الاستثمار في أسهم القطاع العقاري الأمريكي

الاستثمار في أسهم القطاع العقاري الأمريكي
الاستثمار في أسهم القطاع العقاري الأمريكي
الاستثمار في أسهم القطاع العقاري الأمريكي
الاستثمار في أسهم القطاع العقاري الأمريكي
الاستثمار في أسهم القطاع العقاري الأمريكي
الاستثمار في أسهم القطاع العقاري الأمريكي

يعد القطاع العقاري معقل الاستقرار في معظم الاقتصادات حول العالم، حيث يلجأ إليه المستثمرون في أيام الشدة وأيام الرخاء، ويعد من الأصول المنفصلة في أدائها عن أداء الأسهم، وبالتالي فالاستثمار العقاري ضروري جدا لتنويع المحفظة الاستثمارية.

تتميز الولايات المتحدة بقطاع عقاري كبير مفتوح للاستثمار المباشر من خلال تطوير وامتلاك المنشآت العقارية السكنية والتجارية، وكذلك هو متاح للاستثمار من خلال عدة وسائل مالية كالأسهم والصناديق الاستثمارية. ومع بداية أزمة كورونا حدثت هناك ربكة اقتصادية طالت جميع أركان الاقتصاد، بما في ذلك أسهم الشركات العقارية التي واجهت هبوطا عنيفا تعافت منه سريعا منذ بداية مايو 2020. فبينما كان متوسط سعر منزل الأسرة الواحدة في أمريكا بداية 2020 يبلغ 383 ألف دولار، ارتفع بنهاية الربع الثاني 2021 إلى 434 ألف دولار. وأعلى الأسعار نجدها في الشمال الشرقي حيث يبلغ متوسط سعر المنزل حاليا نحو 746 ألف دولار.

بالنسبة للمستثمرين الأجانب ممن لا يفضل الشراء العقاري المباشر، هناك إمكانية الاستفادة من عدد كبير من الشركات العاملة في مجالات مرتبطة بالقطاع العقاري، كالتطوير والاستثمار والتملك والتأجير والخدمات اللوجستية الداعمة للقطاع.

في هذا التقرير نلقي الضوء على واقع القطاع العقاري الأمريكي وبعض أهم الأسهم والصناديق المتعلقة به، إلى جانب بعض المؤشرات المهمة.

حجم القطاع العقاري الأمريكي وأهميته

تتراوح نسبة قطاع الإسكان في الناتج المحلي الأمريكي ما بين 15 و 18 في المائة، بحسب الرابطة الوطنية لبناة المنازل في الولايات المتحدة، ويشكل الاستثمار السكني فيها نحو 4 في المائة، ويشمل بناة الهياكل الجديدة للأسر وإعادة البناء السكني وعمولات الوسطاء، في حين أن الإنفاق على خدمات الإسكان تشكل بقية النسبة، وتشمل إجمالي الإيجارات ومدفوعات المرافق.

بلغت القيمة الإجمالية للاستثمار السكني الثابت وخدمات الإسكان في الولايات المتحدة في 1980 نحو 442 مليار دولار، وتضاعفت نحو 8.7 مرة فيما بعد لتبلغ في 2020 نحو 3.5 تريليون دولار. وبذلك فإن حجم القطاع العقاري في إجمالي الناتج المحلي يفوق حجم ستة قطاعات مجتمعة: الزراعة والغابات والصيد والتعدين وخدمات النقل والتخزين والحكومة الفيدرالية، حيث يبلغ نصيبهم مجتمعين 3.2 تريليون دولار.

الصعوبات التي تواجه القطاع العقاري
على الرغم من أهمية القطاع وتنامي فرص الاستثمار فيه، إلا أن هناك تحديات تواجه المطورين منها التخوف من حدوث انكماش اقتصادي، فمثلما يؤدي التوسع الاقتصادي إلى الإقبال على قطاع العقارات بهدف توسيع الأعمال وبناء أعمال جديدة، فإن الاقتصاد الضعيف يؤدي إلى إعاقة الطلب وتعثر العرض وبالتالي تراجع أداء العقارات التجارية، وتحديدا تلك العقارات التي تقع في مناطق جغرافية أكثر تضررا في حالة الانكماش.

ارتفاع معدلات الفائدة يشكل أيضا خطرا على قطاع العقارات، حيث يتمتع الاقتصاد الأمريكي منذ عدة أعوام بسعر فائدة منخفض جذب شرائح عديدة من المستثمرين إلى القطاع، إلا أنه مع أي ارتفاع مفاجئ لسعر الفائدة ستكون هناك تأثيرات سلبية في حجم الاستثمارات الموجهة إلى القطاع.

من التحديات كذلك هناك كثرة صناديق الاستثمار العقاري وصعوبة اختيار الأنسب منها، إلى جانب زيادة احتمالات سوء الإدارة في بعض منها، وبشكل عام يواجه المطورون العقاريون تحديات في اختيار الصفقات الجيدة والعقارات المثالية، إضافة إلى صعوبات في عمليات الإشراف والتنسيق مع الأطراف الرئيسة، ولا سيما الأيدي العاملة، التي تواجه شحا ملحوظا في أمريكا في هذه الفترة.

