أخبار اقتصادية- عالمية

قانون صيني لمواجهة العقوبات الأجنبية يضع المجموعات متعددة الجنسيات في حقل ألغام

قانون صيني لمواجهة العقوبات الأجنبية يضع المجموعات متعددة الجنسيات في حقل ألغام

تخوض الصين حربا اقتصادية مع الولايات المتحدة منذ عهد الرئيس السابق دونالد ترمب.

أقرت الصين قانونا جديدا لمواجهة العقوبات الأجنبية، يتمثل في نص يمكن أن يضع المجموعات متعددة الجنسيات في مواجهة معضلات جيوسياسية خطرة بين بكين والغرب.
وتأتي هذه الترسانة القانونية الجديدة، التي اعتمدها البرلمان الصيني أمس الأول، بعد أسبوع من توسيع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، اللائحة السوداء للشركات الصينية التي يحظر على الأمريكيين الاستثمار فيها، باسم الأمن القومي.
ووفقا لـ"الفرنسية"، كانت الصين دانت هذه الخطوة ووعدت باتخاذ إجراءات للدفاع عن شركاتها. ودخل النص، الذي يقع في 16 مادة، حيز التنفيذ فور صدوره الخميس، ويهدف إلى حماية أي فرد أو منظمة صينية في حال قامت دولة ما باستخدام ذرائع مختلفة أو قوانينها لاتخاذ إجراءات تمييزية ضده.
وفيما لم يرد اسم أي دولة صراحة في النص، تشكو بكين منذ فترة طويلة من تطبيق القانون الأمريكي خارج نطاق أراضي الولايات المتحدة عبر عقوبات وقيود تجارية. ويوضح النص أن القانون الجديد يضفي شرعية الآن على إجراءات رد يمكن تعليقها أو تعديلها أو إلغاؤها.
وبين الإجراءات الانتقامية الواردة في النص، حظر منح تأشيرات ودخول الأراضي الصينية للأفراد الخاضعين لأحكام القانون ولعائلاتهم أيضا.
ويسمح النص، "ختم ممتلكات" أشخاص أو شركات تطبق عقوبات ضد الصين، بالشمع الأحمر ومصادرتها وتجميدها، كذلك يتيح إمكانية اللجوء إلى إجراءات أخرى غير محددة.
وقالت أنجيلا تشانج الخبيرة في القانون الصيني في جامعة هونج كونج، إنه بسبب الصياغة الغامضة للقانون "يمكن أن يؤثر ذلك في عدد كبير من الأشخاص والشركات".
من جهته، رأى جوليان كو أستاذ القانون في جامعة هوفسترا في الولايات المتحدة، أنه "ضرب من الجنون"، محذرا من أن "أكاديميين وخبراء وعائلاتهم ومراكز فكرية، يمكن أن تعاقب لدعمها عقوبات ضد الصين".
ورجحت تشانج أن يكون تأثير القانون مدمرا بالنسبة إلى المجموعات متعددة الجنسيات العالقة وسط التنافس بين بكين والغرب، معبرة في الوقت نفسه عن اعتقادها بأن بكين لن تستخدم هذه العقوبات "إلا في حال الضرورة"، لكن بشكل فوري.
وأشارت إلى أن ذلك يمكن أن يزيد القلق في دوائر الأعمال الأجنبية، وسيكون مكلفا لبكين على صعيد الاستثمارات.
ورأت أن الشركات الأجنبية قد تميل إلى نقل إنتاجها إلى خارج الصين مسرعة بذلك انفصالا يتعارض مع مصالح بكين الحريصة على المحافظة على فرص العمل.
لكن هذا القانون الجديد سيشكل حتما "معضلة حقيقية" للشركات الأجنبية في الصين، حسب جوليان كو، في إشارة إلى الخيار الصعب الذي ستضطر للقيام به: الامتثال للعقوبات الأمريكية أو المجازفة بإمكانية مواجهة إجراءات انتقامية صينية، والعكس صحيح.
وقالت أنجيلا تشانج، إن بعض الشركات قد تصل فجأة إلى حد الضغط على حكوماتها لرفع العقوبات عن الصين.
وعبرت غرفة التجارة الأوروبية في الصين عن أسفها لأنه بات على الشركات الأجنبية العمل في حقل ألغام تشريعي جديد، موضحة أنها صدمت بهذا القانون. أما غرفة التجارة الأمريكية، فقالت إنها تأمل ألا تضطر شركاتها لاختيار طرف دون الآخر.
ورد وانج وينبين المتحدث باسم الدبلوماسية الصينية، قائلا للصحافيين إن القانون يوفر على العكس بيئة قانونية وتجارية مستقرة ويمكن التكهن بتطوراتها.
وفي أجواء الخلافات المتفاقمة مع واشنطن في الأسابيع الأخيرة من ولاية دونالد ترمب، أعلنت بكين في كانون الثاني (يناير) قواعد للرد على القرارات غير المبررة ضد الصين.
