Author

تسونامي الجائحة في الهند «2 من 2»

|
لم يكن من المستغرب أن تأتي إدارة الإغلاق الأولي رديئة بالنسبة لمواجهة انتشار فيروس كورونا. فلم تكن حكومات الولايات، ولا الجماهير، ولا حتى مسؤولو الحكومة المركزية مستعدين. وكانت الفوضى هي النتيجة، حيث تقطعت السبل بنحو 30 مليون عامل مهاجر دون عمل في المدن، واضطروا إلى العودة إلى ديارهم سيرا، لأيام في بعض الأحيان. وتشير التقديرات إلى أن 198 شخصا توفوا على الطريق. وأغلق نحو خمسة ملايين شركة صغيرة ومتناهية الصغر أبوابها لعجزها عن التعافي من الإغلاق. وبلغت البطالة في الهند أعلى مستوياتها المسجلة على الإطلاق.
عندما بدأت الأزمة تخرج عن السيطرة، مررت الحكومة المركزية، بما يتماشى مع سابقة أرساها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب آنذاك، مزيدا ومزيدا من المسؤوليات إلى حكومات الولايات، دون تمويل كاف. وناضلت حكومات الولايات لحشد الأطباء، والعاملين في التمريض والرعاية الصحية، ومجموعات الاختبار، ومعدات الوقاية الشخصية، وأسرّة المستشفيات، وأجهزة مساعدة التنفس، وأسطوانات الأكسجين، والأدوية لمكافحة الجائحة. وحشدت الحكومة مبالغ ضخمة من المال لكيان إغاثة جديد تحت مسمى PM-CARES، لكن حتى يومنا هذا، لم تجر أي محاسبة عامة لمقدار الأموال في صندوق PM-CARES المبهم وإلى أين جرى توجيه موارده.
عندما بدا أن الجائحة انحسرت، استقرت السلطات على حالة من الرضا عن الذات، ولم تتخذ أي احتياطات أو تدابير وقائية ضد موجة ثانية محتملة حذر كثيرون من أنها أشد تدميرا من الأولى. وانزلقت تدابير الاختبار، والتتبع، وعزل المصابين ومخالطيهم بسرعة إلى الإهمال بحلول نهاية عام 2020. وعندما توقف الناس عن اتباع الإرشادات السلوكية المناسبة، طور الفيروس متغيرا شديد العدوى. وتكاثرت الأحداث التي ساعدت على انتشار الفيروس بقوة: التجمعات الانتخابية والاحتفالات الدينية التي جمعت حشودا من غير المقنعين. وانتشرت العدوى كالنار في الهشيم.
رغم أن الهند تنتج 60 في المائة من لقاحات العالم، لم تتخذ الحكومة أي خطوات نحو توسيع نطاق إنتاج لقاحي كوفيد - 19 اللذين جرى التصريح بتصنيعهما في الهند. ولم تسمح باستيراد اللقاحات الأجنبية، أو المساعدة على توسيع مرافق التصنيع المتاحة، أو منح شركات هندية أخرى التصريح بإنتاج الجرعات. أطلقت الهند حملة التطعيم بعد المملكة المتحدة بما يقرب من الشهرين، لكن بحلول نيسان (أبريل)، كان 37 في المائة فقط من العاملين الصحيين، وبالكاد 1.3 في المائة من سكان الهند البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة، حصلوا على التطعيم بالكامل. وكان 8 في المائة فقط تلقوا جرعة واحدة من اللقاح على الأقل.
هنا أيضا، راهنت السلطات في البداية على المركزية، وأدى رفضها منح الموافقة على الاستخدام الطارئ للقاحات من الخارج إلى نقص في اللقاحات على مستوى البلاد بحلول منتصف نيسان (أبريل). وعند هذه النقطة فقط، فوضت الحكومة طرح اللقاحات إلى حكومات الولايات والمستشفيات العامة والخاصة، وسمحت باستيراد اللقاحات المعتمدة من قبل الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وروسيا، واليابان. حتى آنذاك فشلت الحكومة المركزية في توزيع اللقاحات بشكل عادل على الولايات المختلفة، ما أسفر عن نقص اللقاحات في بعض الولايات الأشد تضررا "مثل ولايتي ماهاراشترا وكيرالا اللتين تحكمهما المعارضة" مع بلوغ حالات الإصابة ذروتها.
مثل حكومة الهند، كنت أهنئ نفسي قبل الأوان بدبلوماسية اللقاحات في البلاد. وفي وقت حيث كان الهنود عاجزين عن الوصول إلى اللقاحات التي ربما كانت لتحميهم، لم يكن برنامج "اللقاح ماريتي" الذي اعتمدته الهند ذكيا، بل كان متغطرسا. يتعين على القيادات العالمية أن تبدأ من الداخل، والداخل اليوم هو بلد حيث أصبحت المشارح، والمقابر، ومحارق الجثث عاجزة عن استيعاب المزيد.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكت ،2021.
إنشرها