تقارير و تحليلات

العقود المستقبلية السعودية .. وسيلة للمضاربة والتحوط غير مستغلة

العقود المستقبلية السعودية .. وسيلة للمضاربة والتحوط غير مستغلة

العقود المستقبلية السعودية .. وسيلة للمضاربة والتحوط غير مستغلة

العقود المستقبلية السعودية .. وسيلة للمضاربة والتحوط غير مستغلة

العقود المستقبلية السعودية .. وسيلة للمضاربة والتحوط غير مستغلة

تم إطلاق سوق العقود المستقبلية السعودية في 30 آب (أغسطس) الماضي، لكن مع الأسف حتى الآن لم تتم الاستفادة منها كما ينبغي، حيث لا يوجد تنفيذ لأي عقود في معظم الأيام، وإن حدثت حركة شراء أو بيع فهي محدودة جدا، وبعدد قليل من العقود. على سبيل المثال، عدد العقود المفتوحة المنتهية بنهاية الربع الثالث وكذلك المنتهية بنهاية الربع الرابع "صفر" عقد.
في هذا التقرير نلقي الضوء على فكرة العقود المستقبلية السعودية، وكيفية الاستفادة منها، مع بعض الأمثلة البسيطة. التقرير يؤكد أن هذه العقود تعد وسيلة مالية مهمة جدا، ومفيدة لكل من فئتي المضاربين والمتحوطين، ومن ثم نتطرق إلى أسباب جفاء المتعاملين مع هذه الوسيلة، وبعض المقترحات لمعالجة ذلك.

ما العقد في السوق المستقبلية؟

العقد المستقبلي هو اتفاق قانوني بين طرفين لبيع أو شراء أصل ما في المستقبل بسعر محدد، وهو ببساطة التزام بين طرفين ينتهي بفوز طرف على الآخر خلال فترة سريان العقد. حاليا لا توجد لدينا إلا عقود مستقبلية على مؤشر خاص بالأسهم السعودية، وسعر هذه العقود مرتبط بقيمة مؤشر إم تي 30، الذي يتحرك بشكل قريب جدا من حركة مؤشر سوق الأسهم "تاسي". لذا فالعقد عبارة عن مراهنة على توجه الأسهم السعودية خلال فترة سريان العقد، وفي الوقت نفسه يستفاد منه للتحوط ضد هبوط الأسهم. وهناك عقود يمكن التعامل بها باستمرار، تشمل الشهر الحالي والشهر المقبل، إلى جانب الشهر الذي يأتي بنهاية كل ربع من العام.
كذلك تستخدم العقود المستقبلية لمؤشرات الأسهم في توقع حركة الأسهم قبل افتتاح سوق الأسهم وأثنائها، فمثلا في الأسهم الأمريكية لو تبين أن عقود الشهر الحالي تشير إلى ارتفاع 2 في المائة عن اليوم السابق، فهذا يؤثر في توجهات المتداولين ونظرتهم إلى السوق، ولا سيما أن المتداولين في العقود المستقبلية غالبا يكونون أكثر احترافية من عموم المتداولين.

هيكلية سوق العقود المستقبلية

الشكل المرفق يوضح العلاقة بين كل من الأسهم السعودية، ومؤشر "إم تي 30"، والصندوق المتداول لـمؤشر "إم تي 30"، والعقود المستقبلية السعودية "إس أف 30". فمن بين جميع الأسهم السعودية، تم اختيار 30 شركة من قبل كل من شركة "مورجان ستانلي" وشركة تداول السعودية لتكون أساسا لمؤشر "إم تي 30"، الذي هو عبارة عن متوسط موزون لحركة تلك الـ30 شركة. ثم من هذا المؤشر قامت شركة "مورجان ستانلي" بتأسيس صندوق مؤشر متداول، صندوق "إم تي 30"، ما يعني أن امتلاك سهم واحد من هذا الصندوق بمنزلة امتلاك أجزاء معينة من 30 شركة دفعة واحدة، وهذا الصندوق له أهمية كبيرة في العقود المستقبلية السعودية، كما سنرى. وأخيرا قامت شركة تداول بإنشاء العقود المستقبلية السعودية "إس أف 30" التي صممت بناء على حركة مؤشر "إم تي 30".
أكبر عشر شركات في مؤشر "إم تي 30" تشكل نحو 70 في المائة من قيمة المؤشر، وهي الشركات الكبيرة المعروفة في السوق السعودية، مثل شركة سابك وأرامكو ومصرف الراجحي وغيرها. لذا فإن حركة مؤشر "إم تي 30" قريبة جدا من حركة المؤشر العام لسوق الأسهم، كما يتضح في الشكل.

