Author

«في الحركة بركة»

|
الكون كله في حركة وفي دوران مستمر فالسكون لأي كائن حي يعني الموت.
إني رأيت وقوف الماء يفسده
إن سال طاب وإن لم يجر لم يطب
ومن المفترض ألا يكون الإنسان نشازا في هذا الكون الذي يحيط به، بل عليه أن يتحرك إن أراد البركة في صحته وعقله وماله.
أما إن ركن إلى الدعة والسكون فإن العاقبة وخيمة، وهذا ليس كلاما نظريا، بل أمر تدعمه الإحصاءات الرسمية والدراسات العلمية. تشير مثلا إحصائية نشرتها منظمة الصحة العالمية WHO إلى أن 90 في المائة من حالات مرض السكر من النوع الثاني في جميع أنحاء العالم، يكون بشكل أساسي بسبب زيادة الوزن وقلة الحركة، وتشير إحصائيات وزارة الصحة السعودية إلى أن معدلات السمنة بين السعوديين بلغت 59 في المائة، منهم 29 في المائة تخطوا الوزن وأصبحوا بدناء فعلا، وأن 30 في المائة يعانون زيادة في الوزن، وذلك في الفئة العمرية من 15 عاما فما فوق، وتكمن خطورة السمنة من المخاطر الصحية المرتبطة بها مثل، الإصابة بمرض السكري وأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم والتهاب المفاصل وغيرها.
والسمنة مرتبطة ارتباطا وثيقا بقلة النشاط البدني. الدراسات العلمية أثبتت أن الحركة والمشي ليست مفيدة للجسم فحسب، بل للعقل أيضا، فهي وقاية من فقدان الذاكرة وعامل مهم في إبطاء التراجع في القدرات العقلية، وهو ما أشارت إليه دراستان منفصلتان إحداهما عن جامعة تسوكوبا اليابانية، والأخرى عن جامعة بيتسبرح الأمريكية.
إن من يقضي عدة ساعات أمام الأجهزة الإلكترونية دون حركة فهو يعرض نفسه للإصابة بالاكتئاب والأمراض المزمنة، كأمراض القلب والسكري، وكلما زادت ساعات الجلوس زادت الخطورة. كما ثبت أن للحركة أثرا نفسيا بالغا في الإنسان، فهي تزيل الأحاسيس السلبية وتعيد التوازن الفكري والعضوي، ما يزيد القدرة على الاستيعاب والتركيز. إننا مطالبون بتغيير نمط الحياة العصرية القائم معظمه على الجلوس والاعتماد على الآخرين، كاعتماد ربات البيوت على العاملات المنزليات في إنجاز كثير من الأعمال المنزلية، التي لو قامت ربة البيت بها لانعكس ذلك على صحتها ونشاطها، والأمر نفسه ينسحب على الرجال، إذ لو قام الجميع بإتمام أعمالهم المنزلية بأنفسهم، لاستغنوا عن أعشاب التخسيس ومراكز اللياقة! نعم إن "في الحركة بركة" فعلينا أن نتحرك قبل - لا قدر الله - أن نضطر لذلك.
إنشرها