Author

قدرات السعودية أثناء الأزمات العالمية

|

اقتصادي في السياسات الاقتصادية وإدارة استراتيجيات الأعمال والشراكات الاستراتيجية.

هناك تفاوت في قدرات دول العالم أثناء الركود الاقتصادي، الذي نال من الجميع دون استثناء عام 2020، لذا يتعاظم دور الحكومات في مساعدة الاقتصاد والناس، من خلال تدابير تفرضها للخروج من الأزمات في أسرع وقت ممكن، لأنه متى ما كان الاقتصاد رازحا تحت الركود، ستكون آثاره سامة في الوظائف والدخل والاستثمار واستقرار حياة الناس.
الأزمات الاقتصادية لن تزول، لكن كشفت لنا أزمة كوفيد - 19 عن أن اقتصادنا لديه قدرات واسعة للصمود أمام التحديات الاقتصادية، كما أننا اكتسبنا قدرات إضافية ما بين عامي 2020 و2021 في إدارة ميزانية البلاد، وظهرت بوضوح في نتائج الربع الثاني من عام 2021 على المستوى الداخلي.
وفي الوقت ذاته، أبرزت الأزمة الأخيرة قدرات السعودية على المستوى الخارجي على تنسيق جهود جميع منتجي النفط عالميا وتشجيعهم للعمل مع منظمة أوبك والاندماج المشترك في المصالح مع المنظمة وتحقيق التوازن في الكميات الإنتاجية التي يحتاج إليها العالم يوميا، وظهرت السعودية كأنها بنك مركزي للنفط عالميا في أسوأ أزمة اقتصادية يشهدها العالم منذ عقود، حيث لا تزال الرياض تدعم مسيرة خروج العالم من ركوده الاقتصادي بالمحافظة على مستويات أسعار وكميات إنتاجية متسقة اقتصاديا لخدمة نمو مجموعتها ثم الاقتصاد العالمي، إضافة إلى قدرتها على إدارة الاتجاهات السياسية الحرجة بين المنتجين وتحقيق مصالح الجميع.
أما عند فحص قدرات اقتصاد السعودية من الداخل، فإنه يستند إلى أهم سلعة استراتيجية في العالم وبقدرات استخراجية وتصديرية كافية لتغيير أي اتجاه قد ينشأ خارج مصالحنا. ورغم ذلك تضع المملكة خياراتها أمام أعضاء مجموعتها والعالم بمسؤولية ودون تجاهل لمصالح الاقتصاد العالمي استراتيجيا.
إضافة إلى ذلك، المملكة لديها قدرات ائتمانية عالية، مكنتها من الاستثمار بشكل مزدوج داخليا وخارجيا أثناء هذه الأزمة، وإدارة ميزانية البلاد بكفاءة، حيث إن العجز بلغ 12 مليار ريال، كما ظهر في بيانات وزارة المالية في منتصف عام 2021، وهذا الرقم منخفض، ليعكس قدرات البلاد المالية داخليا في الأزمات عند استخدام سياسات مالية مشددة، كما أنها لم تعرض اقتصادها لأي حلول ضارة في إدارة الميزانية، بل كسبت ثقة المقرضين الدوليين والمحليين، وبأسعار فائدة تنافسية، ولا سيما أنها تعد ثالث أقل دول مجموعة العشرين في حجم الديون بعد أستراليا وروسيا، مقارنة بحجم الناتج المحلي، حيث بلغ الدين الداخلي والمقوم بالريال 58 في المائة من إجمالي الديون البالغة 923 مليار ريال، وتلك النسبة المقومة بالريال تحمي اقتصادنا من تقلبات سعر صرف العملات الأجنبية.
أخيرا، رغم شدة الأزمة على العالم، لم تتعرض السعودية لضائقة ائتمانية، بل اكتشفت أنها قادرة على الجمع بين الاستثمار والديون وزيادة التدفقات النقدية من النفط في ظل ظروف استثنائية يصعب الجمع بين تلك الأركان الثلاثة، ولا سيما أنها لا تزال تعيد تشكيل نفسها كاقتصاد مفتوح.
إنشرها