Author

إشراك العملاء .. دروس مستفادة من العدادات الذكية «1من 2»

|

أستاذ الطاقة الكهربائية ـ جامعة الملك سعود

[email protected]

خططت شركة باسيفيك للغاز والكهرباءPacific Gas and Electric Company في ولاية كاليفورنيا الأمريكية عام 2006 لتركيب ملايين العدادات الذكية للكهرباء والغاز ضمن نطاق خدمتها للمشتركين. لكن بعد أن شرعت الشركة في عملية الاستبدال، وجدت نفسها أمام مقاومة من بعض المشتركين بحجة تأثير العدادات الصحية فضلا عن تداخلاتها الخصوصية. انطلقت إشاعة خاطئة مفادها أن العداد الذكي قد يكون مصدر ضرر صحي، يصاحبه احتمالية إصابة المشتركين وأفراد عائلاتهم بأحد أنواع السرطان من جراء التعرض إلى الاتصالات اللاسلكية التي تستخدم الترددات الراديوية Radio Frequency، فضلا عن انتهاك لخصوصية العملاء. تطور الأمر إلى شكوى بعض المشتركين إلى منظم الخدمات العامةCalifornia Public Utilities Commission من أن العدادات الذكية ربما تشكل خطورة على الصحة العامة، وأدى إلى توجيه الشركة لتطوير خطة ليكون بوسع أي مشترك إلغاء العداد الذكي Opt-out. قدمت الشركة في 2011 مقترحا عرضت فيه خيار الإغلاق اللاسلكي وعدم اللجوء إلى تركيب العداد الذكي لكن يحمل رسوما معها.
لماذا حدث هذا مع أن العداد الذكي يمثل فائدة عظيمة للمشترك؟ باختصار لم تقم الشركة بإخطار المشتركين عن المشروع مسبقا وعن أهدافه، ولم تقم بالدور التوعوي منذ بداية المشروع، ما جعل الإشاعة تنتشر ويتسع مداها. يمثل العميل بالفعل محورا أساسيا لإنجاح المشروع، لكن تم تجاهله من قبل الشركة، حيث افترضت أن العميل لديه إحاطة ودراية حول هذا العداد الجديد، وهذا يمثل خطأ استراتيجيا ارتكبته الشركة. وللعلم تعلمت الشركة الدرس جيدا واستطاعت تقليص العدد لاحقا إلى 90 ألف معترض من 9.2 مليون مشترك (مجموع المشتركين للكهرباء والغاز) بعد تقديم حملات توعوية وبرامج إشراك العملاء ومشاركتهم Customers Engagement. وفي الولاية نفسها قامت شركة سان دييجو للغاز والكهرباء San Diego Gas and Electric عام 2007 بإعداد خطة (90-60-30) يوما لتركيب العدادات الذكية للكهرباء والغاز لمليوني و300 ألف مشترك.
فالعدد 90 يوما هو تواصل أعضاء مجموعة مختصة للشركة من أجل تعليم كل فئات المجتمع عن المشروع والتوعية والإرشاد بأهدافه ومزاياه حيثما أمكن ذلك في اجتماعات وجها لوجه في الأسواق والحدائق والأماكن العامة. والعدد 60 يوما خصص لتنظيم تجمعات متعددة ودعوة المشتركين وشرح كيفية عمل العدادات الذكية والإمكانات التي تتيحها لفهم استهلاك الكهرباء بشكل أفضل. أما العدد 30 يوما فيتلقى فيه المشترك خطابا يتضمن التاريخ المتوقع لتركيب العداد الذكي في مكان إقامته.
وقبيل أيام قليلة من التركيب، يقوم فريقان بالتواصل مع المشترك، أحدهما من الشركة والآخر من المقاول، لإخطار العميل بالتوقيت الصحيح. أثمرت خطة الشركة بصورة مذهلة، حيث تلقت 1200 شكاوى فقط أو 0.16 في المائة من مجموع المشتركين. وفي ولاية تكساس الأمريكية، استطاعت إدارة هيوستن للأشغال العامة توصيل خدمة المياه لنحو 500 ألف مشترك، وقامت بتركيب العدادات الذكية لخفض التكاليف وتبسيط الفواتير للمشتركين الذين كانوا على علم بأهداف المشروع قبل بدايته. ورغم أن خطة إشراك المشتركين كانت بسيطة بيد أنها آتت أكلها في تكيف المشترك مع العداد الذكي.
قصص كثيرة بعضها ناجح، واستطاعت الشركة الوصول إلى العميل وضمه في بوتقة العمليات وإنجاح مشروع العدادات الذكية للكهرباء والغاز والمياه، وأخرى لم تعط العميل حقه من الاهتمام والتعليم والنتيجة مؤسفة. لذلك يمثل إشراك العملاء ضرورة بالغة الأهمية في دورة حياة العميل، وهي مجموعة من الاتصالات والتفاعلات بين المرافق والعملاء الذين تخدمهم بهدف بناء الثقة والاحترام والاستخدام الأمثل للخدمة، وبالطبع ستصنع الرقمنة جملا رائعة لأجل هذا الهدف... يتبع.

إنشرها