كيفية شراء العقود المستقبلية السعودية

معظم الوسطاء المحليين يقدمون خدمة التعامل بالعقود المستقبلية، ويتم ذلك بفتح حساب لتداول العقود، وهو عادة حساب تداول الأسهم نفسه، فقط يحتاج العميل إلى التوقيع على بعض الأوراق ومن ثم يقوم بإيداع مبلغ من المال قليل نسبيا في الحساب، ولنفرض أن هذا العميل قرر شراء عقدين تنتهي مدتهما هذا الشهر، مثلا بعد 15 يوما.

الأرقام التالية مأخوذة عندما كانت أسعار العقود نحو 1262 نقطة، وهي حاليا في حدود 1460 نقطة، إلا أن الفكرة واحدة، فقط الأرقام تغيرت.

بما أن قيمة عقود "إس أف 30" حاليا تقف عند 1261.74، وبما أن حجم العقد يتم بضرب القيمة في 100 ريال، وكون الشخص يرغب قي شراء عقدين، إذن نجد أن حجم العقدين سيكون: 2 × 1261,74 نقطة × 100 ريال = 252,348 ريالا. وبما أن الهامش المطلوب حاليا بحسب الوسيط وشركة المقاصة 13,200 ريال للعقد الواحد، فسيتم حجز مبلغ 26,400 ريال كضمان للعملية، ويسحب هذا المبلغ من رصيد الحساب.
لاحظ إن الهامش المطلوب عبارة عن مبلغ عادة في حدود 10 في المائة من القيمة الإجمالية للعملية والهدف منه إثبات قدرة العميل على الالتزام بمقتضيات العقد. فإذا كانت قيمة العقدين في المثال نحو 250 ألف ريال، فمن الضروري أن يكون العميل قادرا على الشراء أو البيع بهذا المقدار لو اضطر إلى القيام بذلك. وعندما تتغير قيمة العقدين، بحسب العرض والطلب اليومي، فإن مبلغ الهامش كذلك يتغير، إلى الأعلى أو إلى الأدنى، كما سنرى.
يتم الشراء بإدخال أمر شراء لفتح مركز، ويحدد العدد في هذا المثال بعقدين اثنين (2)، وسعر العقد 1261,74، وهي القيمة الحالية لعقود "إس أف 30".

كيف يتم الربح في العقود المستقبلية؟

من وقت شراء العقود حتى يوم الانتهاء، الذي فرضنا أنه بعد 15 يوما، ستكون هناك تسوية بنهاية كل يوم ينظر فيها إلى مقدار الربح والخسارة. فإذا وصلت الخسارة إلى حد هامش الصيانة الذي حددته شركة المقاصة بمبلغ 6600 ريال للعقد الواحد حاليا، فيلزم على المتداول إضافة مبلغ إلى الهامش، يسمى هامش التباين، ليعود حساب الهامش لمبلغ 26,400 ريال. أما إذا كانت العقود رابحة فلا تكون هناك حاجة إلى التسوية، لأن مبلغ الهامش المتوافر كاف لتغطية التزام العميل.
لنفرض أنه بعد عشرة أيام أصبحت قيمة عقود "إس أف 30" 1295,50 نقطة، أي ارتفعت بنسبة 2.68 في المائة، وقرر المتداول بيعها، فتكون النتيجة كالتالي:
إجمالي حجم العقود المبيعة: 2 عقد × 1295,50 نقطة × 100 ريال = 259,100 ريال
إجمالي حجم العقود المشتراة "سابقا": 252,348 ريالا
الربح: 259,100 – 252,348 = 6752 ريالا.
إذن، قبل خصم عمولة الشراء والبيع، نجد أن المشتري حقق عائدا بمقدار 25.58 في المائة "6752 ريال ÷ 26,400 ريال" خلال عشرة أيام! وبالطبع هذا عائد مرتفع جدا خلال فترة قصيرة جدا، ونتج ذلك من ارتفاع السوق بنسبة فقط 2.68 في المائة.

