Author

العودة إلى مشروع خصخصة الأندية الرياضية

|
إن مساهمة الأندية في بناء الاقتصاد الوطني ضرورة ملحة، ويجب أن تسهم الرياضة في بناء الاقتصاد الوطني، ولا يصح أن يكون هذا النشاط الرياضي بحجمه المالي والاجتماعي الضخم خارج منظومة الاقتصاد الوطني، ولكي تكون الرياضة جزءا لا يتجزأ من النظام الاقتصادي الوطني، فإن تطبيق نظام الخصخصة هو المشروع الأمثل كي تسهم الأندية في بناء النظام الاقتصادي الوطني.
والواقع أن مشروع خصخصة الأندية من المشاريع الاقتصادية التي سيعاد طرحها بقوة كأداة من أدوات النهوض بالأندية السعودية والوصول إلى العالمية، وهو هدف استراتيجي توليه حكومتنا اهتماما بالغا، حيث إن المملكة لم تعد دولة بسيطة في منظومة دول الشرق الأوسط، بل أصبحت دولة تصطف مع كبرى دول العالم في كثير من المجالات، ولا ننسى أن المملكة عضو مؤسس في مجموعة العشرين التي تضم أقوى دول العالم، كذلك لا ننسى أن المملكة نظمت في العام الماضي مؤتمرا لمجموعة العشرين وتولت قيادة العالم في مناسبة من أهم المؤتمرات العالمية، ومن الرياض صدرت عدة قرارات تعالج بعض المشكلات التي كان يعانيها العالم.
ولذلك فإنني أتوقع أن يعاد طرح مشروع خصخصة الأندية السعودية من خلال خطة استراتيجية متكاملة تستهدف النهوض بالأندية إلى العالمية، وتكثيف اللعب مع أكبر الأندية في ميادين المملكة المتحدة، وإيطاليا، وإسبانيا، وألمانيا، والبرازيل، وغير هؤلاء من كبار الأندية في العالم.
لقد أقرت مجموعة العشرين التي اجتمعت في واشنطن في نوفمبر 2008 "والمملكة عضو مؤسس فيها" ضرورة المضي قدما في تطبيق الخصخصة كأداة من أدوات زيادة النمو في مؤسسات النظام الرأسمالي الحديث. ولذلك يعد مشروع خصخصة الأندية في المملكة تابعا من توابع الخصخصة الاقتصادية التي أخذت تشكل عنوانا كبيرا من عناوين النظام الاقتصادي الدولي الجديد، بل أكثر من ذلك فإن الخصخصة خيار استراتيجي من خيارات منظمة التجارة العالمية التي أكدت أن الخصخصة شرط رئيس من شروط الانضمام إلى المنظمة، وذلك انطلاقا من أن القطاع الخاص ركن أساسي في نظام السوق، وهو السبيل الأمثل للوصول إلى الأهداف وتحقيق النجاح والأرباح.
والحقيقة أن الخصخصة لا تعني أن تبتعد الحكومة نهائيا عن الأندية وتسلمها للقطاع الخاص، وإنما تعني أيضا أن تحتفظ الحكومة بمسؤولية التخطيط الاستراتيجي للأندية وتوفير حماية مناخ الاستثمار، وتقرر السياسة العامة وتضع الأنظمة وتراقب سير الأندية في مجالات الخصخصة المختلفة.
ولا بد من القول إن إدارة الأندية تختلف جذريا عن إدارة الشركات، فهذا مجال لرجال الأعمال، وذاك مجال لرجال الرياضة ورجال الأعمال، فبينما يسعى رجال الأعمال إلى تحقيق الربح، فإن رجال الرياضة يسعون إلى تحقيق البطولات والربح معا، يعد التسويق الجزء الأساسي في منظومة الخصخصة، وهي الوظيفة الرئيسة لأي منظمة، وزاد الاهتمام في الآونة الأخيرة بدراسة وتطبيق المفاهيم التسويقية في معظم المنظمات، وبالذات في مجال الأندية والمنتجات الرياضية، ولذلك عنيت المؤسسات والهيئات والأندية بإنشاء إدارات للتسويق لكي تتولى تطوير المفهوم الجديد للتسويق وبالذات في الخدمات التي تقدمها الأندية.
ولعل المنحنى الذي أخذه التسويق في عصر جائحة كورونا وما بعدها، وهو ممارسة العمل التجاري عن بعد، ومن خلال مولات العصر الإلكتروني.. يؤكد أن التسويق حقق تقدما كبيرا على صعيد أسواق السماوات المفتوحة أو أسواق الإنترنت، ولا شك أن الهبوط الهائل في التجارة التقليدية والارتفاع الكبير في المتاجرة عبر الإنترنت، يؤكد أن التسويق أخذ منحنى مغايرا عن التسويق التقليدي الذي سجل تراجعات كبيرة في عالم التجارة الدولية.
إن العالم يعيش مرحلة من أهم مراحل إعادة بناء نظرية التسويق، ومعنى ذلك أن التسويق هو بمنزلة تحديد وتنشيط وإشباع الطلب على الخدمات التي تقدمها الأندية، والتسويق بهذا المعنى له بعدان أحدهما رياضي، والثاني اقتصادي على اعتبار أن تقديم الخدمات يمثل الجانب الاقتصادي، بينما حاجات العملاء داخل المجتمع تمثل الجانب الاجتماعي الرياضي. ونرى أنه بإمكان الأندية ــ بعد خصخصتها ــ أن تحقق نتائج أفضل من خلال إعادة هندسة عمليات التسويق بالاستناد إلى مبادئ الكفاءة الفعالة والتوسع في استخدام تقنية المعلومات، وخلال الأعوام القليلة الماضية حققت أنديتنا كثيرا من النجاحات على طريق الخصخصة، ولذلك بعد خصخصتها فإنها يجب أن تكون على درجة عالية من الجدارة في مجال التسويق والتكنولوجيا معا، إنني أتوقع نجاحا ملحوظا لمشروع خصخصة الأندية بعد أن تم تجهيز الأندية للدخول في مشروع الخصخصة.
إنشرها