دلائل بيانات الإسكان الشهرية
تصدر وزارة التجارة الأمريكية في منتصف كل شهر تقرير الإسكان الذي يحتوي على ثلاثة بيانات مهمة: عدد رخص البناء التي تم إصدارها، وعدد أعمال بدء البناء housing starts، وعدد حالات إنهاء البناء للمنازل. وينظر عادة إلى عدد أعمال بدء البناء كمؤشر اقتصادي مهم يستفاد منه في معرفة توجه أسعار الفائدة في القروض العقارية وأسعار العقار وأسعار مواد البناء، وكذلك في التنبؤ بمستوى التوظيف والبطالة، والوضع الاقتصادي بشكل عام. من المعروف أن الناس يكونون أكثر تقبلا لبناء المنازل، وبالتالي تزداد أعمال بدء البناء عندما يكون الاقتصاد في حالة انتعاش، وعلى العكس من ذلك تتناقص أعمال بدء البناء عندما تكون هناك ضبابية أو تراجع اقتصادي.

قفز مؤشر بدء البناء في الولايات المتحدة خلال يونيو 2021 إلى 1.643 مليون منزل على أساس سنوي وهو يقف عند مستويات لم يشهدها المؤشر منذ نهاية 2006، وهذا الشهر بالذات جاء أعلى من التوقعات بنحو 50 ألف رخصة، انظر الرسم البياني.
هناك طلب عال على المباني المخصصة للأسرة الواحدة، التي تشكل 70 في المائة من حالات بدء البناء، وذلك على الرغم من ارتفاع تكاليف المواد ونقص العمالة، ويستحوذ الغرب الأمريكي على النسبة الأكبر في نمو عمليات بدء البناء.

عدد المنازل الجديدة
ينظر المستثمر في الأسهم العقارية إلى عدد المنازل التي تم الانتهاء من بنائها في كل شهر، الذي نجد أنه وصل على أساس سنوي إلى 905 آلاف منزل من الوحدات المخصصة للأسرة الواحدة في يونيو 2021، وبلغ العدد الإجمالي لجميع أنواع الوحدات السكنية 1.3 مليون وحدة، على أساس سنوي.

نسبة من يبنون منازلهم بأنفسهم
في الولايات المتحدة، كما في كثير من الدول العربية، هناك من يبني منزله بنفسه، فيتولى عملية التخطيط وتنظيم العمل وتوفير العمالة والإشراف على المشروع بشكل كامل. وهناك من يقوم ببناء منزله عن طريق جهة متخصصة في الأعمال الإنشائية، أو مؤسسة مقاولات بحيث يكون المشروع على هيئة ما يعرف بمشروع "تسليم مفتاح".

لا نعلم كم نسبة هاتين الطريقتين للبناء في السعودية ولكن يبدو أن نسبة من يبنون بأنفسهم لدينا أكبر مما هو حاصل في أمريكا، حيث نجد أن متوسط نسبة من يقومون ببناء منازلهم بأنفسهم نحو 6 في المائة فقط، مقابل نحو 13 في المائة ممن يبني من خلال مقاول، وهذا فقط فيما يخص منازل الأسرة الواحدة. هذا يعني أن نحو 80 في المائة من المنازل يتم بناؤها من قبل شركات تطوير عقاري، وهي التي تقوم بامتلاك الوحدات ومن ثم بيعها على الناس.

نسبة من يملكون منازلهم في أمريكا
انخفضت معدلات ملكية المنازل في الولايات المتحدة خلال الربع الثاني من 2021 إلى 65.4 في المائة، بينما كانت 67.9 في المائة خلال الفترة نفسها من 2020، وفقا لمكتب الإحصاء الأمريكي. وهذه النسبة تتأرجح من عام إلى آخر، حيث كانت نحو 64 في المائة في 1990 وارتفعت إلى 69 في المائة في 2004، ثم انخفضت مرة أخرى إلى قرب 64 في المائة في 2016، وهي الآن قريبة من 66 في المائة.

أما أسعار المنازل في أمريكا، فهي بالمتوسط تبلغ حاليا نحو 434 ألف دولار لمنزل الأسرة الواحدة، كمتوسط عام لجميع الولايات الأمريكية، ولكن يرتفع هذا المتوسط إلى أكثر من ذلك في الشمال الشرقي وفي الغرب في ولاية كاليفورنيا على وجه التحديد. هذا يعني أن متوسط أسعار المنازل ارتفع منذ 2012 بنسبة 67 في المائة، ويعد ذلك ارتفاعا كبيرا إذا أخذنا بعين الاعتبار أن هذا هو متوسط الأسعار في جميع أنحاء البلاد.

