Author

القضايا المتعلقة بالديون وأجندة التعاون العالمي «1 من 2»

|
بات من الواضح أن جائحة مرض فيروس كورونا 2019، كوفيد - 19 ستخلف عواقب معقدة، منها ارتفاع مستويات ديون القطاع العام في أغلب الدول. ويعكس هذا زيادة الإنفاق من جانب الحكومات في التصدي لهذه الأزمة، فضلا عن انهيار الإيرادات الضريبية مع انهيار الاقتصادات في 2020. نتيجة لهذا، أصبحت عدة دول منخفضة ومتوسطة الدخل عرضة لخطر الوقوع تحت وطأة أزمة ديون سيادية.
على الرغم من أن عديدا من الدول المتقدمة مثقلة بالديون، فإن أسعار الفائدة المستحقة على ديونها منخفضة إلى مستويات غير مسبوقة تاريخيا، وسلبية بالقيمة الحقيقية. أما الدول النامية، التي زادت إنفاقها العام بشكل أقل حدة أثناء أزمة كوفيد - 19، فيتعين عليها رغم ذلك أن تدفع أسعار فائدة أعلى على ديونها السيادية. وقد ترتفع أسعار الفائدة هذه، فضلا عن فوارق علاوات المخاطر التي يتعين على الدول الأكثر فقرا أن تدفعها في أسواق رأس المال الدولية، مع بدء أسعار الفائدة في الاقتصادات المتقدمة - والولايات المتحدة بشكل خاص - في الارتفاع.
قبل مدة قصيرة من اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي السنوية في تشرين الأول (أكتوبر) 2020، دعت المديرة الإدارية لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا، إلى إجراء إصلاحات عاجلة لبنية الديون الدولية. لكن التحرك الفعلي كان محدودا للغاية.
صحيح أن مجموعة العشرين أطلقت مبادرة تعليق خدمة الديون لمصلحة الدول المنخفضة الدخل مع بداية الجائحة، ثم وسعت نطاق المبادرة وأضافت إليها تدابير تكميلية في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي بالاستعانة بآلية تسمح لهذه الدول بإعادة التفاوض بشأن ديونها على أساس كل حالة على حـدة. لكن مشاركة القطاع الخاص في هذه المبادرة كانت محدودة، ولم يـقـدم أي شيء مماثل للدول المتوسطة الدخل (وإن كان بعض الدول ـ وخاصة الأرجنتين والإكوادور ـ قد تمكنت من إعادة التفاوض على ديونها استنادا إلى الأطر القائمة).
يوضح تقرير حديث صادر عن مكتب مؤسسة فريدريش إيبرت، ومعهد بناء الإجماع، بعنوان "الاستجابة لمخاطر الديون الناجمة عن جائحة كوفيد - 19"، التحديات التي تواجه الدول النامية. تولت صياغة هذا التقرير لجنة تضم مجموعة من كبار المسؤولين الحكوميين السابقين (وأنا منهم) ومحامون خصوصيون وأكاديميون، قاموا بدراسة إعادة هيكلة الديون السيادية، وهو يحتوي على عديد من الرسائل الأساسية.
لا يحتاج كل الدول النامية إلى إعادة هيكلة ديونها. الواقع أن إحدى السمات البارزة للأزمة الحالية كانت تتمثل في حقيقة مفادها أن تدفقات رأس المال الخاصة إلى هذه الاقتصادات عادت بسرعة - في غضون شهرين تقريبا - بعد "توقف مفاجئ" أولي حاد للتمويل في الربيع الشمالي في 2020. لكن هومي خاراس؛ من مؤسسة بروكنجز، وهو عضو اللجنة، يحذر من ارتفاع المخاطر. فقد وجد أن 90 في المائة من 120 دولة نامية قام بتحليلها إما مضاربة أو مدينة ذات مخاطر عالية. وهي تمثل مجتمعة أكثر من نصف كل خدمات الديون المستحقة خلال الفترة من 2021 إلى 2022.
لذا، يتعين على صناع السياسات الدوليين ملاحقة هدفين، ينبغي لكل منهما أن يعزز الآخر، كما يؤكد التقرير. وينبغي لهم أن يعملوا على تعزيز المشاركة الكاملة، والعادلة، والشفافة من جانب الدائنين من القطاع الخاص في إعادة تصنيف الديون وإعادة هيكلتها إذا اقتضت الضرورة. كما يتعين عليهم تقديم دعم مالي إضافي يمكن الدول النامية من الحفاظ على استثماراتها في التنمية المستدامة... يتبع.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2021.
إنشرها