ماهي الدروس التي يستخلصها الغرب من حرب الصين على الهند؟
بعد مرور عام على هجوم الصين على الحدود المتنازع عليها مع الهند في جبال الهيمالايا، والذي تدهور إلى وضع لقى فيه عشرون جنديا هنديا حتفهم إضافة إلى العديد من الجنود الصينيين، لا يزال مستوى التوتر على طول الحدود مرتفعا.
وقالت جوديث بيرجمان، وهي محللة سياسية وزميلة متميزة رفيعة المستوى في معهد جيتستون، إنه يبدو أن الصين، في طموحها الواضح لتصبح القوة المهيمنة على العالم، عاقدة العزم على التنمر على الهند المجاورة لحملها على الخضوع في المجالات التي هناك خلاف بشانها بين البلدين .
وأضافت في التقرير الذي نشره معهد جيتستون، أنه لتحقيق هذا الهدف، تستخدم الصين حرب المنطقة الرمادية، وهي مناورة أصبحت الدولة تمتلك خبرة كبيرة في ممارستها، خاصة ضد تايوان.
وينطوي هذا المفهوم على القيام بافعال لا ترقى إلى مستوى الحرب، ووصف اخرون هذا المصطلح بأنه "حرب غير مباشرة" ولكن الهدف واحد ويتمثل في التغلب على المقاومة أو عدو متصور من خلال اتباع اسلوب الإنهاك.
وفي شهر يونيو العام الماضي، ترددت تقارير مفادها أن الاشتباك الحدودي بين القوات العسكرية الصينية والهندية أدى إلى زيادة الهجمات
الإلكترونية من جانب الصين بنسبة 200%، حيث استهدف القراصنة وزارات ومؤسسات إعلامية وشركات كبيرة.
وأدرك المسؤولون الهنود أن هذه الجهود تحذير صارم من نظام الرئيس الصيني شي جين بينج، مفاده أنه إذا لم تنسحب الهند من المواجهة
الحدودية، فإن الصين ستطفئ الأنوار في مساحات شاسعة للبلاد، وزادت الهند من ارسال القوات إلى الحدود في الأشهر التالية، وفي شهر أكتوبر، غرقت مومباي في ظلام دامس. وفقا لما ذكره براهما شيلاني، مؤلف كتاب المياه والسلام والحرب، في مقال نشرته مؤخرا مجلة فورين افيرزالأمريكية.
واستمر انقطاع التيار الكهربائي الذي حدث في شهر أكتوبر الماضي في مومباي، والذي ترددت تقارير مفادها أن الصين هي التي تسببت فيه، لعدة ساعات وأغلق المستشفيات وأوقف حركة القطارات.
وأضافت بيرجمان أن هناك سببا إضافيا لدى الهند للشعور بالقلق وهو تحالف الصين الوثيق مع باكستان. وهى جارة عدائية منذ فترة طويلة، رغم إعلان وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان عام 2021، والذي أوقف الأعمال العدائية على طول حدود الدولتين المتنازع عليها في كشمير.
ووفقًا لوزير الدفاع الصيني، الجنرال وي فنجي": الصين هي المورد الرئيسي للمعدات العسكرية لباكستان، وترددت تقارير مفادها أن 73% من مشتريات الأسلحة الباكستانية في الفترة من عام 2015 وحتى عام 2019 كان مصدرها الصين.
ووفقا لتحليل حديث أجراه مجلس العلاقات الخارجية، وهو مركز أبحاث أمريكي: "من المرجح كثيرا أن تتورط الصين في أي صراع هندي باكستاني في المستقبل نظرا لأن احتضان بكين الاستراتيجي لإسلام أباد قد اشتد في السنوات الأخيرة".
ويقدم الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني عشرات المليارات من الدولارات لباكستان في صورة استثمارات صينية في البنية التحتية، بما في ذلك
في الأراضي التي تطالب الهند بالسيادة عليها.
وتعد مبادرة الحزام والطريق الصينية وسيلة بكين لتوسيع نطاق نفوذها في العالم وذلك عن طريق جعل الدول تعتمد عليها اقتصاديا، في الغالب
من خلال دبلوماسية فخ الديون (حيث تجد الدول نفسها غير قادرة على سداد قروض إلا من خلال التنازل عن الأصول الوطنية، مثل الأرض أو الموانئ) - كما تعد هذه المبادرة أيضا وسيلة لتطويق الهند ، وجذب المزيد من دول المنطقة لتدور في فلك الصين.
وتعد كل الدول المجاورة للهند تقريبا جزءا من مبادرة الحزام والطريق الصينية، بعضها بدرجة أكبر وبعضها بدرجة أقل، وهذه الدول هى :سريلانكا وباكستان وبنجلاديش وأفغانستان ونيبال وميانمار. من ناحية أخرى، رفضت الهند الموافقة على المبادرة.
وأخيرا، فعلى على مدار العقدين الماضيين، كانت الصين تشق طريقها في منطقة المحيط الهندي ،حيث يمر نحو 80% من النفط الذي تستورده الصين و95% من تجارتها مع الشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا.
وتابعت بيرجمان أنه يبدو أن الصين تعتزم تطوير قوة من نوع ما في المحيط الهندي، وذلك استنادا إلى الأدلة المتوفرة التي تشمل مشاريع
البنية التحتية للموانئ، والبيانات المختلفة من الحكومة والعلماء - المحللين المقيمين في الصين، فضلاً عن المعدات البحرية الجديدة.
وتنتاب الهند مخاوف متعددة بشأن الصين في المحيط الهندي. وأول هذه المخاوف ، الماثلة للعيان بالفعل، يتمثل في الأنشطة الصينية في
المنطقة الاقتصادية الخالصة للهند.
وفي حديثه في مطلع هذا العام، قال قائد البحرية الهندية الأدميرال كارامبير سينج إن سفن الأبحاث الصينية وقوارب الصيد يتم مشاهدتها في
المحيط الهندي، بما في ذلك في المنطقة الاقتصادية الخالصة الهندية.
وذكرت بيرجمان، أن استمرار التوتر العسكري بين الصين والهند يمثل مشكلة أيضا للولايات المتحدة.
ةيقول دانييل إس ماركي، الباحث وأحد كبار زملاء مجلس العلاقات الخارجية: "ناهيك عن احتمال جر الولايات المتحدة إلى مثل هذه المواجهة
، فإن الصراع بين الصين والهند سوف يهدد بحدوث اضطراب في الاقتصاد العالمي، وتقويض التنمية الإقليمية، والتسبب في تداعيات إنسانية كبيرة اعتمادا على الحجم المحتمل لهذا الصراع".
وأضاف: "إذا تم إضعاف الهند من الناحيتين العسكرية والأقتصادية في هذه العملية، فإنه سوف يتم تقويض قيمتها كقوة موازنة للصين وهدف الولايات المتحدة الأوسع نطاقا المتمثل في التصدي لنفوذ الصين الإقليمي".