«أوبك»: أسواق النفط تمر بواقع مزدوج .. الانتعاش الاقتصادي يعزز استعادة نمو الطلب

«أوبك»: أسواق النفط تمر بواقع مزدوج .. الانتعاش الاقتصادي يعزز استعادة نمو الطلب
يدعو اتفاق الإمدادات بين أوبك وحلفائها إلى إبقاء الحصص ثابتة من يوليو إلى أبريل 2022.

اختتمت أسعار النفط الخام تعاملات الأسبوع على قفزة كبيرة بلغت 5 في المائة لتصل الأسعار إلى ذروة مستوياتها في عامين، بسبب التفاؤل الواسع بتعافي الطلب العالمي على النفط الخام بعد إعلان بيانات قوية عن الاقتصاد الأمريكي، وهو ما تغلب على تأثيرات مضادة بشأن غموض مباحثات فيينا وتراجع احتمالات عودة الإمدادات النفطية الإيرانية.
يأتي ذلك وسط توقعات بأن يصل الطلب العالمي إلى مستوى مائة مليون برميل يوميا خلال الربع الثالث بسبب انتعاش حركة السفر والطيران عالميا وموسم القيادة في الولايات المتحدة.
ويتأهب وزراء الطاقة في مجموعة "أوبك+" لاجتماع شهري حاسم الثلاثاء المقبل لتقييم تطورات السوق ومراجعة أحدث بيانات العرض والطلب والمخزونات، ومن المرجح أن تستمر المجموعة في تنفيذ الزيادات التدريجية في الإمدادات التي تصل إلى مليوني برميل يوميا في يوليو المقبل، وتساعدها حالة الضبابية المحيطة بالمفاوضات الدولية في فيينا.
وفي هذا الإطار، ذكرت النشرة الدورية لمنظمة الدول المصدرة للبترول أوبك أن سوق النفط تمر بواقع مزدوج، وهناك حقيقة إيجابية هي صعود السوق في ظل توقعات تنامي الانتعاش الاقتصادي في النصف الثاني من عام 2021، ما سيساعد على استعادة نمو الطلب على النفط وتسريع وتيرة عملية إعادة توازن السوق.
وأشارت النشرة إلى أن الحقيقة غير السارة هي استمرار تنامي إصابات الوباء في آسيا تحديدا، ما يجعل السوق في ظل مرحلة شديدة التعقيد. لافتة إلى خطورة الموجة الحالية من الوباء في الهند التي أدت إلى خسائر قياسية في الأرواح البشرية وتفاقم الأعباء الجسيمة على النظام الصحي وهو ما ترتب عليه عدم كفاية الإمدادات الطبية والمعدات والبنية التحتية والأطقم الطبية.
ولفتت النشرة إلى أن التحديات هائلة على الصناعة وذلك في ضوء حقيقة أن الهند هي ثاني أكبر دولة من حيث عدد السكان في العالم وثالث أكبر مستورد للنفط. مشيرة إلى أنه قبل الأزمة الأخيرة كان من المتوقع أن الهند ستسهم بما يقرب من 10 في المائة من إجمالي نمو الطلب هذا العام وبالتالي فإن أي تذبذب في تقدمها يؤثر بشكل واضح في ديناميكية الانتعاش الاقتصادي العالمي.
وأشارت إلى أن هذا السيناريو الصعب نجد ما يقابله على النقيض، حيث إن هناك صورة مشرقة في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ويرجع ذلك في جزء كبير منه إلى انتشار واسع وفعال لبرامج التطعيم على نطاق واسع إضافة إلى تدفق الحوافز الاقتصادية الحكومية، ما يدفع نحو العودة إلى الحياة الطبيعية بثبات.
وأضافت أن "الولايات المتحدة - على سبيل المثال - كانت في طليعة نجاح جهود التطعيم العالمية". مشيرة إلى خطاب الرئيس الأمريكي جو بايدن أخيرا الذي أعلن فيه أن 52 في المائة من البالغين الأمريكيين تلقوا جرعة واحدة على الأقل من لقاحات كورونا، موضحا أنه تم إعطاء أكثر من 200 مليون لقاح كورونا في أول مائة يوم من عمر الإدارة الأمريكية.
