أخبار اقتصادية- عالمية

50 % من الشركات العالمية ستواجه تحديات في مشاريع الذكاء الاصطناعي .. ترجمة التحليلات أبرزها

50 % من الشركات العالمية ستواجه تحديات في مشاريع الذكاء الاصطناعي .. ترجمة التحليلات أبرزها

يمتلك المترجمون فطنة قوية في التحليلات الكمية والحل المنظم للمشكلات.

ستواجه نحو 50 في المائة من الشركات صعوبات في تنفيذ مشاريع الذكاء الاصطناعي، لتحسين عملية صنع القرار عبر العمليات التجارية، من البحث والتصميم إلى سلسلة التوريد وإدارة المخاطر، وذلك وفقا لشركة الأبحاث والاستشارات "جارتنر" Gartner.
الصعوبات الرئيسة: الافتقار إلى كفاءة الموظفين في هذا الشأن، نقص الوعي بمزايا وحدود الذكاء الاصطناعي، والمشكلات المتعلقة بالبيانات "مثل صوامع البيانات"، هي الأسباب الأكثر ذكرا وتكرارا.
على طول الطريق، كان هناك كثير من الأدبيات والتعبيرات التنفيذية حول توظيف ونشر علماء البيانات الذين يندرون دائما. بالتأكيد، يطلب من علماء البيانات بناء نماذج التحليلات، وهم من يطلق عليهم اسم "مترجمو التحليلات" - أو العمود الفقري للذكاء الاصطناعي - القادرون على تحويل كميات هائلة من البيانات إلى رؤى للنجاح.

الذكاء الاصطناعي كرياضة جماعية

كريستيان ديثيلم-سبيس، هو رئيس الخدمات المصرفية لشركات الذكاء الاصطناعي في مصرف "يو بي أس"، يقول لـ"الاقتصادية"، "أنشأ عديد من الشركات فرقا وخدمات مخصصة لتحليل البيانات، تجمع بين لاعبين مختلفين بملفات مهنية مختلفة. لكن من أجل تحقيق النجاح، تتطلب مشاريع الذكاء الاصطناعي ليس فقط علماء بيانات أكفاء، بل أيضا فرقا رشيقة متعددة التخصصات، تغطي مجموعة واسعة من المهارات المطلوبة".
وأوضح أن هذه التخصصات تتمثل في "خبراء تخيل البيانات وتصور آفاقها، ومهندسي البيانات، ومهندسي التعلم الآلي، ومصممين لنتائج النشاط الاقتصادي، ومختصين من مختلف مجالات النشاط المعنية". ومن الوظائف الأساسية للغاية في هذا الصدد، التي غالبا ما يتم تجاهلها، وظيفة "مترجمي التحليلات".

مترجمو التحليلات .. رابطة وصل

مفهوم "مترجم التحليلات" تمت صياغته وتوصيفه لأول مرة من قبل معهد "ماكنزي" العالمي للأبحاث، في مقالة نشرتها مجلة "هارفارد بيزنز ريفيو" في 2018. يلعب مترجمو التحليلات دورا حاسما عندما يتعلق الأمر بترجمة تحديات ميدان من ميادين النشاط يستخدم الذكاء الاصطناعي.
وقال ديثيلم-سبيس "إن أحد المتطلبات الأساسية المهمة لهذا الملف المهني هو أن يكون الشخص سلسا في أداء مهمته في كلا العالمين - عالم الأعمال وعالم البيانات - ويتحدث لغة هذين العالمين ويعرف خصوصياتهما".
وأضاف "إذا كان المترجم التحليلي يعمل في مجال الذكاء الاصطناعي في مصرف، ينبغي أن يتمتع بخبرة مصرفية قوية وإتقان في المجال، مع القدرة على فهم المفاهيم الأساسية للإحصاء وعلوم البيانات لتفسيرها وتطبيقها بشكل صحيح. الأمر نفسه ينطبق على الميادين الأخرى، الصناعة، الزراعة، السياحة، وغيرها".

