نظرة ثاقبة
لخص ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في الحوار الذي أجراه الزميل عبدالله المديفر، وبشفافية، التحدي الكبير الذي كانت تواجهه المملكة عندما تولى الملك سلمان بن عبدالعزيز، مقاليد الحكم عام 2015، بعدم وجود مركز الدولة في السلطة التنفيذية، فلا تصنع الاستراتيجية ولا السياسات، والميزانية كذلك لا تعد في مركز الدولة، فهي متروكة للسلطة التنفيذية من وزارات ومؤسسات متعددة.
هذا الواقع هو ما كنا نلمس نتائجه في عدم القدرة على النهوض وإيجاد حلول لملفات تتضخم بمرور الزمن من قضايا تهم المواطن بشكل مباشر، مثل الإسكان والبطالة، إلى هدف استراتيجي كبير، كتنويع مصادر الدخل الذي كان حاضرا في خطط التنمية السابقة. وكان من المشاهد في تلك الفترة وما قبلها، أن الأجهزة الحكومية تعمل وكأنها جزر منعزلة عن بعضها بعضا، بل أحيانا تتصادم ليعوق بعضها عمل بعضها الآخر، فالوزير أو المسؤول يحرص على حدود صلاحيات الجهاز الذي يديره حتى لو كان على حساب المصلحة العامة، والمواطن البسيط لمس ذلك في مختلف احتياجات تتقاطع فيها صلاحيات جهات حكومية مختلفة، وقد يتذكر البعض أن الحديث عن غياب التنسيق بين الأجهزة الحكومية كان سائدا.
ومن أبرز الأسئلة الكثيرة، التي تتداول وتطرح في تلك الفترة، وأجاب عنها الأمير محمد بن سلمان، هي أسباب عدم القدرة على حل مشكلة الإسكان، رغم وجود مبلغ ضخم "250 مليار ريال" لحلها، مخصص لها في عهد الملك عبدالله - رحمه الله -.
لا شك أن الوضع تغير الآن، وأصبحت الأجهزة الحكومية تعمل بتناغم أكبر بكثير عن السابق، ولا شك أيضا أن هذا استلزم جهودا إدارية كبيرة، وعملا دؤوبا من خلال برامج "رؤية 2030"، التي يقودها ويشرف عليها ولي العهد. وفي إشارة الأمير محمد بن سلمان، لها كتحد كبير، إدراك متقدم بأهمية التغلب على هذا التحدي، الذي كان معوقا وسببا للتعثر وفوات فرص تنموية، بل تضخم بعض الملفات بمرور الزمن.
حمل لقاء ولي العهد، تطمينات للمواطن بخصوص مستقبل ضريبة القيمة المضافة، والأسباب التي دعت إلى رفعها لـ15 في المائة، وتطمينات للقطاع الخاص أيضا، الذي يراهن عليه مع توجهه للخصخصة، وهي فرص لهذا القطاع وتحد أيضا يستلزم الحرص على كفاءة الإدارة وجودتها لتقديم الخدمات وفتح فرص العمل للمواطنين والمواطنات، خاصة والمبشرات زيادة إنفاق صندوق الاستثمارات العامة لمبلغ ضخم "160 مليارا" داخل المملكة، هذا العام.