغلاق الطويل.
وأمس الأول، نزل برنت 1.5 في المائة والخام الأمريكي 1.7 في المائة.
وتعافت الأسعار في التعاملات المبكرة في آسيا بعدما قالت أربعة مصادر إن مجموعة "أوبك +"، وتضم دولا أعضاء في منظمة أوبك وحلفاء منهم روسيا، يعتقدون أن أسواق النفط ليست بحاجة إلى ضخ مزيد من النفط خلافا للذي يخططون لضخه في الأشهر المقبلة.
من جانب آخر، تراجعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 69.65 دولار للبرميل أمس الأول مقابل 70.90 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أمس إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق ثاني انخفاض له على التوالي، كما أن السلة خسرت نحو دولار واحد مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 70.66 دولار للبرميل.

الأكثر قراءة