Author

يوم الأم

|
أبدأ بترسيخ قناعة عندي، ومن هم على شاكلتي ممن تربوا على مفاهيم مختلفة وفي زمن مختلف يرفض التقليد الأعمى، خصوصا ذلك الذي يأتي وقد سبقته ثقافتنا وديننا إلى ما هو أسمى منه. هذا الأمر يفتح مجموعة من المحاور لمناقشة المستجدات عموما، وما يوجد من نتائج تتبنى محاولة إصلاح الأخطاء والابتعاد عن تجريم لثقافتنا ينتشر هذه الأيام في مواقع ومنتديات عديدة.
لا يمكن أن يجد شخص ثقافة أعطت الوالدين، والأم - بالذات - ما منحتها إياه شريعتنا الإسلامية، فحتى كلمة "أف" مرفوضة عند التعامل مع الوالدين وإن كانا على غير دين الإسلام. لا يمكن أن تجد ثقافة تضع الأم كأهم إنسان في الكون. إذن، فنحن بصدد البحث عن سبب لاحتفال ثقافات معينة بهذا اليوم بالذات.
معلوم أن الأم والأب في الغرب يصبحان أعداء الأبناء في مرحلة معينة، تبدأ عادة بعد أن يصل الابن "البنت" إلى مرحلة المراهقة، حيث يشعر بالحاجة إلى التحرر من القيود الاجتماعية، ويصبح الأبوان رمز تلك القيود. ما يحدث في الغرب عموما - منذ زمن غير قصير - هو حرب أجيال تبدأ من البيت ثم تستمر لتصبح جزءا من الفكر العام السائد. هنا يمكن البحث في الدور الأهم للعملية التربوية، والتذكير بأن هناك تراتبية إيجابية وليست سلبية كما يعتقد كثيرون هناك.
يدرك الآباء ما يمثله المكون الأبوي بعد أن يصبحوا هم ضحايا للفكر الذي كانوا يتبنونه. لكن ذلك لا يمنعهم من استمرار الإساءة إلى ذويهم، بحكم استمرار الأبناء في جحودهم. هنا أذكر أن الدور الأبوي في الغرب محكوم بقوانين ملزمة جعلت الوالدين قاصرين عن أداء مهامهما بالشكل الصحيح.
في المقابل، أتذكر ما تبنته مجتمعاتنا من وسائل تربوية حازمة في الأزمان الماضية، وما نتج عنها من تماسك اجتماعي قوامه الاحترام الذي ينتج عن التعامل المقنن بين مكونات الأسرة، والقناعة الراسخة عند الأبناء بطهارة وسمو والديهم، مهما بدا أن العكس حقيقي.
ما أوجدته الذاكرة المجتمعية لدينا هو حالة من الانضباط التربوي المتوارث، حيث يكون لكل دوره الواضح، وتتضح مع ذلك الدور حصانة العلاقات وتوجد الحدود التي لا يمكن تجاوزها، لتبقى الأم والأب في موقع محترم مهما كبر عمرهما، ولتبقى مسؤولية حمايتهما وطاعتهما أصلا في حياة الأبناء والبنات مهما بلغ الوالدان من العمر عتيا.
إنشرها