التشاركية الواقعية
أتذكر أن جارنا في الطائف -رحمه الله- كان موظفا صغيرا في مستشفى حكومي، وكان لديه سيارة أجرة صفراء صغيرة يتناوب عليها مع أحد الجيران لتظل السيارة، وهي "الأصل" الوحيد الذي يملكه، تعمل معظم فترات اليوم.
كان الاتفاق أن حصيلة السائق المشارك تقسم بينهما مناصفة، وعرفت عندما كبرت، أن الفكرة يتبعها كثير من حراس المستشفيات والمدارس -آنذاك- وصغار الموظفين أو "المتسببين" ممن يعملون ويبذلون السبب، لكسب قوت يومهم. هذه الممارسة أيضا طبقها سائقو سيارات الأجرة البيضاء التي أتت لاحقا، حيث كان الإخوة المقيمون يتناوب كل اثنين منهم على سيارة لتعمل على مدار اليوم، خاصة في المرحلة التي كان ملاك هذه الشركات يفرضون عليهم مبلغا يوميا ثابتا.
هذه الممارسة تسمى الاقتصاد التشاركي، وهو نظام اجتماعي اقتصادي يقوم على مشاركة الموارد والأصول البشرية والمادية بين الأفراد والمؤسسات الخاصة والعامة.
هذا النظام تسعى هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات إلى دعم وتشجيع الشباب على الاستفادة منه كما قالت في بيان أصدرته قبل يومين، بمناسبة إطلاقها حملة توطين تطبيقات التوصيل، التي تهدف إلى تحفيز المواطنين على الانضمام إلى سوق تطبيقات التوصيل، وإتاحة الفرصة أمام المواطنين السعوديين لاستثمار الطلب المتزايد على الخدمة وتنويع مصادر الدخل.
هذه الحملة في رأيي مهمة للاستفادة من مفهوم "الاقتصاد التشاركي" الذي قالت الهيئة إنها تتبعه في تنظيم خدمات تطبيقات التوصيل، من خلال تشجيع ثقافة الابتكار وريادة الأعمال في العمليات التشغيلية للقطاع، الذي يتسم بالحيوية والتنافسية العالية، حيث تشير الإحصاءات إلى بلوغ إجمالي الطلبات خلال الربع الأول من العام الجاري، أكثر من 28 مليون طلب. ليتحقق التحفيز هنا يجب تطبيق صرامة أكثر في سعودة القطاع، صرامة معقولة لا تضر بالمستثمرين، ويجب التأكيد على ملاك التطبيقات الذي يشاركون بالحصة الأكبر وهم لا يمتلكون الأصل أي السيارة ويمتلكون فقط "الأصل الرقمي"، أن يتأكدوا فقط من ملكية السيارة للأجنبي الذي يقدمون له فرصة العمل التشاركي.
نستقبل طلباتنا من سائقين أجانب في الأغلب، معظمهم يأتي على سيارات أجرة، أو سيارات كفلائهم، بل حتى سيارات شركاتهم، بينما السعودي في الأغلب يأتي بسيارته المتواضعة.
عليكم معشر الشباب أن تنافسوا على هذه الفرص، وألا تشاركوا فقط مع التطبيق، تشاركوا مع بعضكم بعضا، اثنان أو ثلاثة في سيارة واحدة لائقة، وكلما رزق الله أحدكم فرصة عمل كوظيفة أو عمل خاص يبيع حصته لزملائه أو زميل بديل يشاركهم.
رزقكم الله من واسع فضله.