Author

قراءة في استراتيجية مستقبل مكة

|

اقتصادي في السياسات الاقتصادية وإدارة استراتيجيات الأعمال والشراكات الاستراتيجية.

أطلقت الهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة عبر موقعها الإلكتروني، استراتيجية شاملة ترسم ملامح مستقبل مكة جمعت الاستراتيجية بين تحسين جودة حياة السكان وصناعة تجربة الزائر عبر 12 برنامجا استراتيجيا لترقية المكان والإنسان وتحقيق أعلى إنتاجية مكانية واقتصادية محورها الإنسان وقداسة المكان، ولم تغفل الاستراتيجية إطارات الحوكمة والاستدامة المالية التي تسمح بمشاركة القطاعين الاستثماري والوقفي وترشيد إنفاق الحكومة.
اليوم سألقي نظرة اقتصادية من خلال الجمع بين البعدين الاستراتيجي والاقتصادي لاستراتيجية الهيئة، وذلك في محاولة لقراءة مستقبل مكة وانعكاسات الاستراتيجية التي ستعود على اقتصاد ومجتمع مكة بالخير، إضافة إلى تبسيط العمل الاستراتيجي الضخم الذي تقوده الهيئة الملكية، وزيادة الوعي الاستراتيجي حول مستقبل مكة وآفاقها الواعدة في عهد الملك سلمان.
الهيئة الملكية لمكة المكرمة والمشاعر المقدسة ترتبط بمجلس الوزراء ويرأس مجلس إدارتها الأمير محمد بن سلمان، ولهذا تستند إلى سلطة عليا تشرف على جميع الأعمال والخدمات في نطاقي مدينة مكة والمشاعر، أي إنها النموذج الجديد والحلم الوطني في الإدارة المحلية وفق منطلقات رؤية 2030، كما نراها من منظور اقتصادي.
إن مؤشرات نجاح الهيئة تكمن في زيادة الناتج المحلي لاقتصاد مكة، وتبعا لذلك توليد مزيد من الوظائف وجذب الاستثمارات، إضافة إلى الارتقاء بالخدمات وتحقيق الاستدامة المالية، وفي واقع الأمر ما هي إلا أهداف استراتيجية رسمتها الهيئة ضمن إطار استراتيجية مستقبل مكة والمشاعر.
تمتلك مدينة مكة خصائص اقتصادية فريدة تمكنها من تطبيق الاستراتيجية بنجاح، فمنذ فجر التاريخ وحركتي التجارة والتدفق البشري لمكة يجعلانها لا تخضع لبعض قوانين اقتصادية، فمكة مدينة لا يوجد لها منافس اقتصادي من حيث السمات والخصائص، ويعزى ذلك لبعدها الديني حتى إن تأثرت بالوضع الاقتصادي المحيط بها إلا أن ميزتي الاستدامة والتنافسية المطلقة عبر الزمن أسس جوهرية في الاقتصاد المكي، ثم إن زيادة الاستيعاب المكاني لن تلغي الهوية التاريخية، والجمع بين هذين العنصرين يشكل قيمة مضافة حقيقة لنتائج الاستراتيجية، ولا سيما عند إثراء تجربة الزائرين، لأن من المؤكد أن المواقع التاريخية جزء من تجارب القادمين لمكة، كما أن مفاهيم الاقتصاد الحضري ظهرت بوضوح في الاستراتيجية كمعالجة النقل والخدمات ومواكبة التقدم التقني عبر تقنيات المدن الذكية.
أما عند الحديث عن الحوكمة والاستدامة المالية، فقد راعت الاستراتيجية ذلك بما في ذلك مواضيع الأمن والبيئة والسلامة لضمان تحقيق إدارة استثنائية لمدينة مثل مكة طوال العام وفي المواسم.
أخيرا، أعتقد أن أهم برنامج في البرامج الاستراتيجية المعلنة هو تطوير وتنمية قدرات الهيئة المؤسسية، وتكمن الأهمية في أن التطوير المؤسسي الحقيقي سيضمن للهيئة عبر جيل المؤسسين الحاليين والتعاقب القيادي المستقبلي أن تقوم الهيئة بدورها لتحقيق طموحات الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد، في جعل مكة المكرمة المدينة الإسلامية التي يفتخر بها كل مسلم حول العالم.

إنشرها