ولفتت النشرة إلى أن النجاح في المعركة ضد وباء كورونا يعني تدفق مزيد من السيارات على الطرق ومزيد من الطائرات في السماء وزيادة النشاط الصناعي، وكل ذلك سيساعد على نمو الطلب على النفط، منبهة إلى وجود عامل صعودي آخر وشيك هو موسم القيادة الصيفي، ما سيزيد بلا شك الطلب على البنزين خلال أشهر الصيف.
وأشارت إلى أنه لا يزال "إعلان التعاون" بين دول "أوبك" وخارجها "أوبك +" فعالا للغاية في جهودهم المشتركة لتوفير أساس مستقر لتعافي النمو بعدما تمت المساعدة على انتشال الصناعة من رماد الدمار الذي وقع في العام الماضي والعمل بشكل جاد ومكثف على تحقيق التوازن بين احتياجات المنتجين والمستهلكين والاقتصاد العالمي.
ونقلت النشرة عن محمد باركيندو الأمين العام لـ"أوبك" قوله خلال الاجتماع الوزاري الشهر الماضي "إن الجائحة تذكرنا دوما بأنه ليس هناك وقت يسمح بالابتعاد عن النهج الحذر والثابت الذي اتخذه المنتجون خلال العام الماضي".
كما سلطت الضوء على قول الأمير عبدالعزيز بن سلمان وزير الطاقة السعودي "إن هذا النهج الحالي للمنتجين مدروس ويقظ في عملية إعادة موازنة السوق، إضافة إلى التمسك بسياسات تقوم على المرونة والاستجابة لاحتياجات السوق".
من جانب آخر، ذكرت وكالة "بلاتس" الدولية للمعلومات النفطية أن أسعار النفط الخام تحوم مجددا حول 70 دولارا للبرميل. مشيرة إلى أن حالة من التفاؤل تحيط بالسوق بسبب انتشار لقاحات كورونا إضافة إلى أن موسم القيادة الصيفي على وشك الانطلاق في الولايات المتحدة. عادة هذه العوامل توفر البيئة الملائمة أمام مجموعة "أوبك+" لضخ مزيد من النفط الخام إلى السوق.
وأشارت أحدث تقارير الوكالة إلى أن أزمة الوباء في آسيا واحتمال تخفيف العقوبات عن إيران سيظلان على رأس أولويات اجتماع تحالف "أوبك+" الثلاثاء المقبل لمناقشة سياسة الإنتاج.
وأكد تقريرها أن التحالف الذي يضم 23 دولة سيمضي قدما في خططه لتخفيف حصص الإنتاج خلال الشهرين المقبلين، حيث إن مصير الاتفاق النووي الإيراني لا يزال غامضا، كما أن تأثير إجراءات احتواء فيروس كورونا في الهند واليابان وتايوان ونقاط ساخنة أخرى لم يحقق غاياته بعد.
وذكر أن مجموعة "أوبك+" حجبت حجم إنتاج يبلغ ما يقرب من سبعة ملايين برميل يوميا في نيسان (أبريل) وأن المجموعة بدأت بالفعل في خطة زيادة الإنتاج بنحو 2.1 مليون برميل يوميا من أيار (مايو) إلى تموز (يوليو)، وهو ما يمثل ما يقرب من 2 في المائة، من الطلب قبل الجائحة - منها 1.4 مليون برميل يوميا سيأتي من السعودية.
ونقل التقرير عن مندوبين في "أوبك" تأكيدهم أنه من السابق لأوانه اتخاذ قرار بتأجيل أي تخفيف إضافي لخفض الإنتاج بينما لم يتم بعد توقيع اتفاق بشأن رفع العقوبات الإيرانية. موضحا أنه مقارنة بالشهر السابق فإن التوقعات للمدى القصير أكثر إشراقا على الرغم من أن الشكوك لا تزال تلقي بثقلها على الطلب على النفط.
ولفت إلى أنه بعد تموز (يوليو) المقبل لم يتم تحديد مستويات الإنتاج بعد، حيث يدعو اتفاق الإمدادات بين "أوبك" وحلفائها إلى إبقاء الحصص ثابتة من تموز (يوليو) إلى نيسان (أبريل) 2022، على الرغم من ظروف السوق المتغيرة بسرعة، مع استمرار خروج الاقتصاد العالمي من الوباء، وهو الأمر الذي من المرجح أن يتم تعديله، حيث تجتمع "أوبك" وحلفاؤها بشكل شهري.
ونبه التقرير إلى أن الوزراء في "أوبك+" سيلتقون في الواقع مرتين في حزيران (يونيو) المقبل، حيث من المقرر عقد اجتماع ثان لأعضاء أوبك فقط في 24 من الشهر ذاته، مشيرا إلى أن اجتماع "أوبك+" الشهري الثلاثاء سيتيح فرصا لمراقبة السوق النفطية من كثب. عادا وضع السوق جيدا، لكن لا يزال من الممكن أن يصبح في حالة هشة في أي وقت.
من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار في ختام الأسبوع الماضي، ختمت أسعار النفط الأسبوع مرتفعة بأكثر من 5 في المائة، مع صعود خام القياس العالمي برنت الجمعة ليغلق عند ذروة المستوى في عامين بفضل بيانات قوية للاقتصاد الأمريكي وتوقعات لانتعاش الطلب العالمي ما طغى على بواعث القلق من زيادة المعروض الإيراني فور رفع العقوبات.
وارتفع برنت 17 سنتا بما يعادل 0.2 في المائة، ليتحدد سعر التسوية عند 69.63 دولار للبرميل، وهو أعلى إقفال له منذ أيار (مايو) 2019. وزاد الخام الأمريكي غرب تكساس الوسيط 53 سنتا أو 0.79 في المائة، ليغلق على 66.32 دولار للبرميل.
ويتوقع المحللون انتعاش الطلب العالمي على النفط ليقترب من مائة مليون برميل يوميا في الربع الثالث من العام بفضل موسم الرحلات الصيفية في أوروبا والولايات المتحدة عقب برامج واسعة النطاق للتطعيم ضد فيروس كورونا.
بدورها، ذكرت شركة بيكر هيوز الجمعة أن عدد منصات النفط والغاز في الولايات المتحدة زاد بمقدار اثنتين مرة أخرى هذا الأسبوع ليصل إجمالي عدد الحفارات إلى 457 وهو ما يزيد على مائة منصة منذ بداية العام.
وأوضح التقرير الأسبوعي للشركة أنه في الأسبوع السابق في الولايات المتحدة زاد عدد منصات النفط والغاز بمقدار اثنتين، لكن الاتجاه الأطول في إضافات عدد الحفارات يبشر بالخير للولايات المتحدة وصناعة النفط، حيث تسرع الحفارات وتيرتها بإضافة 106 حفارات حتى الآن هذا العام وتمت إضافة أكثر من نصفها في تكساس.
وأكد أن العدد الإجمالي لمنصات حفر النفط والغاز النشطة في الولايات المتحدة هو الآن 156 أكثر من هذا الوقت من العام الماضي.
وأشار إلى زيادة عدد منصات الحفر بمقدار ثلاث هذا الأسبوع ليصل إجمالي عدد الحفارات إلى 359 بينما انخفض عدد منصات الغاز بمقدار واحدة إلى 98 وظل عدد الحفارات المتنوعة على حاله.
ولفت إلى بقاء تقديرات إدارة معلومات الطاقة لإنتاج النفط في الولايات المتحدة للأسبوع المنتهي في 21 مايو - آخر بيانات متاحة - ثابتة هذا الأسبوع بمتوسط 11 مليون برميل يوميا.
ونوه التقرير بتقدير وكالة الطاقة أن الولايات المتحدة سيصل إنتاج النفط فيها إلى مستوى متواضع يبلغ 11.04 مليون برميل يوميا هذا العام، بعد انخفاضه من ذروة الإنتاج البالغة 13.1 مليون برميل يوميا التي بلغها في شباط (فبراير) 2020 قبل أن يسحق الوباء الطلب على النفط.

الأكثر قراءة