Author

المخلوقات تقود العلم

|

حين ننظر إلى كثير من الاختراعات العلمية والاكتشافات الحديثة نظن للوهلة الأولى أنها من إبداعات العقل البشري، ولكن الحقيقة غير ذلك إذ يشير كثير من التقارير العلمية إلى أن الإنسان استفاد من المخلوقات كالحيوانات والطيور والزواحف والحشرات والنباتات وغيرها، لدرجة أنه استحدث تخصصا سمي "التقليد الحيوي" يعنى بتقليد الكائنات الحية وتتبع إمكاناتها وقدراتها والاستفادة منها في إيجاد نماذج صناعية وتكنولوجية. وبالطبع يلزم لذلك حسابات رياضية دقيقة وأجهزة حواسيب عالية الدقة ومعامل ومختبرات متطورة. خذ مثلا طائرة الهليكوبتر فقد كان أساس اكتشافها مبنيا على مشاهد حشرة اليعسوب وتم تصميم الطائرة كتقليد متقن لليعسوب وقدرتها الفائقة على المناورة وآلية طيرانها المعقدة، حيث يمكنها التوقف فجأة ثم الطيران في الاتجاه المعاكس. وكذلك إمكانية بقائها معلقة في الهواء بسبب طبيعة حركة أجنحتها وطبيعة تصميم أغشيتها الأيروديناميكي. الطيور هي الأخرى تعد نبراسا في صنع الطائرات فهي لا تختلف في أشكالها وألوانها فحسب بل في أسلوب طيرانها، ويشمل ذلك الإقلاع والهبوط. منها ما يطير مباشرة ومنها ما يكون إقلاعه تدريجيا. وقد أظهرت الدراسات العلمية أن سبب إمكانية بقاء الطيور في الجو لفترات طويلة يعود إلى التصميم الهندسي البديع الموجود تحت جناحي الطائر، فالقسم الخلفي ينثني للأسفل قليلا ويصطدم الهواء المار من أسفل الجناح بهذا الانثناء ويتكاتف وبهذا يرتفع الطائر إلى أعلى. وقوة الرفع تحت الجناحين تكفي لتعلق الطائر في الجو. إن أكمل أنظمة الطيران موجودة في جسم كل طائر "أو لم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن ما يمسكهن إلا الرحمن إنه بكل شي بصير). ومما حير العلماء قدرة بعض الحرشفيات مثل الوزغ على تسلق الأسطح الملساء دون الانزلاق إلى الأسفل، واتضح أن ذلك عائد إلى وجود شرائح في باطن القدم تحوي شعيرات متناهية الدقة، حينها سعى العلماء إلى استنساخ هذه التقنية المدهشة على الروبوتات لتتمكن من تنظيف الواجهات الزجاجية الملساء للمباني العملاقة، بل عكفوا على الاستفادة منها في مجال حماية النباتات والمحاصيل، وذلك برشها بمادة تغير من بنية أسطح الأوراق ليصعب على الحشرات الضارة تسلقها. منقار طائر الرفراف ألهم اليابانيين إعادة تصميم مقدمة القطار السريع لتفادي الصوت العنيف المصاحب لخروج القطار من النفق، والقائمة لا تنتهي فسبحان الله أحسن الخالقين.

إنشرها