Author

المعرفة الرقمية في برامج التعليم الأساسي

|
الكل يسلم بأن العالم الرقمي هو عالم المعرفة في هذا العصر الذي نعيشه، بل أستطيع القول إن العالم الرقمي بدأ يقود العالم ويأخذه إلى عالم واسع الأرجاء، بمعنى أن الناس يتقدمون بنهم نحو المعرفة الرقمية. وطالما أن الطلب على المعرفة الرقمية يتزايد بشكل كبير في كل أنحاء العالم، فإن المطلوب من وزارة الثقافة أن تشجع المؤلفين على إصدار الكتب ونشر البحوث والدراسات عن هذا العالم الذي أضحى يتصدر ثقافات المجتمعات، وأصبح الشغل الشاغل لدى عامة الناس.
وأؤكد أن الثقافة باتجاه المعرفة الرقمية يجب أن ترقى إلى مستوى التعليم المنظم في المدارس والجامعات، لأن العالم الرقمي لم يعد مجموعة ألعاب وأحاجي للتسلية، بل أصبح مجموعة معارف في علوم الاقتصاد، والسياسة، والإدارة، والطب، والهندسة، بل أصبح هو مفتاح الدخول والوصول إلى المعرفة الإنسانية في جميع مجالات الحياة.
إن العصر الاصطناعي يدق كل الأبواب ويطالب الجميع بضرورة فتح الأبواب أمام تعليم وتدريس العلوم الرقمية، وبين يدي كتاب بعنوان: "التربية في الحقبة الرقمية" للكاتبة الأمريكية ميندي ماكنايت، يهدف الكتاب إلى تعليم الآباء والأمهات كيفية التعامل بشكل منطقي ومدروس مع العالم الرقمي، وتؤكد مؤلفته ضرورة أن يصبح كل الأهالي رقميين، ومن دون مواربة تعلن ماكنايت التي صارت من أشهر النساء على مواقع التواصل الاجتماعي حيث بلغ متابعوها على قنوات "يوتيوب" أكثر من 23 مليون متابع وتقول: إن التربية في القرن الـ 21 بحاجة ماسة إلى كتاب يعلم ويدرس الناس المعرفة الرقمية، وتقدم المؤلفة نفسها إلى القارئ على أنها من الجيل الذي آلى على نفسه أن يبني جسرا بين العالم ما قبل الرقمي، والعالم الرقمي.
ومن ناحية أخرى بين يدي كتاب بعنوان: "الإعلام الرقمي الجديد .. البيئة والوسائل" للدكتور محمود علم الدين، وجاء في مقدمة المؤلف أن الدراسة التي أعدتها دائرة الإعلام في شركة إبسوس للأبحاث والدراسات في 2013، أظهرت أن المواطن العربي يقضي ما يناهز ثماني ساعات يوميا في متابعة وسائل الإعلام واستخدام الهاتف المتنقل، إضافة إلى الإنترنت وألعاب الفيديو، وأظهرت نتائج الدراسة أن 32 في المائة من العرب هم من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، وأن 96 في المائة من المواقع التي يتعامل معها العرب هي مواقع أجنبية، و4 في المائة فقط هي مواقع عربية.
وقد أدركت المؤسسات الصحافية في عالمنا العربي أن القارئ العربي أصبح رقميا يتوغل في قراءاته ومتابعاته في كل منصات شبكات التواصل الاجتماعي، وعلى الصحف التي تبحث عن القارئ أن تتحول إلى الرقمنة، وأن تسعى إلى الإعلام الرقمي وتتفاعل مع القراء رقميا، وإذا لم تفعل ذلك فإن القراء يهجرونها وينصرفون عنها.
ونؤكد أن العصر الاصطناعي بدأ يشدد قبضته على شؤون الحياة بكل التفاصيل التي نعيشها، وأصبحت التطبيقات الرقمية وسيلة من أهم وسائل التعامل في كل مجالات الحياة. وتناول هذا الموضوع يوسف الحمادي مدير العلاقات العامة والإعلام في مؤسسة مسك الخيرية، فقال: إن النقاش حول التقنيات والمفاهيم التي غيرت خريطة الإعلام بات أمرا ضروريا وحتميا لنجاح واستمرار المؤسسات الصحافية، واستشهد الحمادي بنمو الحلول الذكية في القطاع الإعلامي، خصوصا ما بين المؤسسات والجمهور، ويرى الحمادي أن التطبيقات باتت سلوكا عاما في كل مكان من العالم، وأكبر دليل على ذلك "نتفليكس" و"يوتيوب"، التي ستصل لأبعد من ذلك بكثير، ولفت الحمادي إلى أن الذكاء الاصطناعي وجد طريقه إلى صناعة الإعلام في الأعوام القليلة الماضية، ومنذ ذلك الحين تضاعفت أعداد التطبيقات الهادفة إلى تحسين المحتوى الإعلامي، وأصبحت منتشرة في كثير من صحف العلم.
وقد تبدلت قواعد التسويق الإعلامي من المباشرة في إعلانات التليفزيون والراديو إلى الذكي الممتع، اليوم ممكن لأي شخص نشر فيديو إعلاني دون المرور بقنوات التليفزيون، كما أصبحت التنافسية عالية فيما يخص المحتوى والصورة التي يقدمها الإعلان في كل وسائل الإعلام.
وفي هذا الصدد، فإن كثيرا من الفنانين يشيدون بالأدوار الإيجابية التي يقوم بها الإعلام الرقمي، وتقول الفنانة أنغام: إن المنصات الرقمية تخدم الفن، وعلى الفنان أن يستخدم ذكاءه في تطويع وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت سببا في اكتشاف كثير من الفنانين في وقت تراجعت فيه القنوات التقليدية عن هذا الدور، ونوهت أنغام بأن الفنان بات يكلف مكتبا إعلاميا لينتج محتوى خاصا بالفنان على مواقع التواصل الاجتماعي.
والخلاصة أن المعرفة الرقمية باتت هي الأداة الفاعلة التي تقوم بعملية تطوير جميع العلوم الإنسانية والطبيعية من أجل الارتقاء بالإنسان، وحل مشكلاته التي باتت تهدد وجوده فوق كوكب الأرض، ولذلك فإن المعرفة الرقمية هي الآلية الخضراء التي يراهن عليها الأمير محمد بن سلمان لإنقاذ العالم من التصحر وتهديد الحياة فوق كوكب الأرض، وهي لذلك تستحق أن تكون في صلب برامج التعليم الأساسي في مدارسنا السعودية.
إنشرها