معدل فائدة السايبور أقل 12 مرة من أعلى مستوياته التاريخية في 1989
يعيش المقترضون من الأفراد والشركات حاليا في الحقبة الثانية من أدنى مستويات الفائدة السعودية خلال 32 عاما.
وبحسب تحليل وحدة التقارير في صحيفة "الاقتصادية"، استند إلى منصة "ماكرو بوند" السويدية المتخصصة باستعراض بيانات الاقتصاد الكلي، فإن الحقبة الأولى من عصر الفائدة المتدنية قد بدأت في منتصف 2009 إلى 2016، حيث استمرت لنحو سبعة أعوام، أما الثانية فقد ابتدأت من 2020، ومرجح لها أن تستمر بفعل تبعات الجائحة الاقتصادية وطريقة تعامل البنوك المركزية حول العالم معها، وذلك عبر تخفيض أسعار الفائدة.
وسجلت آجال السايبور الأربعة أعلى مستوياتها في أواخر الثمانينيات، وذلك عندما تراوحت ما بين 10.18 في المائة و11 في المائة، وفقا للبيانات التاريخية لمنصة "ماكرو بوند" السويدية.
وأظهر التحليل، أن المعدل المتوسط الحالي لفائدة السايبور يعد أقل بـ12 مرة من أعلى مستوياته التاريخية المسجلة في 1989، الأمر الذي يعني أن هذا الوقت يعد أفضل وقت للاستدانة بالفائدة الثابتة على مدى 32 عاما.
معلوم أن أعلى مستويات الفائدة السعودية خلال العشرة أعوام الماضية قد جاءت ما بين الفترة من 2016 إلى 2019، حيث يوفر القطاع المالي للسعودية حلولا مريحة للعملاء، الذين يرغبون في التحول من الفائدة المتغيرة إلى الثابتة أو العكس.
ومنذ بداية 2020، والمستدينون السعوديون والشركات يحصلون على أخبار إيجابية بنهاية كل شهر، وهم يرون مدفوعاتهم الدورية، التي تسعر بالفائدة المتغيرة، تنخفض بشكل متدرج، مقارنة بالمستويات التي كانت عليها خلال 2019.
إغلاقات شهر يناير
كشفت بيانات حديثة تباطؤ وتيرة التراجعات الشهرية للفائدة "المعروضة بين البنوك السعودية"، للشهر السادس على التوالي في أنشط سوق للقروض السكنية في منطقة الشرق الأوسط خلال العام الجاري، وجاءت التراجعات بين نقطة أساس وما دونها بنهاية شهر كانون الثاني (يناير).
وسجلت "الفائدة المعروضة بين البنوك السعودية لثلاثة أشهر"، التي تسعر معظم القروض استنادا إليها، أدنى مستوياتها منذ 64 شهرا، وذلك بحسب إغلاق السايبور الشهري عند 0.81 في المائة بنهاية الشهر الماضي، وفقا لمنصة "ماكروبوند" للبيانات المالية، حيث بات السايبور لثلاثة أشهر مقتربا من كسر حاجز 0.80 في المائة.
وسجلت جميع المراجع الأربعة التسعيرية للسايبور مستويات متدنية وأصبحت جميعها تتداول ما بين 0.93 في المائة و0.65 في المائة.
وفي الإطار ذاته، أصبحت الفائدة الصفرية تبتعد عن "سايبور الشهر الواحد" ما مقداره 65 نقطة أساس، حيث أغلق بنهاية الشهر الماضي عند 0.65 في المائة.
ويعد فائدة الشهر الواحد للسايبور أول مراجع الفائدة كسرا لحاجز 1 في المائة، بنهاية أيار (مايو) 2020، ولكن هذا المرجع التسعيري يندر استخدامه بشكل كبير في القروض، ولذلك فتأثيره محدود في المستدينين.
بينما كسر حاجز 0.90 لمؤشر فائدة ثلاثة أشهر، الذي تسعر عليه معظم القروض، التي تمت خلال آب (أغسطس) 2020، ويعد نقطة تحول إيجابية لتكاليف التمويل الخاصة بالمستدينين من أفراد وشركات.
