Author

مزايا قسمة المال في الحياة بين الورثة

|
على الرغم من اهتمام الإسلام بالميراث، ووضوح التعاليم الشرعية التي تعنى بتوزيع الميراث بين الورثة بعد وفاة المورث، بالاستناد إلى القرآن الكريم، الذي يحدد أصول تطبيق الميراث بدقة ووضوح لا يقبلان اللبس، على الرغم من ذلك كله، إلا أن نار النزاعات تشب بين الأشقاء والأقارب بسبب التركة، لتصل إلى الإيذاء النفسي والعنف الجسدي وقطيعة الأرحام الدائمة وتأجيل حقوق الورثة أو ضياع بعضها. وقد تصدى لهذا الموضوع فضيلة الشيخ عبدالله بن إبراهيم آل داود، من خلال دراسته القيمة الموسومة «النجاة في قسمة المال في الحياة».
ومن أسباب وقوع النزاعات بسبب التركة: (1) غياب الشفافية بين المورث وورثته، ويروي لي أحد الزملاء أنه وجميع أفراد أسرته لم يعلموا شيئا عن كثير من أنشطة والدهم المالية والتجارية إلا بعد عجزه وعدم ممارسة العمل. (2) عدم تنظيم العلاقة بين المورث وبين من يعمل معه من أبنائه أو شركائه، بما يحافظ على شركته من التفكك والتدهور بعد وفاته. (3) استمرار أحد الورثة في التصرف في المال أو الشركة بعد وفاة المورث دون تفويض من بقية الورثة. (4) التصرف باسم المورث عند إصابته بعجز أو فقدان الذاكرة أو إدخاله في التزامات مالية تقضي على ممتلكاته أو بعضها. (5) تولي التركة شخص قليل الحكمة والخبرة. (6) محاولة أحد الورثة إخفاء بعض الوثائق والصكوك والأوراق المالية. (7) كثير من الخلافات ينشأ حول تقسيم الأسهم لتأخر بعض البنوك في تصفية حسابات المورث. (8) بعض الأفكار الخاطئة في الميراث والعادات والتقاليد البالية في بعض المناطق تتسبب في نشوء الخلافات التي تصل إلى القتل أو القطيعة أو حرمان الإناث من الإرث.
ومن المؤكد أن تأجيل تقسيم التركة، خاصة في حالة الأثرياء الذين تتنوع أنشطتهم المالية والتجارية يؤدي إلى نتائج وخيمة على الاقتصاد وأفراد الأسرة، ومنها: (1) انهيار الشركات العائلية الكبرى تترتب عليه أضرار على الاقتصاد، ويتسبب في تسريح الموظفين العاملين في الشركة وفقدان حقوق المساهمين. (2) نسمع كثيرا عن أن بعض حالات العجز والقصور العقلي لرب المال تشعل شرارة التنازع في الولاية أو التطاول على المال. (3) ارتكاب الحماقات، فبين حين وآخر نسمع عن بعض المآسي التي تحدث بين الأشقاء وتنتهي بالقتل أو الإيذاء النفسي أو الجسدي لأحد أفراد الأسرة. (4) في حالة اللجوء إلى المحاكم لتوزيع التركة يحدث كثير من الآثار السلبية، منها: فقدان جزء من التركة بما يقدر بنحو 20 في المائة لصعوبة تصريف التركات الكبيرة في وقت وجيز، إما لضعف السوق أو قلة القادرين على شراء الممتلكات الكبيرة، إضافة إلى ارتفاع التكاليف الأخرى، مثل أجور القائمين على التصفية، والمحامين، والحارس القضائي، والمقيمين، والوسطاء، والمحاسبين، وتكلفة المزادات، ونحوها التي تستنزف نسبة إضافية تقدر بنحو 15 في المائة. وبناء عليه، فإن أكثر من ثلث التركة يهدر بسبب التصفية العاجلة وتكاليف القائمين عليها! لذلك فمن الأفضل توزيع التركة بين الورثة بالتراضي دون اللجوء إلى المحاكم إلا لتوثيق الصكوك ونحوها.
يقابل ذلك، فإن تقسيم المال في الحياة، أي قبل الموت، يعجل بالإحسان إلى الأهل والأقارب والشفقة عليهم وإعانتهم على تكاليف الحياة، إضافة إلى وقايتهم من الشقاق والفتن والبغضاء بعد وفاة المورث.
لذلك ينصح كثير من القضاة والمحامين أصحاب الأموال أن يحرصوا على توزيع المال على الورثة المستحقين قبل الوفاة وإقرارهم على ذلك منعا للخلافات بعد الوفاة، وفي حالة تعدد الشركات، ينصح بالعمل على جمع الشركات المتنوعة في شركة قابضة وتوزيع حصصها بين الورثة بصورة عادلة، وذلك حفاظا على الوقت الذي قد يهدر في إجراءات التصفية، ومنعا لفقدان جزء كبير من التركة في عمليات التصفية وأجور القائمين عليها، وأهم من ذلك الحفاظ على الأسرة من تمزق صلات الرحم، وشحناء النفوس.
إنشرها