كيف تحدث الخسارة في العقود المستقبلية؟

مقابل احتمال الربح هناك بالطبع احتمال الخسارة، وهي تأتي فيما لو انخفضت قيمة المؤشر، بدلا من صعودها. لنفرض أنه بعد عشرة أيام انخفضت قيمة عقود "إس أف 30" إلى 1225,00 نقطة، أي انخفاض بنسبة 2.91 في المائة، وقرر المتداول بيعها لتلافي مزيد من الخسارة:
إجمالي حجم العقود المبيعة: 2 عقد × 1225,00 نقطة × 100 ريال = 245,000 ريال
إجمالي حجم العقود المشتراة "سابقا": 252,348 ريالا
الخسارة: 252,348 – 245,000 = 7,348 ريالا.
إذن، قبل خصم عمولة الشراء والبيع، نجد أن المشتري حقق خسارة بمقدار 27.83 في المائة "7,348 ريال ÷ 26,400 ريال" خلال عشرة أيام! وبالطبع هذه خسارة كبيرة في وقت قصير، مقابل انخفاض السوق – ممثلا بمؤشر "إم تي 30" – بمقدار فقط 2.91 في المائة.

هل ممكن تحقيق ربح من انخفاض الأسهم؟

المثال المذكور أعلاه هو للطريقة العادية للشراء، التي يتحقق الربح فيها من خلال ارتفاع قيمة مؤشر "إم تي 30"، لكن بالاستطاعة القيام بعملية بيع بدلا من الشراء، أي بطريقة البيع على المكشوف، وبالتالي يتحقق الربح لدى المتداول فيما لو انخفضت أسعار الأسهم. في الواقع إن البيع على المكشوف للعقود المستقبلية السعودية يعد الطريقة الوحيدة للمتداول العادي للمراهنة على نزول أسعار الأسهم السعودية، وتحقيق ربح فيما لوحدث ذلك. ويمكن القيام بذلك بهدف المضاربة البحتة أو كنوع من التأمين على محفظة كبيرة لدى المتداول.

كيف يعمل حساب الهامش؟

يجب على المتداول معرفة طبيعة المخاطرة التي ستواجهه في سوق العقود المستقبلية وكيفية التعامل بالهامش، أو margin، الذي هو عبارة عن عربون، أو مبلغ ضمان، يضعه المتداول في حسابه لإثبات قدرته المالية.
تضع شركة المقاصة هامشا مبدئيا لكل منتج، وحاليا لا يوجد إلا منتج واحد وهو عقود "إس أف 30"، والهامش المبدئي محدد حاليا عند 13,200 ريال، لكن هناك ما يعرف بمضاعف الهامش، حيث يختلف المبلغ المطلوب حسب فئة المتداول، حيث يصل المبلغ المطلوب للمتداول العادي إلى ضعف هذا المبلغ. ثم هناك هامش الصيانة، الذي إن انخفضت قيمة الهامش إلى ما دونه وجب على المتداول إيداع مبلغ كاف لإعادة الهامش إلى مبلغ 13,200 ريال قبل الساعة 11 من صباح اليوم التالي.
تقوم شركة المقاصة بنهاية كل يوم بحساب الربح والخسارة لكل حساب، ما يعرف بهامش التباين، ومن ليس لديه هامش كاف، عليه إيداع مبلغ إضافي. وفي حال لم يستطع المتداول إيداع هامش إضافي، لأي سبب كان، فسيتم إغلاق عقوده أو جزء منها للوفاء بشرط الهامش. أما من لديه فائض في الهامش، فيمكنه سحبه أو استخدامه لفتح مراكز أخرى.

