Author

المحاسبة الذهنية وقراراتك المالية

|

* متخصص في الاقتصاد السلوكي

المحاسبة الذهنية هي المواجهة العاطفية بينك وبين قراراتك المالية، من أصغرها إلى أكبرها، ومبنية أساسا على توجهات وميول وخبرات مبرمجة داخل العقل، ابتداء منذ سنين العمر الأولى، فستكون ذات تأثير قوي في صاحبها، وبحسب بيئته وتكوينه النفسي.
نظرتك إلى المال، ونظرتي، وأيضا نظرة أخي أو صديقي أو ابن عمي، أو جاري "العربي"، أو "الأجنبي"، إضافة إلى نظرة المرأة والرجل والشاب اليافع والكهل الخبير، جميعها تختلف عن بعضها اختلافا واضحا، فلكل فئة لها تفضيلاتها الخاصة التي تتحكم في السلوك الاستهلاكي للمال، وكثير من الدراسات أجريت تحديدا لفهم هذه الاختلافات وتوجهاتها.
المحاسبة العقلية أو الذهنية مفهوم حديث نسبيا، تم استخدامه بعد عام 1999، لتفسير مشاعر وسلوكيات المتسوقين والعملاء تجاه عملية التسوق، ولمساعدة الباعة وأصحاب الأعمال على وضع عروض تجذب شهية الاستهلاك، وتدعم التسويق، وتتجاوز ما يطلق عليه، ألم الدفع والشعور بالذنب عند صرف النقود.
بغض النظر عن نوع محاسبتك العقلية، التي تسيطر على سلوكياتك الاستهلاكية - سوءا كانت حذرة أو جريئة - فإنها من المفترض أن تصبح استراتيجية تصب في مصلحتك وتساعدك على التفكير في المال بشكل واقعي، والتحكم في صرفك ودخلك، وأن تتحكم في إدارة القرارات المالية المستقبلية بحكمة واقتدار، مثل قرارات الادخار والاستثمار.
أما إذا كنت تعاني مشكلات مالية قديمة أو حديثة أو واقعا تحت التأثير السلبي لجائحة كورونا، فعليك فورا العمل على تحسين تقنيات المحاسبة العقلية الموجودة لديك بالفعل، فالثقافة المالية أضحت ضرورية لكل الأعمار في ظل كثير من المستجدات المتسارعة في الحياة الاقتصادية حولنا.
جائحة كورونا دفعت كثيرا من الناس إلى اتخاذ قرارات مفاجئة فيما يخص وضعهم المالي، بعضها متسرع والآخر مدروس، وكي تقوي نظرتك المالية وتحاسب نفسك بشكل صحيح من اليوم فصاعدا، يمكنك البدء في فهم الحقائق المالية البسيطة، مثلا:
العقل البشري بطبيعته متحيز، والنفس ميالة إما خوفا من الخسارة وإما طمعا في مزيد من الربح، وقراراتك المالية كثيرا ما تكون غير عقلانية وتتبع الأهواء.
الريال يظل ريالا، إذا ربحته في جائزة بسهولة، أو تكبدت المشاق لجنيه، القيمة واحدة فلا تدع طريقة حصولك على المال تتحكم في طريقة إنفاقه.
الخوف من الخسارة بشكل مبالغ فيه يجعلك تتخذ مزيدا من القرارات الخاطئة والطمع الزائد في الربح أيضا، فعليك أن تبحث عن الوسطية والموازنة بين الأمور.
هناك فرق بين مقدار ما تعتقد أنك قد أنفقته وبين ما أنفقته بالفعل، والسبب أن عقلك لا يزال يحاول تخفيف الشعور بالألم في الصرف نحو تفضيلاتك الشخصية، مثل سلوك الأكل في المطاعم. لذا، وضع ميزانية ورصد لمصروفاتك، أمر مهم.
الحصول على رأي الشريك أو الخبراء الاقتصاديين في القرارات المالية، أمر إيجابي، خصوصا أن أدمغتنا تعجز أحيانا عن رؤية الصورة الكاملة للأمور، والمشاورة والاستخارة مهمة.
مراقبة سلوكك الاستهلاكي فترة من الزمن - مثلا شهر - ستعينك على معرفة مدى تأثير المحاسبة الذهنية في قراراتك الخاصة، وفي فهم نمطك الإنفاقي، وبهذا تستطيع التعديل عليها أو تحديد نقاط الضعف.

إنشرها