نظرية بلع الفطائر

تعد متلازمة البقاء على الكرسي من الأمراض الإدارية التي تنخر المؤسسات والمنظومات الإدارية، وتزداد المعاناة عندما يوجد غير المؤهل والكفؤ في المنصب. وهنا يبرز التساؤل في كيفية بقاء هذه الفئة دون أن تمر رياح التغيير؟
ذات يوم قال لي صديقي المتذمر من بقاء زميله في المنصب لعدة أعوام، رغم وجود عدد كبير من الكفاءات المتميزة التي تستحق أن تتولى دفة القيادة. مضيفا أنه لا يمتلك كاريزما قيادية ويتحاشى المواجهات بالعمل وفوق كل ذلك فهو يقوم بتسيير الأعمال على الحد الأدنى دون أي توهج وإبداع. لذا بادرته بالسؤال الطبيعي، كيف بقي في هذا المنصب رغم سوء إدارته؟ فرد ضاحكا، ببساطة هو يطبق نظرية بلع الفطائر!
يقول صديقي إن زميله في الاجتماعات سواء على مستوى الإدارة أو مع الإدارات العليا لا يتحدث ولا يعلق ويكتفي ببلع الفطائر التي وضعت على طاولة الاجتماعات! إن صمته ينجيه من ظهور عيوبه ويشعر الآخرين بالغموض تجاه شخصيته وهو بهذا الأسلوب يعطي انطباعا آخر. ربما يمارس مقولة لقمان الحكيم لولده "يا بني إذا افتخر الناس بحسن كلامهم، فافتخر أنت بحسن صمتك".
لقد وضعت الاجتماعات لتبادل الخبرات بين الحضور لتقديم أحدث وأوضح المعلومات، وأيضا لإعطاء الفرصة للجميع للمشاركة في اتخاذ القرارات وبالتالي الحماس لتنفيذها ولتكريس روح فريق العمل. والصمت في مثل هذه الاجتماعات التي تتطلب الرأي والمشورة هو نكوص إداري ومراوغة جبانة للبقاء على الكرسي حتى لا ينكشف أمام الآخرين.
هذا يعيدنا إلى أهمية فن إدارة طاولة الاجتماعات الخالية تماما إلا من أجندة الاجتماع والماء. وأن تكون المشاركات متوزعة على الجميع. بالمختصر مدير صديقي مارس بقاءه على الكرسي لأعوام معتمدا على الفطائر، فهل تضمن الحلويات والمفاطيح بقاء الآخرين!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي