Author

السعودية الخضراء والاستدامة

|
تواكب انطلاقة رؤية المملكة 2030 وتنفيذ مستهدفاتها جهود عظيمة في مجال حماية البيئة والحياة الفطرية، بدءا بإنشاء وزارة البيئة والمياه والزراعة، ثم إعادة هيكلة الحياة الفطرية لحماية الحياة الفطرية، ثم إطلاق برامج لإعادة التشجير في الصحاري والمدن، مثل مبادرة "الرياض الخضراء"، ثم تأسيس الشرطة البيئية، والتوسع في إنشاء المحميات الطبيعية والمتنزهات الوطنية، وإصدار أنظمة منع الاحتطاب ومنع صيد بعض الحيوانات والزواحف، إضافة إلى إعادة التوسع في إعادة استخدام مياه الصرف الصحي لأغراض التشجير. وتدعم هذه المسيرة جهود أهلية فردية وجماعية وجمعيات تطوعية للمحافظة على البيئة وإعادة التشجير. هذه جهود رائعة وغير مسبوقة في المملكة سواء كانت على المستوى الرسمي أو الأهلي.
لقد أسهمت مستهدفات الرؤية ببرامجها ومبادراتها المختلفة في رفع مستوى الوعي البيئي في المجتمع السعودي، ما أدى إلى إطلاق مبادرات أهلية من قبل الأفراد والجمعيات للحد من التصحر والتلوث والعبث بمكونات البيئة الصحراوية.
وإلى جانب هذه الجهود الرائعة، أتمنى إطلاق برنامج وطني للاستدامة Sustainability يهدف إلى تقديم الدعم الفني والتنسيق بين الجهود والجهات ذات العلاقة من أجل إنشاء المباني والمساكن الجديدة على أسس صحيحة تقوم على أفضل أنظمة إعادة استخدام مياه الصرف المنزلي، خاصة ما يعرف بالمياه الرمادية من المغاسل وأحواض الاستحمام ونحوها، وتشجيع رجال الأعمال والشركات الوطنية لإنتاج أجهزة وتقنيات مناسبة من حيث الجودة والأسعار، وكذلك يهدف إلى تعزيز مفهوم الاستدامة من خلال استخدام الطاقة الشمسية في الإنشاءات الجديدة سواء من المباني أو المساكن أو الطرق. ومن الجديد على المستوى الدولي أن بدأت بعض أسواق المال والأعمال في التفكير بجدية حول القيمة المالية للعالم الطبيعي والاستدامة من خلال تقديم قروض أفضل للشركات التي تستصلح الأراضي المدمرة بيئيا أو تعيد تشجير الغابات وتحافظ على الشعاب المرجانية ونحوها.
وهناك حاجة إلى إجراء دراسات جادة حول النباتات الصحراوية وتصنيفها حسب الاستهلاك المائي والخصائص النباتية والغذائية أو العلاجية، ومن ثم دعم استنباتها واستزراعها في المزارع الخاصة والمتنزهات الوطنية، وكذلك استيراد بعض النباتات المناسبة من الصحاري في إفريقيا وأمريكا وأستراليا. فالدراسات في هذا المجال قليلة أو قديمة جدا، والمزارعون والمهتمون بالبيئة يعيشون في حيرة ونقص في المعلومات، ليصبح المجال خصبا للاجتهاد والتكهنات من قبل غير المتخصصين ومن ثم تبني مبدأ "المحاولة والخطأ"، فكل فئة من الأشجار، كالسدر مثلا لها أصناف متعددة بخصائص متنوعة، وكذلك الحال بالنسبة لعشرات الأشجار والنباتات. وفي هذا السياق، لا أدري هل يوجه اللوم لوزارة البيئة والمياه والزراعة على عدم تحديث دراساتها القديمة أو للجامعات التي لم تقدم حلولا عملية للمزارعين والمهتمين بالبيئة؟!
كما أتمنى من وزارة التعليم والجامعات السعودية أن تتبنى مفهوم "الاستدامة" Sustainability في مناهجها الدراسية وأقسامها الأكاديمية، وخاصة في أقسام الزراعة والجغرافيا والهندسة والعمارة والتخطيط وغيرها من أجل بناء جيل من الكفاءات الوطنية التي تسهم في تنمية بلادنا في المستقبل.
ويمكن أن تكون هذه المقترحات تحت مبادرة وطنية تحت اسم "السعودية الخضراء" للنهوض بتنمية البيئة وتعزيز الوعي بأهمية المحافظة على البيئة والتنوع الأحيائي.
إنشرها