وكان البنك المركزي السعودي "ساما" قد ضخ مع بداية حزيران (يونيو) 2020 مبلغ 50 مليار ريال لتعزيز السيولة في القطاع المصرفي وتمكينه من الاستمرار في دوره في تقديم التسهيلات الائتمانية لعملائه كافة من القطاع الخاص، بما في ذلك دور البنوك في دعم وتمويل القطاع الخاص من خلال تعديل أو إعادة هيكلة تمويلاتهم دون أي رسوم إضافية، ودعم خطط المحافظة على مستويات التوظيف في القطاع الخاص، إلى جانب الإعفاء لعدد من رسوم الخدمات البنكية الإلكترونية، وذلك انطلاقا من دورها في تفعيل السياسة النقدية وتعزيز الاستقرار المالي.
وأدى ضخ السيولة، الذي تم في حزيران (يونيو) إلى زيادة الطلب على القروض الجديدة، من قبل بعض الأنشطة الاقتصادية، وذلك مع تزامن فتح الاقتصاد السعودي.
وانعكست إجراءات البنك المركزي السعودي بشكل إيجابي على السايبور، وذلك عبر استمرار هبوطه المتواصل منذ مطلع العام الماضي.
يذكر أن فائدة الإقراض القصيرة الأجل للسعودية قد تم خفضها ثلاث مرات في 2019، بالإضافة إلى خفضين آخرين في 2020، أي أن الذي كان سيدفع للمؤسسة المالية فائدة سايبور (الخاصة بـ12 شهرا)، التي كانت مطلع 2019 عند 3.34 في المائة، أصبح يدفع عليها مع المستويات الحالية نحو 0.93 في المائة.
وتعكس تلك الانخفاضات في أسعار الفائدة منذ 2019 حتى الآن الواقع الجديد لفائدة الإقراض المتدنية في السعودية، التي أسهمت في تعزيز النمو الائتماني للقطاع الخاص والأفراد خلال الفترة الماضية.
واستندت تحليلات وحدة التقارير الاقتصادية حول حركة السايبور إلى البيانات، التي حصلت عليها من منصة "سي بوندز"، التي يستعين العاملون في أسواق الدخل الثابت بها من أجل تتبع حركة مؤشرات أسواق الائتمان العالمية، فضلا عن تقييم أداء السندات، التي يستثمرون بها.
أما بخصوص البيانات التاريخية لحركة آجال السايبور فتم الاستناد مع منصة "ماكرو بوند"، التي لديها برمجيات خاصة تمكنت على أثرها بتكوين أكبر قاعدة بيانات اقتصادية، مدعومة بأدوات تحليلية تساعد الباحثين على ربط تلك البيانات مع بعضها بعضا، وتكوين صورة شاملة عن الاقتصاد الكلي.
برنامج دعم القطاع الخاص وتكلفة التمويل
تتزامن تلك المتغيرات في أسعار الفائدة المحلية في الوقت، الذي حصلت معظم الشركات المستحقة (المؤهلة) على فترات زمنية يتم بموجبها تأجيل تحصيل المصاريف التمويلية المستحقة مستقبلا، وفق المحفزات الاقتصادية، التي أعلنها البنك المركزي السعودي في ظل جائحة كوفيد-19 التي اجتاحت الأسواق العالمية.
وأعلن "ساما" منتصف آذار (مارس) 2020 إعداد حزمة بقيمة 50 مليار ريال (13 مليار دولار) لإعانة المنشآت الصغيرة والمتوسطة على مواجهة الآثار الاقتصادية لتفشي فيروس كورونا. ويهدف التمويل إلى السماح للشركات الصغيرة والمتوسطة بتأجيل دفع مستحقات البنوك وشركات التمويل والحصول على التمويل بشروط ميسرة مع إعفاءات من تكاليف برنامج دعم ضمانات التمويل، حيث يرتبط اثنان من حزمة الإجراءات تلك بكلفة التمويل.
وتلا ذلك اعتماد "ساما" حزمة إجراءات احترازية جديدة في إطار دعم الجهود لمواجهة آثار انتشار جائحة فيروس كورونا COVID-19 على مختلف القطاعات الاقتصادية، ومتابعة تأثيره في الأسواق المالية والاقتصاد، والتي كان من ضمنها التأكيد على البنوك أهمية الالتزام بتقديم مجموعة من وسائل الدعم لعملائهم في هذا الوقت الحالي، وتمكينهم من مواجهه آثار انتشار فيروس كورونا، إلى جانب أهمية دعمهم القطاع الخاص لتخفيف آثار انخفاض التدفقات النقدية، ومنها مراجعة إعادة تقييم معدلات الفائدة والرسوم الأخرى على البطاقات الائتمانية، سواء للعملاء الحاليين أو العملاء الجدد، بما يتوافق مع انخفاض معدلات الفائدة حاليا نتيجة للأوضاع الاقتصادية.