متوسط قيمة الإيجارات السنوية ونسبة ارتفاعها
ارتفع متوسط إيجار المنازل في الولايات المتحدة بنهاية الربع الثاني من 2021 إلى 1,228 دولار في الشهر، وهذا ارتفاع كبير بنسبة 19 في المائة مقارنة بنهاية الربع الثاني من 2020. أما إذا نظرنا إلى المناطق الجغرافية فنجد أن متوسط الإيجار الشهري في الشمال الشرقي 1,493 دولار، وفي الغرب 1,690 دولار، وفي الجنوب 1,083 دولار، وأقل الإيجارات نجدها في الوسط الغربي عند 907 دولارات في الشهر.

أبرز شركات الاستثمار العقاري
ربما أبسط الطرق للاستفادة من الحركة العقارية في الولايات المتحدة، دون القيام بالشراء المباشر في إحدى الولايات، هو القيام بشراء بعض أسهم أهم الشركات العقارية التي نذكر منها خمس شركات في الجدول أدناه، بعض هذه الشركات كبيرة وعريقة وتتميز جميعها بربحية عالية ومكررات ربحية معقولة.

شركة مجموعة "سايمون بروبيرتي"، على سبيل المثال، تتمتع بصافي ربح يتجاوز في بعض الأعوام 40 في المائة، وهذه نسبة كبيرة في القطاع العقاري، الذي غالبا ينظر إلى متوسط العائد المتوقع من خلاله بحدود 7 إلى 10 في المائة. وهذه الشركة توزع أرباحا سنوية بنسبة نحو 4.5 في المائة من سعر السهم الحالي.

كذلك شركة "إيكويتي رزدنشال" التي لديها أكثر من 300 استثمار عقاري وأكثر من 80 ألف وحدة عقارية، هي الأخرى تحقق صافي ربح بحدود 30 في المائة سنويا، وتوزع أرباحا سنوية تعادل نحو 2.85 في المائة من سعر السهم الحالي، ومثلها كذلك شركة "آفالون باي" الشبيهة بها من حيث تنوع الأصول ونموذج العمل.

أما الشركتين الأخيرتين في الجدول فهما من الشركات القابضة في المجال العقاري، أو يمكن تصنيفهما على أنهما صناديق عقارية متداولة REIT، وهي شركات لديها ممتلكات عقارية عبارة عن أبراج اتصالات وبنى تحتية مكملة إلى جانب خدمات لوجستية، وهي أقل ربحية من الشركات الأخرى وتوزع أرباحا أقل نسبيا، إلا أنها تعمل في مجالات عقارية فريدة. شركة "أميريكان تاور"، على سبيل المثال، لديها نحو 214 ألف موقع مخصص للأبراج، معظمها خارج الولايات المتحدة.

الاستثمار في القطاع العقاري من خلال صندوق متداول
أحد الطرق للاستثمار في القطاع العقاري بشكل أكبر شمولية من انتقاء بعض الشركات العقارية، أو حتى انتقاء صناديق REIT، يتم من خلال الاستثمار في صندوق عقاري متداول، وهذا يختلف عن صناديق REIT، في أنه يستثمر في أسهم شركات عقارية، بينما صناديق REIT هي شركات عقارية بحد ذاتها.

أحد أهم الصناديق المتداولة العقارية هناك صندوق IYR الذي تديره عملاقة الصناديق الاستثمارية "بلاك روك"، وهو صندوق يستثمر في مكونات مؤشر داو جونز العقاري، وبالتالي فأداؤه مطابق لأداء هذا المؤشر. بالنظر إلى أداء الصندوق على مدى الأعوام الخمسة الماضية نجد أنه كان بحدود 80 دولارا في 2017 و2018، ثم أخذ بالارتفاع إلى أن وصل 100 دولار قبيل أزمة كورونا، وهو الآن عند 107 دولارات، مرتفعا نحو 75 في المائة منذ قاع هبوط كورونا.

نسبة المصروفات الإدارية قليلة نوعا ما عند 0.41 في المائة، أي 41 دولارا من كل عشرة آلاف دولار مستثمرة في الصندوق، ولدى الصندوق نسبة توزيع أرباح تعادل حاليا نحو 1.93 في المائة من سعر الصندوق.

خاتمة
في هذا التقرير تطرقنا لأهمية الاستثمار في القطاع العقاري، وأخذنا العقار الأمريكي كمثال نظرا لضخامة حجمه وتنوع سبل الاستثمار به، وذكرنا أن الاستثمار العقاري بشكل عام يعد من أهم وسائل تنويع الاستثمار نتيجة عدم وجود علاقة مباشرة بين أداء القطاع العقاري وأداء الأسهم. ألقينا نظرة على أهم المؤشرات التي ترصد الحراك العقاري في أمريكا، مثل تراخيص البناء المختلفة، ورصدنا نمو أسعار المنازل وأسعار الإيجارات الشهرية.

ثم انتقينا خمس شركات عقارية متميزة، ممن لديها ممتلكات سكنية وتجارية وأسواق تجارية "مولات"، وذكرنا أن صندوق IYR يعد من أفضل الطرق للدخول في القطاع العقاري الأمريكي بشكل عام.

الأكثر قراءة