default Author

مادة المستقبل

|
اكتشفها مصادفة الباحث الألماني زيجفريد فينك عام 1992، عندما كان يحاول دراسة الفجوات في عينات الخشب لذا كان لا بد له من أن يزيل لون الخشب الطبيعي، وبالفعل قام بعملية إزالة لمادة اللجنين التي تمنح الخشب لونه الداكن "تبييض" ثم عمل على سد الفجوات في الخشب بسائل صاف قليل اللزوجة، ونتيجة لذلك ولد الخشب غير المرئي أو الشفاف وتم نشر البحث في مجلة ألمانية ولكن أحدا لم يلتفت إليه.
وفي عام 2016 أعيد اكتشاف هذه الطريقة من خلال بحثين منفصلين أحدهما تم في جامعة ميريلاند الأمريكية، والآخر في معهد كي تي جي الملكي للتكنولوجيا في السويد، وأعلنوا اكتشاف المادة المعجزة ولكنها هشة وغير صديقة للبيئة. واصل الباحثون جهودهم ليصنعوا الخشب الشفاف من مواد صديقة للبيئة مع احتفاظه بخواصه الميكانيكية العالية، وبالفعل خرج للنور الخشب الشفاف مكتمل النمو ليعيد للخشب هيبته وهيمنته.
فقد استخدم البشر الخشب منذ ملايين الأعوام لبناء المساكن والسفن وكمصدر متجدد للطاقة، ووسيلة لالتقاط ثاني أكسيد الكربون الزائد من الغلاف الجوي للأرض. ثم طواه النسيان بعد أن حل الحديد والبلاستيك محله وها هو اليوم يعود بقوة وبحلة جديدة ويحمل بين طياته عديدا من المزايا التي تؤهله ليتسيد المستقبل.
ومن مزاياه التي يتفوق بها على البلاستيك والزجاج ويؤهله ليكون بديلا لهما في صناعة المباني، أنه قابل للتحلل بيولوجيا، وغير قابل للتشظي، وحين يتعرض لصدمات قوية جدا ينشطر إلى قطع كبيرة غير حادة ما يجعله آمنا للأطفال ومناسبا للأماكن التي تكثر فيها الزلازل، كما أنه يمتلك ميزة فريدة من نوعها حيث يستطيع إنفاذ الضوء وإيصاله إلى الزوايا المظلمة التي لا يصلها الضوء الطبيعي عبر النوافذ الزجاجية. ونتيجة ذلك، ينير الخشب الشفاف جميع الأماكن الداخلية دون استثناء، كما يمنع مرور الأشعة فوق البنفسجية والضوء الساطع، أي كأنك غطيت نوافذك بتظليلة شفافة ومتينة.
الخشب الشفاف طاقة خضراء في عملية تصنيعه التي لا تحتاج إلى تسخين ولا تستهلك طاقة وينبعث منها نسبة بسيطة من ثاني أكسيد الكربون، عكس الزجاج الذي ينبعث من تصنيعه أكثر من 60 ميجا طنا حسب تقرير وكالة الطاقة الدولية، كمان أن الخشب إذا تم استخدامه فعليا في بناء المنازل فسيقلل من تكلفة الطاقة، بل ويخزنها لاستخدامها عند الحاجة. ويعتقد العلماء أنه سيكون بديلا رخيصا وآمنا لكثير من المواد المستخدمة اليوم خصوصا خلايا الألواح الشمسية.
إنشرها