خامس خفض لأسعار الفائدة السعودية
خفض مجلس الاحتياطي الاتحادي الأمريكي أسعار الفائدة للمرة الثانية خلال أقل من أسبوعين في شهر آذار (مارس) 2020، في خطوة استثنائية جديدة لدعم اقتصاد الولايات المتحدة وسط جائحة فيروس كورونا الآخذة بالتسارع في أنحاء العالم.
وقال البنك المركزي في بيان إنه قرر خفض النطاق المستهدف لأسعار الفائدة إلى ما بين الصفر و0.25 في المائة. وكان مجلس الاحتياطي خفض بالفعل أسعار الفائدة نصف نقطة مئوية أثناء اجتماع عاجل في الثالث من آذار (مارس)، في أول خفض خارج جدول اجتماعات السياسة العادي منذ الأزمة المالية في 2008.
وجاء رد البنك المركزي السعودي على خفض الفائدة الثاني من قبل الفيدرالي الأمريكي خلال شهر آذار (مارس) عندما خفض "ساما" معدل إعادة الشراء من 1.75 في المائة إلى 1 في المائة ومعدل إعادة الشراء المعاكس من 1.25 في المائة إلى 0.50 في المائة. ويعد ذلك خامس خفض لأسعار الفائدة السعودية خلال ثمانية أشهر.
وقبل خفض الفائدة مرتين في 2020، قام "ساما" أواخر تشرين الأول (أكتوبر) بخفض أسعار الفائدة الأساسية في أعقاب قيام مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) بخفض أسعار الفائدة للمرة الثالثة خلال 2019. معلوم أن معظم البنوك المركزية حول العالم التي تربط عملتها بالدولار، قد خفضت أسعار الفائدة المحلية لتنضم بذلك إلى دورة التيسير النقدي، التي يقودها مجلس الاحتياطي الاتحادي جنبا إلى جنب مع نظراء خليجيين.
3 مراجع لتسعير الائتمان
يعتمد القطاع المالي السعودي على ثلاثة مراجع تسعيرية، أولها وأقدمها الفائدة المعروضة بين البنوك السعودية "السايبور"، وثانيها "عقود المبادلة المقومة بالريال"، التي تستخدم لتسعير الائتمان في السوق المحلية، ويستخدم القطاع المالي هذا المؤشر في تسعير بعض عمليات الاقتراض الخاصة بالشركات، ويستخدم كذلك بدرجة نادرة "كمرجع تسعيري" مع تسعير الصكوك المحلية للقطاعين الخاص والحكومي، وثالث المراجع "عوائد الصكوك الحكومية لكل آجال الاستحقاق"، ويعد آخر مراجع التسعير للائتمان، التي ظهرت في الآونة الأخيرة.
ما السايبور؟
تستعين البنوك السعودية بمؤشر السايبور عندما تحاول الاقتراض من بعضها بعضا، والسايبور هو سعر الفائدة المعروض بين البنوك السعودية لثلاثة أشهر، وتتفاوت أسعار السايبور، وفقا لآجال الاقتراض (القصيرة الأجل)، التي قد تراوح بين شهر وعام.
وتعد أسعار السايبور بمنزلة العمود الفقري، الذي تقوم عليه قروض الأفراد والشركات، وكذلك بعض إصدارات السندات السيادية "التي تسعر بالفائدة المتغيرة" في السوق المحلية. فعلى أساسها، يتم تحديد الفوائد/ الأرباح، التي يدفعها المقترضون للبنوك.
وتتم عملية احتسابه بعد أن يقدم 15 بنكا سعر الفائدة، ويتم بعدها حذف أعلى وأقل رقمين ومن ثم ننتهي بمعدل نسبة الفائدة. وعندما ترتفع معدلات السايبور، يرتفع كذلك الهامش الربحي للبنوك، التي قدمت قروضا لعملاء بفائدة متغيرة، وحدهم العملاء الذين اختاروا الفائدة الثابتة يصبحون بمأمن من تقلبات أسعار الفائدة.
وحدة التقارير الاقتصادية