Author

هل نحن نفهم ريادة الأعمال حقا؟

|

اقتصادي في السياسات الاقتصادية وإدارة استراتيجيات الأعمال والشراكات الاستراتيجية.

أحيانا لا نجد تعريفات واضحة تجعلنا نستوعب جذر بعض المفاهيم، فريادة الأعمال من المفردات التي ترد كثيرا في إدارة الأعمال ومجتمع المال إلا أنها في واقع الحال وعند كثير من الناس يخلطون بينها وبين مفاهيم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، فريادة الأعمال تولد لنا الرياديين، أما المشاريع الصغيرة والمتوسطة فتولد لنا رجال أعمال، وغالبا تنمو الأعمال الصغيرة بشكل تدريجي وبهامش أرباح متصاعد كل عام، وتميل إيراداتها إلى أن تكون في نطاق أقل من إيرادات ريادة الأعمال، وأرباحها غالبا أقل من معدل النمو الاقتصادي العام لأسباب متعددة؛ كمستوى المنافسة الشديدة، أو نتيجة لاختلالات في دخل المستهلكين، أو أنه لا يوجد ما يحفز الناس للشراء، أو نقص في الأفكار التطويرية.
أما عند الحديث عن مفهوم ريادة الأعمال بجميع أنواعها المختلفة، بما في ذلك ريادة الأعمال الاجتماعية، التي تستهدف معالجة وتقديم حلول لمشكلات المجتمع والبيئة، فإنها تختلف عن الأعمال الصغيرة بقبولها مستويات مرتفعة من المخاطرة، كما أنها في النظام الاقتصادي تؤدي دورا جوهريا وهو التفوق على محدودية الموارد والقفز فوق الأداء الكلي للاقتصاد. بمعنى آخر: تحفيز ريادة الأعمال من صناع السياسات الاقتصادية سيولد وظائف وأرباحا تتخطى أداء الأسواق، وذلك عن طريق الإبداع ولا سيما في الأسواق التي وصلت إلى مستويات نضج عالية، ولهذا نلاحظ أنه يزيد الحديث في الإعلام عن ريادة الأعمال والرياديين من قبل المستثمرين والمسؤولين في فترات التنافس الاقتصادي بين الدول، ولعل ذلك بهدف زيادة رتم النمو الاقتصادي للدول المتنافسة عن طريق الأفكار الإبداعية في الجامعات والمراكز البحثية.
وفي الختام، لا يمكن أن نتحدث عن ريادة أعمال حقيقة ما لم يكن لدينا نظام تمويلي كفء، لذا نظام التمويل في المشاريع الريادية يتم من خارج نظام المصارف التقليدية وخلال نماذج تمويل عالية المخاطر، مثل التمويل الجريء أو المغامر والملائكي، والسبب أن مخاطر تلك المشاريع تصنف ضمن المخاطر العالية والنظام المصرفي التقليدي غير مصمم لذلك، ولهذا نلاحظ أن ريادة الأعمال تصبح أكثر نشاطا وحيوية في الاقتصادات التي تمتلك سياسات نقدية نشطة؛ كالتحكم في أسعار الفائدة، ومنح التسهيلات الائتمانية للمضاربين في الأسواق المالية بشكل كثيف، فالأرباح المتولدة من سياستي أسعار الفائدة والتسهيلات الائتمانية ستولد فائضا ماليا عاما في الاقتصاد وجيوب المستثمرين خصوصا، ما يزيد شهية قبول المخاطر لدى المستثمرين، وهذا ما يفسر لنا عدم خوف المستثمرين الأمريكيين والأوروبيين من خوض استثمارات جريئة بسبب وفرة الأرباح، كما ذكرنا سابقا، وهذا سر من أسرار نشوء وتفوق ريادة الأعمال في الولايات المتحدة. ولمواكبة أفضل الاقتصادات، نحن في السعودية حاليا، نعمل على بناء نظام تمويلي لريادة الأعمال، وأصبح أكثر وضوحا مع رؤية 2030 عبر هيئة منشآت، أو الشركة السعودية للاستثمار الجريء، أو الصناديق الريادية الخاصة.
إنشرها