وأتاحت هذه الإجراءات المبهمة جدا، إمكانية الانتقام للكيانات والأفراد الصينيين المستهدفين بالعقوبات الأجنبية، وكذلك بدء إطلاق ملاحقات قضائية في الصين.
وبشكل أعم، يستهدف القوميون الصينيون باستمرار الشركات الأجنبية التي لا يترددون في إدانتها على شبكات التواصل الاجتماعي لأي خطأ بسيط.
وفي آذار (مارس) أثارت شركة "إتش آند إم" السويدية العملاقة للملابس الجاهزة وعديد من العلامات التجارية الأجنبية، غضبا ودعوات إلى المقاطعة لموقفها من مسألة حقوق الإنسان. فقد تعهدت العام الماضي بوقف شراء القطن من شينجيانج للاشتباه في إنتاجه في إطار "عمل قسري" في المنطقة ذات الأغلبية المسلمة في شمال غرب الصين.
وأقر مجلس الشيوخ الأمريكي أخيرا، مشروع قانون يقضي بتخصيص استثمارات كبيرة في العلوم والتكنولوجيا، وعد نصا تاريخيا للتصدي اقتصاديا للصين، ولنموذجها الذي تصفه بـ"الاستبدادي".
وفيما اتهمت بكين، واشنطن، بالمبالغة فيما يسمى "التهديد الصيني"، ترصد هذه الخطة أكثر من 170 مليار دولار لأغراض البحث والتطوير، وترمي خصوصا إلى تشجيع الشركات على أن تنتج على الأراضي الأمريكية أشباه موصلات تتركز صناعتها حاليا في آسيا.
وتعاني قطاعات أساسية عديدة من الاتصالات إلى السيارات، نقصا في هذه الموصلات، ما يعكس البعد الاستراتيجي لهذا الإنتاج. وأقرت الخطة بتأييد 68 سيناتورا ومعارضة 32، ويفترض أن يتم تبنيها نهائيا في مجلس النواب في موعد لم يحدد بعد، ثم يوقعها الرئيس جو بايدن.
ورحب الرئيس الديمقراطي، البارحة الأولى، بتبني النص في مجلس الشيوخ، مؤكدا أن الولايات المتحدة "تخوض منافسة لكسب القرن الـ21".
وأضاف جو بايدن، "مع مواصلة البلدان الأخرى الاستثمار في أنشطة البحث والتطوير الخاصة بها، لا يمكننا أن نتخلف عن الركب"، مؤكدا ضرورة أن "تحافظ أمريكا على مكانتها باعتبارها الدولة الأكثر إبداعا وإنتاجية في العالم".
وتخوض الصين حربا اقتصادية مع الولايات المتحدة منذ عهد الرئيس السابق دونالد ترمب، وتشكل واحدة من القضايا النادرة التي تابعها الرئيس الديمقراطي بعد سلفه الجمهوري، وهي تحظى بإجماع واسع في الكونجرس.
وعدت جينا ريموندو وزيرة التجارة، أن "مجلس الشيوخ اتخذ خطوة حاسمة إلى الأمام من الحزبين من أجل القيام بالاستثمارات التي نحتاج إليها لاستمرارية الإرث الأمريكي كرائد عالمي في الابتكار، ولا يتعلق هذا التمويل فقط بمعالجة النقص الحالي في أشباه الموصلات، إنه استثمارات طويلة الأجل".
وقبل التصويت تماما، حذر تشاك شومر زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، من أنه "إذا لم نفعل شيئا، فقد تنتهي أيامنا كقوة عظمى مهيمنة". وأضاف "لهذا السبب سيذكر هذا النص باعتباره أحد أعظم النجاحات التي تحققت بين الديمقراطيين والجمهوريين في مجلس الشيوخ الأمريكي في التاريخ الحديث".
وكان شومر قد عد في وقت سابق أن مشروع القانون هذا "يمهد الطريق أمام أوسع استثمار في العلوم والتكنولوجيا منذ أجيال".
وتابع "من سيفوز في السباق على تقنيات المستقبل"، مثل الذكاء الاصطناعي، "سيكون القائد الاقتصادي العالمي"، مؤكدا أن هذه الأمة "ستصنع العالم على صورتها"، مع تحذير موجه مباشرة إلى الزعيم الصيني شي جين بينج.
وتساءل شومر، "هل نريد أن تكون هذه الصورة ديمقراطية؟ أم نريد صورة استبدادية مثل تلك التي يريد الرئيس شي أن يفرضها على العالم؟".
في المقابل، أعرب ميتش ماكونيل زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ، عن أسفه لأن الخطة أهملت إجراءات كان يأمل في إدراجها، لكنه صوت في نهاية الأمر لمصلحة مشروع القانون.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية