أخبار اقتصادية- عالمية

المديرة الجديدة لمنظمة التجارة تواجه "قنبلة تربس" في أول يوم من توليها

المديرة الجديدة لمنظمة التجارة تواجه "قنبلة تربس" في أول يوم من توليها

اتفاق "تربس" يؤطر نظام الملكية الفكرية من حيث الابتكار ونقل التقنية والرفاه العام.

في اليوم، الذي تبدأ فيه ولايتها كمديرة جديدة لمنظمة التجارة العالمية، ستكون أوكونجو إيويالا، صباح غد الموافق 1 آذار (مارس)، على رأس اجتماع لمجلس "تربس" وأمامها ورقة مقدمة من الهند وجنوب إفريقيا تصب ماء باردا على نهج محادثات المنظمة. الورقة تدعو للتنازل عن حقوق الملكية الفكرية وتبادل الآراء حول دور الملكية الفكرية في مواجهة كوفيد-19.
قد يكون من المغري أن تسمى الورقة المدعومة من عدد كبير من الدول نامية والأقل نموا بـ"القنبلة"، التي ستنفجر غدا الإثنين، لكن الأمر ليس كذلك حتى الآن. مع ذلك، يشير مضمون الورقة إلى رحلة صعبة لطموحات أول امرأة وأول إفريقية في "دفع مفاوضات المنظمة" إلى الأمام، حسبما قالت في اجتماع للمجلس العام في 15 شباط (فبراير) عندما تم استدعاؤها خصيصاً لتأكيد تعيينها.
اتفاق منظمة التجارة بشأن حقوق الملكية الفكرية المتصلة بالتجارة "تربس"، الذي تحاول الهند وجنوب إفريقيا مس نصه، هو أشمل اتفاق متعدد الأطراف بشأن الملكية الفكرية، ويؤدي دورا محوريا في تيسير التجارة في المعرفة والإبداع، وحل المنازعات التجارية بشأن الملكية الفكرية، وضمان حرية الأعضاء لتحقيق أهدافهم في مجال السياسة الداخلية. الاتفاق يؤطر نظام الملكية الفكرية من حيث الابتكار ونقل التقنية والرفاه العام. وهو اعتراف قانوني بأهمية الروابط بين الملكية الفكرية والتجارة والحاجة إلى نظام متوازن للملكية الفكرية.
ومن أجل تليين الورقة قبل طرحها على اجتماع المجلس العام للمنظمة- أعلى هيئة لصنع القرار في منظمة التجارة خارج المؤتمرات الوزارية- ناقش الأعضاء في اجتماع رسمي لمجلس "تربس"، المقترح الذي يدعو إلى: "التنازل مؤقتا عن بعض الالتزامات المتعلقة بجوانب حقوق الملكية الفكرية المتصلة بالتجارة استجابة لظروف وباء كوفيد-19"، ويطلب "إعفاء من بعض أحكام اتفاق تريبس لمنع الوباء واحتوائه وتعزيز العلاج من مخاطره".
في حين لم يتمكن الأعضاء من التوصل إلى قرار بشأن الورقة- تم توزيعها في 19 شباط (فبراير) الجاري- وأبرزت المناقشات عددا من التفاهمات المشتركة حول دور الملكية الفكرية في ظل الوباء. وشددت الوفود أيضا على الهدف المشترك المتمثل في توفير إمكانية الحصول على لقاحات وأدوية عالية الجودة بأسعار معقولة للجميع.
على خلاف العادة، لم تشارك البرازيل كلا من الهند وجنوب إفريقيا في تقديم المقترح ولا حتى في رعايته مثلما فعلت كينيا، إسواتيني/ سوازيلاند- مملكة داخل أراضي جنوب إفريقيا-، موزامبيق، باكستان، بوليفيا، فنزويلا، منغوليا، زمبابوي، مصر، المجموعة الإفريقية (تضم كل الدول الإفريقية الأعضاء في منظمة التجارة، 40 دولة) ومجموعة أقل البلدان نموا (35 دولة).
وفي قراءة "الاقتصادية" للورقة (4 صفحات)، سيغطي التنازل المطلوب الالتزامات الواردة في أربعة أقسام من نص اتفاق "تربس"- القسم 1 المتعلق بحق المؤلف والحقوق المجاورة، والقسم الرابع المتعلق بالتصاميم الصناعية، والقسم الخامس بشأن البراءات، والقسم السابع المتعلق بحماية المعلومات غير المكشوف عنها. الورقة تدعو أيضا أن يستمر التنازل لعدد محدد من الأعوام، على أن يوافق عليه المجلس العام، حتى يتم التطعيم ضد وباء كوفيد-19 على نطاق واسع على الصعيد العالمي، وتكون أغلبية سكان العالم قد أصبحت محصنة، بعد ذلك، يستعرض الأعضاء الإعفاء سنويا إلى حين الانتهاء منه.
