Author

صباح القشطة

|
كانت من ألذ وجبات الطلاب في أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات القشطة، يضاف عليها السكر وتؤكل بالتميس الحار، السكر يضاف لأنه كان رخيص الثمن، ولأن الصحة العامة ممتازة للأطفال حيث يعيشون حياة طبيعية تحت الشمس وينامون مبكرا من كثرة اللعب في المدرسة والحارة، والمحصلة أنهم "يحرقون" كل الدهون والسكر في هذه الوجبة غير الصحية. كبرنا وبتنا نأكل هذه الوجبة من باب استعادة الذكريات، ذكريات الطفولة والطائف و"قطة" ثلاثة أو أربعة طلاب في علبة واحدة، أو الشرح لأبنائنا كيف كنا نجد حلول التمتع بالطعام بأسهل وأيسر الطرق مثل إضافة السكر على القشطة كبديل للعسل أو المربى.
إلى عام أو عامين مضيا كنت مثل كثيرين غيري أحسب أن القشطة وكثيرا من الأجبان المعلبة مصنوعة من الحليب، ليس بالضرورة الحليب الطازج، ولكن على الأقل كان اعتقادنا أنه في أسوأ الأحوال هي مصنعة من بودرة الحليب المبستر المستوردة من دول مشهورة بوفرة الأبقار والحليب.
اليوم بتنا نعرف أن كثيرا من هذه المنتجات هي "شبيهة" بما في ذلك "قشطتنا" في المدرسة الابتدائية، والسبب كما عرفنا بعد عقود أن المستخدم في تحضيرها أو تصنيعها هي الزيوت النباتية وليست مكونات الحليب، المعرفة التي جاءت بعد ان ألزمت الهيئة العامة للغذاء والدواء مشكورة مصنعي ومستوردي المنتجات الغذائية بإضافة كلمة "شبيه" على منتجات الحليب والألبان المعدلة بالزيوت النباتية.
المصنعون والمستوردون يقولون إن سبب "التشبه" هو تخفيض التكلفة على المستهلك، لكننا نرى أن نوعا أو نوعين من القشطة ومثلهما من الأجبان المستوردة من الخارج مصنعة من الحليب ولا تشبه أحدا إلا نفسها، وأسعارها مثل أسعار المتشبهين والمتشبهات بها، بل ربما تكون أقل في بعض المنتجات! فكيف يتسق هذا في أذهاننا كمستهلكين.
أدركت متأخرا أن ما كان ينسب لحليب البقر لم يكن سوى مراوغة غذائية، ولولا الله ثم صرامة هيئة الغذاء والدواء لبقيت وفيا لذكريات قشطة، كنت أحسبها أصيلة ومن صميم الحليب قبل أن أكتشف أنها كانت كغيرها، شبيهة ليس إلا.
كميات الحليب الطازج على أرفف الأسواق ضخمة جدا، وهناك شركات كبرى تنتج الحليب ومشتقاته فلماذا هذا التشبه، ولماذا لا تعطينا قشطة وجبنة حقيقية مع تلك المزيفة، حتى لا نظل نبحث عن أسماء أجنبية على الأرفف ولدينا عمالقة إنتاج غذائي نفخر ونفاخر بهم.
المضحك أن كل "صباح القشطة" رددنا عليه بـ"صباح العسل" لم تكن إلا لمنتج شبيه، لذا لتحري الدقة يجب تحديد نوع القشطة لكل تحية، وكل عسل.
إنشرها