Author

معسكر التغيير ودعم الإدارة العليا

|
يتفق المسؤولون في المنظمات أن دعم الإدارة العليا لأعمال التحسين والتغيير مطلب أساسي لنجاحها. كل الخطط والأفكار والنوايا لا قيمة لها إن كانت محصورة في دور أو مكتب صغير. لن تجد الأفكار العظيمة من أي موظف رائع أي صدى إذا لم يتم تبنيها بشكل فعال. بعض الأبحاث تشير إلى ما هو أبعد من ذلك، إذ تحدد عنصر دعم الإدارة العليا كمتطلب النجاح الأهم للمنظمة وليس مجرد أحد العناصر في منظومة النجاح، وتذكر أن أعضاء مجلس الإدارة والإدارة العليا دائما ما يقللون من أهمية أدوارهم وتأثير ذلك في نجاح المشاريع.
تتنوع طبيعة دعم الإدارة العليا لأعمال التحسين حسب طبيعة المنظمة، وهذا يشمل ثقافتها وترتيب الصلاحيات بها، إضافة إلى خصائص القطاع التي تعمل ونموذج عملها الذي تصنع به التوافق بين إمكاناتها وسوقها وعملائها. في بعض النماذج قد نرى سيطرة ممزوجة جيدا بالدعم ومؤيدة بالصلاحيات من الرئيس التنفيذي وفريقه الرئيس، وفي أخرى مناقضة قد ترى كل أشكال عدم توافق بين مجلس المديرين والرئيس التنفيذي والفريق التنفيذي حتى بعض المديرين المؤثرين البعيدين نوعا ما عن الإدارة العليا. قوة الرئيس التنفيذي، أو قوة شخصيته تحديدا لا ترتبطان بمفهوم الدعم بالضرورة، فقد يملك من سمات القوة كشخص لكنها قوة فاقدة للدعم والرعاية، أو قوة لا تصنع التحفيز والإيجابية في فريقه الإداري، وهذا كله مما يورد الخلل في قدرة الإدارة العليا على دعم الأعمال. هناك كذلك حالات من التوافق الجيد بين الفريق الإداري والرئيس التنفيذي، لكن يشوبها بعض العدائية أو التمرد سواء ما يأتي من الأعلى إلى الأدنى، فيكون التأثير من عضو مجلس المديرين أو أحد المديرين على الموظفين أو المشاريع مباشرة، وهناك ما يأتي بالعكس، أي: من الأدنى إلى الأعلى. وجود التعارضات، خصوصا الفكرية أو اختلاط المصالح أو فقدان الاهتمام من أحد عناصر هذه المنظومة وفي كثير من الأحايين الإدارة السلبية الفاقدة للحيوية والوجود في دائرة الراحة تضعف دعم الإدارة لأعمال ومستهدفات المنظمة. نتائج هذا الضعف ستكون دائما واضحة على أرض الواقع.
لهذه الأسباب يتم التعامل مع مفهوم وممارسات دعم الإدارة العليا كمتطلب قبلي للتغيير. كثير من التنفيذيين الذين في طور الانتقال الوظيفي من مكان لآخر يكون شاغلهم الأكبر وجود الدعم أو قوة بيئة الدعم، مثل هذا يثق بأنه يملك من القدرات ما يمكنه من القيام بتغييرات كثيرة جدا، باستثناء إيجاد دعم في بيئة تخضع للتخريب أو تفتقد لملامح الدعم الرئيس في منظومة الإدارة العليا. باختصار، دعم الإدارة ضروري لنجاح التغيير لكنه ليس مجرد جزء من إدارة التغيير وإنما حجر الأساس الأهم.
من أجمل الصور حالة التوافق التي تكون بين مجلس المديرين والرئيس التنفيذي والفريق التنفيذي وبقية المديرين في المنظمة، لكن هذه مجرد صورة مثالية لا تحصل ربما إلا في الأحلام. الواقعية تقول: إن المنظمة تتكون في العادة من شخصيات مختلفة بخلفيات مختلفة، وربما علاقتهم بالمنظمة وثقافتها وارتباطهم يختلف من حيث الطبيعة والقوة، حتى تعاملهم العاطفي مع الكيان ومكوناته يأتي بطرق مختلفة. إذا افترضنا أن حالة دعم الإدارة تكون نتيجة لتوافق هذه العناصر وارتفاع معدل حالة الاهتمام بالمستهدفات والأعمال، فإن إحدى وسائل الإنقاذ الضرورية هي ترتيب معسكر التغيير للتركيز على هذه الجوانب في بداية الرحلة، وفي مراحلها اللاحقة بعد ذلك. الفريق التنفيذي، باعتبار أنه المزيج الأصغر حجما والأقوى أثرا من الأفراد الممكنين في المنظمة، هو الفريق الأفضل لإدارة هذا المعسكر وبناء الطاقة اللازمة لتحريك دعم الإدارة. أي إن الفريق الذي لا يتجاوز في العادة عشرة أشخاص يجب عليه أن يقوم بحملة لتعزيز التوافق على ثلاثة مستويات: على مستوى الفريق "بينيا"، وعلى المستوى العلوي مع مجلس المديرين لدمجهم وتحفيزهم لفهم العمل وتحدياته، وعلى المستوى الأدنى في أطراف المنظمة وتفرعاتها. إذا تمت هذه العملية بنجاح وهي ليست عملية سهلة بكل تأكيد، يمكن وقتها إيجاد التمركز الإداري الكافي لتكوين نواة الدعم الحية التي تستدام بها أعمال التحسين في المنظمة. في العادة يكون الرئيس التنفيذي هو مهندس هذا المعسكر وموجهه الأساسي، لكن ليس بالضرورة، قد توكل المهمة إلى أحد التنفيذيين أو إلى أكثر من واحد.
إنشرها