من مترجم التحليلات؟

تقرأ "الاقتصادية" في مقالة "هارفارد بيزنز ريفيو": إن مترجمي التحليلات، هم ليسوا بالضرورة مهندسي بيانات ولا مصممي بيانات. وليسوا مهنيين متخصصين في التحليلات، ولا بالضرورة يمتلكون خبرة فنية عميقة في البرمجة أو وضع النماذج.
بدلا من ذلك، يلعب المترجمون دورا مهما في ربط الخبرة الفنية لمهندسي البيانات وعلماء البيانات بالخبرة التشغيلية للتسويق وسلسلة التوريد والتصنيع والمخاطر ومديري الخطوط الأمامية الآخرين. في دورهم هذا، يساعد المترجمون على ضمان ترجمة الرؤى العميقة الناتجة عن التحليلات المعقدة إلى تأثير في نطاق واسع في المؤسسة.
نظرا إلى تنوع حالات الاستخدام المحتملة، قد يكون المترجمون جزءا من فريق استراتيجية الشركة، أو يحتلون مركزا وظيفيا متميزا، أو حتى وحدة أعمال مخصصة لتنفيذ استخدام التحليلات لنقل أهداف العمل هذه إلى محترفي البيانات الذين سينشئون النماذج والحلول.

دور مترجم التحليلات قبل بدء العمل

في كل خطوة من خطوات مبادرة التحليلات، يلعب المترجم دورا مهما. الخطوة 1: تحديد حالات استخدام الأعمال وترتيبها حسب الأولوية. هنا يعمل مع قادة وحدات الأعمال لتحديد المشكلات التي تناسب التحليلات، لحلها وترتيب أولوياتها. الخطوة 2: جمع وإعداد البيانات للمساعدة على تحديد بيانات العمل المطلوبة لإنتاج الرؤى الأكثر فائدة.
الخطوة 3: بناء محرك التحليلات ليضمن أن الحل يحل فعلا مشكلة العمل بالطريقة الأكثر كفاءة وقابلية للتفسير لمستخدمي الأعمال. الخطوة 4: التحقق من صحة واشتقاق الآثار المترتبة على الأعمال بجمع الرؤى المعقدة المشتقة من التحليلات إلى توصيات سهلة الفهم وقابلة للتنفيذ يمكن لمستخدمي الأعمال استخلاصها وتنفيذها بسهولة. الخطوة 5: تنفيذ الحل بتطبيقه على الرؤى التي تم تصميمها.

ماذا يفعل المترجمون؟

في بداية مبادرة التحليلات، يعتمد المترجمون على معرفتهم بميدان العمل لمساعدة قادة الأعمال على تحديد مشكلات أعمالهم وتحديد أولوياتها، بهدف تحقيق أعلى قيمة عند حلها. قد تكون هذه فرصا ضمن خط عمل واحد "على سبيل المثال، تحسين جودة المنتج في التصنيع" أو "تقليل وقت تسليم المنتج"، والمثال الأخير حيوي في عمل الموانئ والتصنيع، وغيرها.
في الاختصار، يساعد مترجمو التحليلات الشركات التي تبدأ مشروعا للذكاء الاصطناعي على طرح الأسئلة الصحيحة وتحديد المشكلات التي يمكن حلها باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.
ويوضح، ديثيلم-سبيس - المشارك في تأليف "دليل رابطة المصرفيين السويسريين لإدارة البيانات في الأعمال المصرفية اليومية": من الأخطاء الشائعة التركيز على تقنية جديدة من البداية والبحث عن إمكانيات تطبيق تلك التقنية. هذا نهج نادرا ما يكون ناجحا. من المناسب جدا تحليل احتياجات وتحديات المجال المعني أولا، ثم تحديد التقنية المناسبة.
مهمتان أخريان تقعان على عاتق مترجمي التحليلات: تحديد أولويات الاستخدام بحكمة وتركيز الموارد المتاحة على التطبيقات ذات التأثير الأكبر - مع العلم أن هذا التأثير لا يقاس فقط بالمعايير المالية، لكن أيضا بعناصر أخرى، ولا سيما احتياجات ودعم العملاء، والطبيعة المبتكرة للتطبيق، واحتمالية النجاح والجدوى، وشروط الإطار التنظيمي وقابلية التوسع.

المهارات والخبرات

أحد المتطلبات الرئيسة امتلاك مهارات متخصصة في مجال النشاط المعني. يجب أن يكون المترجمون خبراء في كل من صناعتهم وشركاتهم لتحديد قيمة الذكاء الاصطناعي والتحليلات بشكل فعال في سياق الأعمال. يجب أن يفهموا المقاييس التشغيلية الرئيسة للشركة وتأثيرها في الربح والخسارة والإيرادات والاحتفاظ بالعملاء، وما إلى ذلك.
ما يتعلق بتحليل البيانات ومشاريع الذكاء الاصطناعي في القطاع المالي، فإن هذا يعني معرفة متعمقة بالسياق التنظيمي، بما في ذلك على وجه الخصوص المتطلبات المتعلقة بسرية البيانات وحمايتها. إضافة إلى ذلك، ينبغي أن يكون مترجمو التحليلات قادرين على الاعتماد على مهارات تقنية قوية للغاية وإتقان الأساليب الشائعة للذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات والإحصاءات.
امتلاك خبرة في طرق إدارة المشاريع المختلفة "الأساليب التقليدية والأساليب الهجينة والرشاقة" تعد أيضا أحد الأصول في مشاريع الذكاء الاصطناعي. نظرا لأن الأخير غالبا ما يتطلب كثيرا من روح المبادرة في الابتكار والتغيير والتطوير، فمن المفيد جدا في النهاية للمترجمين التحليليين معرفة كيفية إظهار المبادرة والحصول على معرفة ملموسة بمقاربات مثل تصميم الأفكار تمهيدا لتأسيس طريقة للتفكير التصميمي.
إضافة إلى مجموعات المهارات "القابلة للتعليم" هذه، ينبغي أن يتمتع المترجمون أيضا بعقلية ريادية. إنهم بحاجة إلى الحماس والالتزام والدهاء في مجال الأعمال للتغلب على الحواجز التقنية والسياسية والتنظيمية التي يمكن أن تظهر. غالبا ما يعتمد توافر الأفراد الرياديين على ثقافة المؤسسة التي يعملون فيها ومدى تشجيعها لهم.
علاوة على معرفتهم بالمجال، يجب أن يمتلك المترجمون فطنة قوية في التحليلات الكمية وحل المشكلات المنظم. غالبا ما تكون لديهم شهادات رسمية في العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات.

أين يمكن أن تجدهم المؤسسات؟

مع الأخذ في الحسبان عدم وجود شهادات أو درجات للمترجمين حاليا. ردا على ذلك، أنشأت عديد من الشركات أكاديميات المترجمين الخاصة بها. يقول مقال مجلة "هارفارد بيزنز ريفيو"، على سبيل المثال، "إن إحدى شركات الصلب العالمية تقوم بتدريب 300 مدير في برنامج تعليمي مدته عام واحد". أما مؤسسة ماكنزي، فتقول "أنشأنا أكاديمية في شركتنا الخاصة، ودربنا ألف مترجم في العام الماضي".
تراوح مناهج الأكاديمية في كثير من الأحيان بين استكشاف فن الممكن ودراسة تقنيات وأساليب معينة للذكاء الاصطناعي. تقوم بعض المؤسسات بتدريب المترجمين من خلال التلمذة المهنية في فرق متعددة الوظائف على مشاريع تحويل التحليلات. غالبا ما تجمع هذه الشركات بين برامج التدريب المهني والأكاديمي، وتصميم رحلات تعليمية مدروسة، عادة ما تكون مدتها عاما، لكل فرد. بحلول 2026، يقدر معهد ماكنزي، أن يصل الطلب على مترجمي التحليلات في الولايات المتحدة وحدها إلى ما بين مليونين إلى أربعة ملايين.
بدورها، نشرت رابطة المصرفيين السويسريين في بداية حزيران (يونيو) 2021 الدليل الذي شارك، ديثيلم-سبيس، في إعداده حول إدارة البيانات في الأنشطة المصرفية اليومية. يقدم هذا الدليل، الذي يغطي عديدا من الجوانب المتعلقة بالأعمال المصرفية، لمترجمي التحليل المستقبليين نظرة عامة على الإطار القانوني، إضافة إلى التدابير التقنية والتنظيمية التي تجب مراعاتها فيما يتعلق بالبيانات ومشاريع الذكاء الاصطناعي في القطاع المالي.
بالنسبة إلى المصارف، الأسئلة التي تظهر لا تنتهي بتحليل البيانات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي الناتجة، بل تتعلق أيضا بـ"الأخلاقيات وتحديات إدارة البيانات المسؤولة"، حسبما سماه الدليل، الذي لا يفشل في معالجة هذه الموضوعات والقضايا الساخنة علاوة على تقديمه سبلا للتفكير والعمل.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية