متعاملو سوق النفط يرجحون كفة مخاوف تباطؤ النمو العالمي على شح محتمل للإمدادات

متعاملو سوق النفط يرجحون كفة مخاوف تباطؤ النمو العالمي على شح محتمل للإمدادات
استمرار الوضع المعلق للمنتجين بشأن زيادة الإنتاج في الشهر المقبل.

استهلت أسعار النفط الخام تعاملات الأسبوع على تراجع بسبب ضغوط المخاوف من انتشار متحور فيروس كورونا "دلتا" وتزايد حالات الإصابات الجديدة في عديد من دول العالم، إضافة إلى استمرار عدم اتفاق "أوبك+" على خطة زيادة الإمدادات النفطية بدءا من شهر آب (أغسطس) المقبل، ما ترك السوق في حالة من الترقب.
كما ساهم في تراجع العقود الآجلة للنفط تجدد المخاوف حيال تباطؤ النمو العالمي، لترجح كفتها مقابل شح محتمل للإمدادات عقب تعثر محادثات زيادة الإنتاج خلال الأشهر المقبلة.
وقال لـ"الاقتصادية"، محللون نفطيون إنه بعد سبعة أسابيع متتالية من المكاسب عادت أسعار النفط إلى الانخفاض بسبب الظروف غير المواتية في السوق ومخاوف طرح مزيد من النفط في السوق إذا استمر المنتجون دون اتفاق.
وأضافوا أن صعوبة قراءة تطورات السوق في المرحلة الراهنة كان لها انعكاسات واسعة على أسعار العقود الآجلة للنفط بعد تنامي المخاوف واستمرار تراجع الأسعار، كما أن المراكز القصيرة بين المنتجين قفزت إلى أعلى مستوياتها منذ 2007 بحلول منتصف حزيران (يونيو) الماضي.
وذكر محللون أن المطالبات الدولية لتحالف "أوبك+" بزيادة الإنتاج قد تساعد على سرعة التوصل إلى اتفاق قريبا، موضحين أن السوق أقل تأثرا حاليا بتزايد الإصابات بمتغير فيروس كورونا على الرغم من أن عدد الإصابات في آسيا آخذ في الارتفاع، وفي ظل إعادة عديد من الدول لعمليات الإغلاق، كما ترصد أوروبا حاليا بداية موجة جائحة رابعة.
وأكد روبرت شتيهرير، مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية أن التقلبات ستهيمن على الأرجح على سوق النفط الخام خلال الأسبوع الجاري بسبب ضغوط متغير "دلتا" واستمرار الوضع المعلق للمنتجين بشأن زيادة الإنتاج في الشهر المقبل، موضحا أن السوق غالبا تعتقد أن أسعار النفط الحالية ليست مستدامة.
ورجح استنزاف مزيد من المخزونات النفطية الأمريكية، خاصة مع تركيز صناعة النفط الصخري في الولايات المتحدة على الحذر في زيادة الإنتاج وتعظيم العائدات من قبل التحوط، مشيرا إلى تقديرات صادرة عن "ريستاد إنرجي" تتوقع تسجيل منتجي النفط الصخري الأمريكي عائدات هيدروكربونية عالية قياسية بقيمة 195 مليار دولار في العام الجاري مقابل 191 مليار دولار في العام الماضي.
من جانبه، ذكر ردولف هوبر الباحث في شؤون الطاقة، ومدير أحد المواقع المتخصصة أن تأرجح الأسعار لا يعني انتكاسة سعرية، حيث ستظل أسعار النفط الخام تدور حول مستويات مرتفعة، مدللا على ذلك بتقديرات صادرة عن بنك "جولدمان ساكس" ترجح بقاء أسعار النفط بين 75 و80 دولارا للبرميل على مدار الـ18 شهرا المقبلة.
وأشار إلى أن أسعار النفط ستظل في مستويات قوية خاصة خلال الصيف بفضل الطلب القوي على البنزين وانتعاش حركة السياحة والسفر والتنقل، إضافة إلى استمرار نجاح عملية توزيع اللقاحات وتراجع المخاوف نسبيا من متحور دلتا، الذي رفع مستوى الإصابات، وأدى إلى عودة حالة الطوارئ في بعض الدول.
من ناحيته، قال ماثيو جونسون، المحلل في شركة "أوكسيرا" الدولية للاستشارات إن حالة الافتقار المؤقتة إلى سياسة إنتاجية جديدة في "أوبك+" بدءا من آب (أغسطس) المقبل قد تسهم في استمرار رفع الأسعار إلى نحو 80 دولارا في الأيام والأسابيع المقبلة.
وأوضح أن المنتجين في "أوبك+" ليسوا وحدهم، الذين يفرضون قيودا على المعروض العالمي من النفط الخام، ولكن منتجي النفط الصخري الأمريكي مترددون في الاستثمار وزيادة إنتاجهم بشكل كاف لسد عجز العرض.
بدورها، قالت نايلا هنجستلر، مدير إدارة الشرق الأوسط في الغرفة الفيدرالية النمساوية إن التوافق بين "أوبك+" ليس أمرا بعيد المنال، فقد تخطوا معا من قبل وعلى مدار أربعة أعوام متتالية كثيرا من العوائق أهمها انهيار أسعار النفط في نيسان (أبريل) من العام الماضي، مشيرة إلى أن معطيات السوق في المرحلة الراهنة إيجابية للغاية ومسار الطلب على النفط سينطلق بقوة على مدار النصف الثاني من هذا العام.
وأوضحت أن الجميع ترقب الزيادة المقبلة لتحالف "أوبك+"، بينما زيادات الإنتاج الأمريكي وحدها– إن حدثت– لن تكون قادرة على تلبية الزيادة المتوقعة في الطلب، لافتة إلى أن الأسعار المرتفعة تمثل مشكلة للمستهلكين والشركات الخاصة، ويمكن أن تعوق النمو الاقتصادي.
وفيما يخص الأسعار، نزل خام برنت تسليم أيلول (سبتمبر) 35 سنتا بما يعادل 0.5 في المائة إلى 75.20 دولار للبرميل بحلول الساعة 06:41 بتوقيت جرينتش، وسجل خام غرب تكساس الوسيط تسليم آب (أغسطس) 74.23 دولار، منخفضا 33 سنتا أو 0.4 في المائة.
وبحسب "رويترز"، حذر وزراء مالية دول مجموعة العشرين السبت الماضي من أن انتشار سلالات فيروس كورونا، وعدم حصول البلدان النامية على اللقاحات بشكل عادل يهدد تعافي الاقتصاد العالمي.
وقال متعامل في سنغافورة "لم نر التأثير بعد، لكن عند هذا المعدل سيؤثر في الطلب إن آجلا أم عاجلا".
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 74.18 دولار للبرميل الجمعة الماضية مقابل 71.97 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وذكر التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أن سعر السلة، التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق أول ارتفاع بعد انخفاضين سابقين، كما أن السلة خسرت نحو دولار واحد، مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 75.21 دولار للبرميل.

الأكثر قراءة