خلال الاجتماع، تبادلت الوفود الآراء، وطرحت أسئلة، والتمست توضيحات، وقدمت أخرى إجابات وتوضيحات ومعلومات بشأن طلب الإعفاء. خلالها، ظهرت كتلتان منقسمتان بشكل واضح- هو حال كل نقاش يتعلق بحقوق الملكية الفكرية، على وجه الخصوص.
ولم يتمكن الطرفان- الدول الراعية للمقترح والدول الصناعية المتقدمة- من التوصل إلى توافق في الآراء، بما في ذلك ما إذا كان من المناسب الانتقال إلى المفاوضات القائمة على نص اتفاق "تربس". وفي آخر المطاف، أشار الأعضاء إلى الحاجة إلى إجراء مزيد من المناقشات بشأن طلب الإعفاء لأنها يمكن أن توفر عناصر قيمة للمناقشات المقبلة، وقد تساعد الحكومات على الاستعداد لمواجهة الأوبئة في المستقبل.
ونتيجة لعدم التوافق بشأن طلب الإعفاء، اتفق الأعضاء على اعتماد تقرير شفوي عن الحالة يقدم إلى المجلس العام في اجتماعه المقبل في 1-2 آذار (مارس)، الذي سيكون أول اجتماع دوري للمجلس هذا العام، وأيضا اليوم الأول للنيجيرية، أوكونجو إيويالا، في منصبها كمديرة جديدة لمنظمة التجارة.
وشددت رئيسة الجلسة، السفيرة شوليلوا مومبي- بيتر، (جنوب إفريقيا)، على أن أهم أولوية للمجتمع العالمي هي وقف جائحة كوفيد-19، ووقف انتقالها السريع والحد من مخاطر تحورات الفيروس وعكس اتجاه الضائقة العالمية الناجمة عنه. قالت، إن هذا الهدف لا يمكن تحقيقه إلا عندما يتمكن الجميع، في كل مكان، من الوصول إلى التقنيات الصحية، التي يحتاجون إليها للكشف والوقاية والعلاج والاستجابة، الآن أصبح التعاون والتضامن الدوليان حيويين لاستعادة الأمن الصحي العالمي.
وأشارت، مومبي- بيتر، إلى البيان الذي أصدره المديرون العامون الأربعة لمنظمة التجارة في 1 شباط (فبراير)، الذي دعا إلى تعزيز التعاون الدولي، في ضمان توافر اللقاحات على الصعيد العالمي. وشجعت الأعضاء على الدخول في مناقشة صريحة وحسنة النية بشأن ما هو مطلوب لزيادة الإنتاج العالمي في هذه الأوقات غير المسبوقة من الأزمة الصحية العالمية. وحثت أعضاء المنظمة على إظهار التزامها في إتاحة إمكانية الوصول الشامل والعادل إلى المنتجات الطبية المتعلقة بالوباء ليس فقط بالقول، وإنما من خلال العمل.
عد معنيون على اطلاع بعمل منظمة التجارة العالمية الورقة، التي قدمتها الهند وجنوب إفريقيا بمنزلة أحدث نتاج لتحالف جديد بين البلدين داخل المنظمة. قالت أنه يسلط الضوء على نهاية تحالف دام عقودا بين الهند والبرازيل ضد التحركات في النظام التجاري، التي يعداها بأنها تخدم مصالح الدول الغنية والشركات الكبرى على حساب الفقراء.
في 1985-1986، قاد البلدان مجموعة من البلدان النامية، التي عارضت بدء مفاوضات جديدة أخذت اسم "جولة أوروجواي". نتيجة لذلك، تضاءلت أعداد الدول المنخرطة في هذه الجولة مع تزايد التسويات والتنازلات المقدمة للبلدان النامية، ما هدد بفشلها، في نهاية المطاف انضم البلدان إلى توافق الآراء.
ومنذ إنشاء منظمة التجارة من جولة أوروجواي في 1995، سعت الهند والبرازيل مرارا وتكرارا إلى تحقيق مزيد من المرونة في قواعد الملكية الفكرية للمنظمة. لكن في الآونة الأخيرة، كسرت البرازيل، التي أصبحت الآن عضوا في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، تحالفها مع الهند. لم تحجم البرازيل عن مشاركة الهند وجنوب إفريقيا في إعداد المقترح، ولم ترفض رعايته، فحسب، بل إنها لم تؤيد خلال المناقشات أي تنازل عن حقوق الملكية الفكرية.
لكن، ما الخطوات التالية في حالة عدم التوصل إلى اتفاق في اجتماع الإثنين، وهو أمر مرجح جدا؟ سيكون طلب التنازل عن الملكية الفكرية، المقدم من جنوب إفريقيا والهند، على جدول أعمال الاجتماع الرسمي لمجلس "تربس" من 10 إلى 11 آذار (مارس) المقبل. إذا تكرر عدم الاتفاق، وهو أمر مرجح، سيكون المقترح على الجلسة العادية المقبلة للمجلس من الثامن إلى التاسع حزيران (يونيو) المقبل.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية