أرامكو في ميزان الربح والخسارة

فرضت الظروف الاقتصادية عام 2020 على عملاق الطاقة العالمي أرامكو تحديات استثنائية تتعلق بجائحة فيروس كوفيد - 19 وانخفاض أسعار النفط لمستويات متدنية، فقد سجل خام النفط الأمريكي قيمة سالبة للعقود، وأعلن بعض الشركات الأمريكية حالة الطوارئ، وطلبت تطبيق الفصل الـ 11 من قانون الإفلاس الأمريكي لحماية 20 شركة أمريكية من الدائنين على الأقل، وهذا الأمر كشف لنا مدى أهمية السعودية وقدرتها على التأثير في الاقتصاد العالمي، ورغم تلك الأحداث وزعت شركة أرامكو 281 مليار ريال سعودي على المساهمين في 2020 لتسجل بذلك أنها أكبر شركة نفط مساهمة توزع أرباحا في ذلك العام، وتأتي تلك التوزيعات نتيجة سياسة استراتيجية تحفيزية للمساهمين، ورغم صعوبة ذلك الوعد الذي اصطدم بظروف اقتصادية غير متوقعة إلا أن الشركة حققت وعدها.
كشف عام 2020 أن عملاق الطاقة السعودي يخطط بطريقة اقتصادية واستراتيجية تستهدف المستقبل وبعيدا عن أي دورات اقتصادية، وذلك من خلال عدد من المرتكزات والقدرات التنافسية، مثل القدرات التشغيلية العالية وتكلفة الاستخراج الأقل عالميا وطبيعة الهيكل التمويلي للشركة، إضافة إلى خططها الاستراتيجية التي تتوسع في مجال الطاقة بشكل رأسي وأفقي ومن خلال عدد من المحاور، ولعل أفضل نموذج يبين المسار الأفقي هو الاستحواذ على منتجات مصنعة أو نصف مصنعة، وذلك بدخول شركة سابك ضمن أعمال هذا العملاق السعودي بنسبة استحواذ 70 في المائة، كما أن الشركة لديها قدرات تسويقية ومنتجات بحثية وابتكارات تؤكد أن أرامكو تعيش في المستقبل وبموثوقية لأعمالها تخطت 99.9 في المائة في وقتنا الحاضر.
رغم كل تلك التحديات في عام 2020 سجلت الشركة أعلى إنتاج من الغاز للإنتاج اليومي 10.7 مليار قدم مكعبة قياسية في آب (أغسطس)، وبذلك تجعلنا نؤكد أن شركة أرامكو شركة طاقة عالمية متعددة المستويات وبقدرات هائلة ولا سيما إذا ما تذكرنا أنها أطلقت شحنات الأمونيا الزرقاء كمنتج من منتجات المستقبل.
أما عند استعراض نتائج الربع الثاني 2021 الذي صدر أخيرا، فقد نمت بنسبة 288 في المائة عن الربع نفسه من العام الماضي نتيجة تحسن مستويات الطلب على النفط وتطور مستويات التسعير وهوامش الأرباح لبعض المنتجات البتروكيماوية، لكن هذه المرة عن طريق توحيد أعمال شركة سابك التي تم الاستحواذ عليها العام الماضي، ونتوقع أن نرى خلال الربع المقبل تطورات مالية إيجابية نتيجة نجاح منظمة أوبك والمنتجين من خارجها في التوافق على مستويات إنتاجية ترضي الجميع، أي: إن التفاؤل بمستويات سعرية عالية سيستمر عام 2021.
إن التزام أرامكو بتوزيعات ثابتة للمساهمين رغم كل الظروف الاقتصادية يؤكد لنا أن الاستراتيجيات التشغيلية والاستثمارية والتمويلية والبحثية التي تنتهجها أرامكو على المدى الطويل تعد منهجية ناجحة في ميزان الربح والخسارة للاستثمارات الحقيقة التي يمكن الوثوق بها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي