Author

ترقية سياسات العجز عن العمل

|

اقتصادي في السياسات الاقتصادية وإدارة استراتيجيات الأعمال والشراكات الاستراتيجية.

تخيل أن يصاب رب أسرة بعمى ويحال إلى تقاعد قسري ويتم خفض أجره إلى مستويات متدنية ستؤدي لاحقا إلى حالة من عوز مالي وعجز وشلل شبه كامل في دخل الأسرة.
عندما يتعلق الأمر بدخل الأسرة ومستوى الحياة قبل وبعد الأزمات الصحية والحوادث المتعلقة بالصحة التي تقعد عن العمل، كفقدان البصر أو الأطراف أو أي حوادث طارئة تعطل الإنسان وتسلبه قدرته على العمل، فإنه يتعين على صناع السياسات الاقتصادية ووفق نظرة شمولية للنظام الاقتصادي، منع أي فجوات في الأنظمة من هذا النوع، ولا سيما أن تأثيرها سيكون اقتصاديا وما سيتبعها من آثار اجتماعية ونفسية شديدة على الأسرة ناتجة من عجز رب الأسرة في ظل ارتباط معظم الأسر اقتصاديا بديون مع المصارف وشركات التمويل.
من الحكمة ألا نجزئ نظرتنا للقطاع العائلي في مسائلنا الاقتصادية والاجتماعية، وعلينا التعامل مع القطاع العائلي على أساس كلي وشامل، ومن منظورين اقتصادي واجتماعي متكاملين وغير متعارضين، ونجعل الإطار القانوني يأتي أخيرا لضبط العلاقة وليس إدارتها اقتصاديا، ولذا فإنني سأطرح عددا من النقاط المقترحة لتطوير سياسات العجز عن العمل لأسباب صحية قاهرة دون تفرقة بين القطاعين المدني والعسكري، وجميع النقاط ذات منظور اقتصادي.
أولا، العجز المرضي الذي يؤدي إلى فقدان القدرة على العمل، يتم التعامل معه على أساس منح الأجر الكامل، مشتملا البدلات والامتيازات المالية حتى سن التقاعد النظامي، دون النظر إلى عدد أعوام العمل، إضافة إلى ضمان الحصول على علاوات سنويا دون توقف حتى سن التقاعد، وتفسير ذلك أن ثبات الأجر يؤدي إلى تراجع الإنفاق الاستهلاكي في الاقتصاد، كما أن العلاوات هي في الأساس لمجابهة التضخم الاقتصادي وليست مكافأة أداء كما يعتقد البعض، وفي الوقت ذاته نحافظ على سلامة القطاع العائلي في الاستهلاك وسلامته الاجتماعية.
ثانيا، فصل اتخاذ قرارات التقاعد المرضي عن الجهة التي يتبع لها الموظف، وكذلك عن جهات التقاعد والمعاشات، والاستعانة بطرف ثالث مستقل عن الجهتين.
ثالثا، نظريا نسبة العجز عن العمل من إجمالي القوى العاملة الكلية في الاقتصاد، لا تشكل نسبة كبيرة، وأي إجراءات نتخذها ستضمن صلابة الارتباط بين النظرة الاقتصادية والاجتماعية للقطاع العائلي، وتمنح الوطن والعاملين فيه أمانا اجتماعيا متطورا وتقدميا يتوافق مع رؤية القيادة لجودة الحياة لكل أسرة سعودية.
رابعا، تأسيس شركات تأمين حكومية مختصة لمساندة جهات التقاعد والمعاشات في القطاعين الحكومي والخاص بشأن رواتب العجز المهني لنقل عبء العجز الاكتواري إلى طرف ثالث، لأن ذلك سيخفف عبء العجز - إن وجد - مستقبلا، وفصل الأداء المالي والاستثماري لهذه الفئة عن جهات التقاعد والمعاشات في القطاعين.
خامسا، إعفاء فوري لهم من ديون القطاع العائلي في النظام المصرفي، الذي يتلقى الودائع ومعالجة ديونهم مع شركات التمويل غير المصرفية، بطريقة عادلة.
إنشرها