ما المقصود بالقيمة العادلة للعقود؟

القيمة العادلة للعقد هي قيمة الأصل المتعاقد عليه بشكل أساسي دون أي تأثيرات نتيجة العرض والطلب على العقد، أو من الممكن تسميتها القيمة الجوهرية أو القيمة الافتراضية للعقد. كيف يمكن لنا معرفة هذه القيمة؟
من المفترض أن تقوم "تداول" بحساب القيمة العادلة ونشرها من ضمن البيانات المتعلقة بالعقود المستقبلية، وممكن لجهات أخرى أن تحسبها، لذا لا يحتاج المتداول إلى حسابها، بل يحتاج فقط إلى معرفة كيف يفسرها وكيف يستفيد منها.
لكي يكون لدينا تصور واضح لطبيعة القيمة العادلة، علينا أن نسأل ما الذي يحدد قيمة العقد المستقبلي؟
ماذا لو أن مضاربا طلب منك أن تبيعه مجموعة أسهم معينة لا تملكها أنت الآن، وأراد الحصول عليها بعد عام من الآن؟ لنفرض أن قيمة الأسهم في السوق الآن مليون ريال، فكم هو الحد الأدنى للمبلغ المرضي لك بعد عام حين تقوم بتسليم المضارب هذه الأسهم، التي قيمتها اليوم مليون ريال؟ هنا العقد بالنسبة إليك هو التزام ببيع هذه الأسهم للمضارب بعد عام، وبالنسبة إلى المضارب هو التزام بشراء الأسهم منك بعد عام. هنا يجب الانتباه أنك لن تنتظر حتى قرب نهاية العام لشراء تلك الأسهم المحددة وبيعها للمضارب بالسعر الذي تم تحديده اليوم، لأن في ذلك مخاطرة كبيرة عليك: فقد ترتفع قيمة الأسهم في السوق وتضطر إلى شرائها بسعر عال، لذا فإن الذي سيحصل هو أن تقوم بشراء الأسهم اليوم وتحتفظ بها حتى نهاية العام، لتقوم بعد ذلك بتسليمها لهذا المضارب.
في هذه الحالة، هناك تكلفتان عليك أخذهما في الحسبان: (1) تكلفة مبلغ مليون ريال لمدة عام، سواء قمت باقتراض المبلغ أو أنه موجود لديك، فإن له تكلفة يجب أخذها في الحسبان.. ولنقل إنها 5 في المائة، أي 50 ألف ريال بعد عام. ولنفرض أنك ستجني من الاحتفاظ بالأسهم لمدة عام الأرباح الموزعة، ولنقل إنها في حدود 4 في المائة من قيمة المحفظة اليوم، أو 40 ألف ريال.
إذن، بنهاية العام ستجد أن جميع تكاليفك هي:
مليون ريال قرض + 50 ألف ريال فائدة على القرض، ناقص 40 ألف ريال أرباح موزعة، وهذا يساوي 1,010,000 ريال "مليون وعشرة آلاف ريال". هنا نقول إن السعر العادل، أو أقل سعر لا تنتج عنه خسارة، هو مبلغ مليون وعشرة آلاف ريال، وهذا هو السعر العادل للعقد.

كيف تعمل المراجحة Arbitrage في العقود المستقبلية؟

فكرة المراجحة أن المتداول المحترف يراقب القيمة العادلة للعقد التي لها طريقة حساب معينة، من خلالها يمكن معرفة إذا ما كان السعر المتداول للعقد أعلى من القيمة العادلة أو أقل منها أو مساويا لها. فلو كان سعر العقد ألف ريال بينما القيمة العادلة 990 ريالا، فسيقوم المتداول على الفور ببيع العقد على المكشوف وشراء الأسهم المبني عليها العقد، وهي أسهم مؤشر "إم تي 30". للقيام بذلك، يمكن للمتداول إما تكوين محفظة تحتوي على جميع هذه الأسهم، أو القيام بشراء أسهم صندوق مؤشر "إم تي 30" المتداول. وبذلك يستطيع هذا المتداول تحقيق ربح خال من المخاطرة لأنه قام بشراء الأسهم بسعر أقل من السعر الذي تم الاتفاق على بيعها به من خلال عقد البيع على المكشوف.
ولو كان سعر العقد في السوق ألف ريال لكن القيمة العادلة 1100 ريال، فسيقوم المتداول على الفور بشراء العقد المستقبلي، وفي الوقت نفسه سيقوم بالبيع على المكشوف للأسهم المكونة للعقد. وبحكم أنه الآن من الممكن إجراء عمليات بيع على المكشوف على الأسهم مباشرة، فمن الممكن القيام بذلك، أو القيام بالبيع على المكشوف للصندوق المتداول نفسه.

خاتمة

هذا التقرير يحتوي على معلومات فنية دقيقة نوعا ما، لكن الهدف من التقرير هو إيضاح أن هناك سوقا مالية جديدة في المملكة، تم افتتاحها العام الماضي، التي لم تتم الاستفادة منها بالشكل المطلوب من قبل فئات المضاربين والمتحوطين. أما أسباب هذا الإخفاق فيحتاج إلى مزيد من التفاصيل، أوجزها هنا بالإشارة إلى العمولة العالية جدا، التي تتعدى 125 ريالا للعقد الواحد، وهذا إضافة إلى مقدار الهامش المطلوب، بلا شك لها تأثيرات سلبية في قرارات المتداولين. والسبب الآخر أن السوق المالية لم تقم بأي حملة ترويجية وتشجيعية لكيفية التعامل في هذه السوق وكيفية الاستفادة منها.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من تقارير و تحليلات