هل تغير حوافز المواليد الحكومية الاتجاه الديموغرافي المتراجع في الصين؟

هل تغير حوافز المواليد الحكومية الاتجاه الديموغرافي المتراجع في الصين؟

مع كشف الصين عن برنامج وطني واسع النطاق لدعم رعاية الأطفال، بدأت ملامح شريحة جديدة تتشكل داخل ميزانيات الحكومات المحلية، تضم أولياء أمور ومقدمي خدمات ومسؤولين إقليميين باتوا جزءا من إستراتيجية بكين لتحفيز النمو السكاني.

وفي أواخر يوليو 2025، أعلنت بكين عن منحة سنوية موحدة قدرها 3,600 يوان (نحو 500 دولار) لكل طفل دون سن الثالثة، تُطبَّق على جميع الأطفال سواء وُلدوا قبل أو بعد عام 2025، مع تشجيع المقاطعات على إضافة مبالغ إضافية فوق الدعم المركزي.

خصصت الحكومة المركزية 90 مليار يوان (12.5 مليار دولار) للبرنامج في 2025، تستهدف أكثر من 20 مليون أسرة، في خطوة تنقل عبء التمويل من الحكومات المحلية إلى الخزانة المركزية، حسب "بارونز".

ووصفت لجنة الصحة الوطنية المبادرة بأنها "سياسة معيشية وطنية مهمة" تهدف إلى خفض تكاليف الإنجاب وتربية الأطفال، وتخفيف مخاوف الأزواج الشباب. يأتي ذلك في وقت تسجل فيه الصين تراجعًا سكانيا للعام الثالث على التوالي، إذ بلغ عدد المواليد في 2024 نحو 9.54 مليون فقط، أي نصف ما كان عليه في 2016، فيما لا يتجاوز معدل الخصوبة 1.15 طفل لكل امرأة، وهو أقل بكثير من معدل الإحلال السكاني.

ويرى اقتصاديون أن الخطوة تعكس تحولًا جذريًا في السياسة السكانية، من القيود الصارمة على الإنجاب إلى تقديم الحوافز المالية، لكن الشكوك ما زالت قائمة حول قدرتها على تغيير الاتجاه الديموغرافي المتراجع.

يشير خبراء اقتصاد مثل زيشن هوانج من "كابيتال إيكونوميكس" إلى أن التأثير الفعلي في معدلات الولادة أو الاستهلاك سيكون ضئيلاً بدون استثمارات هيكلية مستمرة في خدمات رعاية الأطفال، إجازات الوالدين، وحماية حقوق النساء، كما تحذر إيما زانج خبيرة اقتصادية صينية من جامعة ييل.

يتحمل القطاع المحلي تكاليف التشغيل والدعم، حيث تضيف المقاطعات الغنية مثل تشيجيانج وقوانجدونج زيادات مالية أو توسعات في الخدمات، بينما قد تزيد السياسة من ضعف المناطق الأقل ثراءً إذا لم يتوافر دعم مركزي كافٍ. أظهرت تجارب محلية في مناطق مثل هوهوت وشنيانج منحاً تفوق الدعم الوطني، ما رفع توقعات بتوسعات مستقبلية رغم الضغوط المالية على الحكومات المحلية.

يرى المسؤولون في بكين أن التحويلات النقدية المباشرة ستعزز قليلاً من إنفاق الأسر، لكن المبلغ المقدم لا يكفي لتحفيز تغييرات كبيرة في السلوك. مع ذلك، تؤكد عديد من العائلات أن المنحة تساعد على تغطية مصاريف الرعاية اليومية وتعزز شعورهم بدعم الحكومة.

تقول ليو تشين، وهي أم لطفلين تبلغ من العمر 32 عامًا في سيتشوان: "لا يكفي لتغيير ما إذا كنا سنحظى بطفل آخر أم لا. لكنه يُساعد على تغطية تكاليف الحفاضات ورعاية الأطفال، ويُشعرنا بأن الحكومة تهتم بنا".

تتعدى هذه السياسة دعم الخصوبة لتؤسس اقتصاد رعاية متناميا، فتفتح المجال أمام مزودي خدمات التعليم المبكر، الصحة، ومنتجات الأطفال لتحقيق إيرادات جديدة، ما يجذب اهتمام المستثمرين في شركات ذات صلة. هذه المبادرة تأتي وسط تحديات شيخوخة السكان، وتراجع القوة العاملة، وضغوط مالية متزايدة على النظام الاجتماعي.

بوجود "طبقة الإنفاق العام" من متلقي رعاية الأطفال، قد يكون صانعو السياسات بصدد تمهيد الطريق لتحويلات اجتماعية أكثر طموحا في المستقبل.
في النهاية، تمثل خطة الدعم هذه تحولاً رمزيًا في دور الدولة الصينية، من سياسة التحكم السكاني إلى تحفيز مالي مباشر، مع تساؤلات حول ما إذا كانت بداية لعقد اجتماعي جديد أو مجرد حل مؤقت لإدارة التراجع الديموغرافي.

الأكثر قراءة