تغير المناخ وجغرافيته السياسية «2 من 2»
يتطلب التحول الأخضر ذاته توافر مواد خام نادرة، يتركز بعضها في دول أظهرت بالفعل الاستعداد لاستخدام الموارد الطبيعية كأدوات في السياسة الخارجية. ومن الأهمية بمكان معالجة هذا الضعف المتنامي بطريقتين: إعادة تدوير مزيد من هذه الموارد الرئيسة، وتشكيل تحالفات أوسع مع الدول المصدرة.
علاوة على ذلك، ما دامت تعهدات دول أخرى بشأن المناخ غير متكافئة مع تعهداتنا، فسيظل خطر التسرب الكربوني قائما. لهذا السبب، يعكف الاتحاد الأوروبي على ابتكار آلية تعديل للحدود الكربونية. ونحن نعلم أن بعض الدول، حتى بين حلفائنا، قلقة إزاء هذا الأمر. لكن يجب أن نكون واضحين: فليس المقصود من تحديد سعر للسلع المستوردة كثيفة الاستخدام للكربون أن يكون أداة عقابية أو وسيلة لفرض تدابير الحماية.
إضافة إلى ضمان امتثال خططنا لقواعد منظمة التجارة العالمية، سنعمل مع شركائنا الدوليين في وقت مبكر لشرح وتوضيح ما يدور في أذهاننا. ويتلخص هدفنا في تسهيل التعاون ومساعدة الآخرين على الوصول إلى أهدافهم المناخية. ونأمل أن تعمل آلية تعديل الحدود الكربونية على إطلاق سباق إلى القمة.
رغم أن التحول الأخضر من شأنه أن يجعل الاقتصادات أكثر استدامة وقدرة على الصمود، فإنه لا يأذن تلقائيا بقدوم عالم أقل انخراطا في الصراع أو المنافسة الجيوسياسية. ويتعين على الاتحاد الأوروبي، الذي لن يستسلم لأي أوهام أن يعكف على تحليل تأثير سياساته عبر مناطق مختلفة، مدركا العواقب المحتملة ومخططا للمخاطر المتوقعة.
على سبيل المثال، في القطب الشمالي، حيث ترتفع درجات الحرارة بسرعة أكبر مرتين من المتوسط العالمي، تحاول روسيا والصين وغيرهما إنشاء موطئ قدم جيوسياسي بالفعل فوق الأراضي والموارد التي كانت تحت الجليد ذات يوم. ورغم أن كل هذه القوى لديها مصلحة قوية في الحد من التوترات والإبقاء على القطب الشمالي في القطب الشمالي، فإن التدافع الحالي لاكتساب وضع الأفضلية يعرض المنطقة بالكامل للخطر.
في الجنوب الأوروبي، يتوافر قدر هائل من الإمكانات لتوليد الطاقة من الطاقة الشمسية والهيدروجين الأخضر، وإنشاء نماذج نمو مستدامة جديدة تعتمد على الطاقة المتجددة. ويجب على أوروبا أن تتعاون بشكل وثيق مع دول منطقة جنوب الصحراء الكبرى في إفريقيا وأماكن أخرى لاغتنام هذه الفرص.
شرع الاتحاد الأوروبي في التحول الأخضر، لأن العلم ينبئنا أننا يجب علينا أن نفعل ذلك، ويعلمنا الاقتصاد أننا ينبغي لنا أن نفعل ذلك، وتثبت لنا التكنولوجيا أننا قادرون على القيام بذلك. نحن مقتنعون أن العالم الذي تديره التكنولوجيا النظيفة من شأنه أن يعود بالفائدة على رفاهية الناس والاستقرار السياسي. لكن الطريق إلى هناك ستكون محفوفة بالمخاطر والعقبات.
لهذا السبب، يتعين علينا أن نسترشد بالجغرافيا السياسية لتغير المناخ في كل تفكيرنا. المخاطر الجيوسياسية ليست عذرا لتغيير مسارنا أو عكس اتجاهنا. بل يجب أن تكون حافزا لتسريع عملنا نحو انتقال عادل للجميع. وكلما أسرعنا في ضمان توافر وإتاحة المنافع العامة العالمية للجميع كان ذلك أفضل.
خاص بـ "الاقتصادية"
بروجيكت سنديكيت، 2021.